أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 3 - صـ 376

جلسة 7 من يناير سنة 1952
(142)
القضية رقم 896 سنة 21 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسني بك وإبراهيم خليل بك ومحمد أحمد غنيم ومصطفي فاضل بك المستشارين.

إثبات. تساند الأدلة الاستناد في اطراح دفاع المتهم إلى ما لا أصل له في الأوراق. فساد في الاستدلال.
الأدلة في المواد الجنائية متساندة يشد بعضها بعضاً. فإذا كان الحكم قد استند في اطراحه لدفاع المتهم، بمقولة أن المعاينة التي أجريت في الدعوى تكذبه، إلى ما لا أصل له في الأوراق - فإنه يكون مشوباً بفساد الاستدلال مما يعيبه ويستوجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بناحية كنيسة شبراطو مركز قلين مديرية الفؤادية - شرع في قتل شهديه إبراهيم ضاهر عمداً بأن أطلق عليها ثلاثة أعيرة من مسدسه الذي كان يحمله قاصداً قتلها فأحدث بها الإصابات المبينة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو إسعاف المجني عليها بالعلاج، وطلبت إلى قاضي الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 45 و46 و234/ 1 من قانون العقوبات فقرر بذلك. ومحكمة جنايات كفر الشيخ قضت عملاً بمواد الاتهام بمعاقبة عبد الحميد محمد القايش بالسجن لمدة خمس سنين. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... حيث إن مما بني عليه الطعن أن الحكم المطعون فيه اخطأ في فهم دفاع الطاعن وزميله المتهم الثاني وعلى أساس هذا الفهم الخاطئ اطرح هذا الدفاع ودان الطاعن بالشروع في القتل العمد، فقد عرض لدفاع المتهمين على اعتبار أنه يقوم على أن شخصاً يدعي عبد الرحمن حجازي كان يطلق النار عليهما وهما يهربان من مكان الحادث بعيداً عن منزل المجني عليها وفنده بأن الماديات الثابتة من المعاينة أثبتت أن إطلاق النار كان مصوباً نحو هذا المنزل مع أن الواقع أن دفاعهما قام على أن المقذوفات إنما أطلقت عليهما وهما واقفان أمام المنزل فأصابت المجني عليها ثم استقرت في حائطه مما يتفق وما ظهر من المعاينة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه إذ تعرض لدفاع الطاعن قال فيما قال: "إن المحكمة لا تقر الدفاع على ما أثاره من أن أقوال التملي محمد والسعيد عبد العزيز خطاب وعبد الجليل السيد خطاب من شأنها أن تثبت إسناد واقعة إطلاق الأعيرة النارية والشروع في القتل لعبد الرحمن حجازي محمود زوج شهدية وتظهر براءة المتهم الأول (الطاعن) منها فإن أقوال المتهمين ذاتها في تحقيقات النيابة تقطع على ضوء المشاهدات المادية التي أثبتها معاينة النيابة بفساد ما رتبه المتهمان على أقوال هؤلاء الشهود... فقد قرر المتهمان الأول والثاني بأنهما عندما كانا واقفين أمام منزل المجني عليها، رأياً عبد الرحمن حجازي حاضراً من خلفهما وفي يده المسدس فاستدارا وجريا مسرعين نحو منزلهما، فأطلق عليهما عبد الرحمن حجازي الأعيرة النارية، وكان يصوب السلاح عليهما، وفي ذلك يقول المتهم الأول: (كان يضرب جهتي لأني أدورت بعد أول عيار وبصيب خلفي وجدت عبد الرحمن يضرب ناحيتنا) ويقول محمد محمد الحفني (وبصيت ورايا لقيت عبد الرحمن حجازي جاي من ورانا عمال يضرب بمسدس كان في يده وكان بيني وبينه في الساعة دي زي عشرين متراً وبصيت لقيت شهدية تجري مقابل عبد الرحمن حجازي وتحوش بيدها وبعدها وقعت وصوتت) ومعنى ذلك أنهما يزعمان أن عبد الرحمن حجازي كان يطلق الرصاص عليهما وهما هاربان من مكان الحادث إلى البلد أي أن اتجاههما كان عكس موقع حائط واجهة منزل المجني عليها، فإذا جاءت المعاينة بما فيها من ماديات لا تكذب وقطعت بأن الأعيرة النارية كانت مصوبة إلى ناحية واجهة منزل المجني عليها الخارجية بدليل وجود التفتيش واستخراج رصاصة من أحدهما كان ذلك كافياً لتكذيب دفاع المتهمين من أساسه وهدم ما بنى عليه من محاولة إلصاق الفعل بعبد الرحمن حجازي". ولما كان يبين من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن ما ذكره الطاعن في تحقيق النيابة هو أنه كان بمحل الحادثة أمام منزل المجني عليها وأنه التفت خلفه عقب انطلاق أول مقذوف فرأى أن مطلقه هو عبد الرحمن حجازي الذي واصل إطلاق النار عليه وعلى زميله فاستدار هو (أي الطاعن) هارباً وأن المتهم الثاني محمد محمد الحفني قال إن عبد الرحمن المذكور كان يطلق النار أثناء وقوفه (أي وقوف المتهم المذكور) مع الطاعن أمام ذلك المنزل، مما مفاده أن عبد الرحمن حجازي كان يطلق المقذوفات من مسدسه على الطاعن وزميله أثناء وقوفهما أمام منزل المجني عليها، وقبل أن يستديرا هرباً في عكس هذا الاتجاه مما لا يتعارض مع ما تبين من المعاينة من وجود المقذوفات بالحائط. لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون قد استند في اطراحه لدفاع الطاعن باعتبار أن المعاينة تكذبه وزميله أثناء هربهما إلى ما لا أصل له في الأوراق. ولما كانت الأدلة في المواد الجنائية متساندة يشد بعضها بعضاً، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بفساد الاستدلال مما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه، وذلك من غير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.