أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 3 - صـ 463

جلسة 28 يناير سنة 1952
(177)
القضية رقم 1175 سنة 21 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسني بك وإبراهيم خليل بك ومحمد أحمد غنيم بك وإسماعيل مجدي بك المستشارين.

إثبات. إقرار. متى يصحا القول بعدم إمكان تجزئته؟
إن القول بعدم جواز تجزئة الإقرار محله ألا يكون في الدعوى من أدلة غيره إذ لا يسوغ لطالب الحق الذي ليس لديه الدليل عليه أن يتخذ من أقوال خصمه دليلاً على ثبوت حقه، أما إذا كانت هناك أدلة أخرى غيره فان المحكمة يكون لها أن تقضي فيها بناء على هذه الأدلة متى وثقت بها ولا يمكن بداهة أن يمنعها من ذلك ما يصدر من المدعي عليه من أقوال مركبة, ولها عندئذ أن تعتمد على ما تطمئن إليه منها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة: - 1 محمد فرغلي حسن 2 - أحمد محمد فرغلي حسن - بأنهما بدائرة بندر قنا - الأول بدد إضراراً بفتحيه عبد العال عبد الرحيم الجهاز المبين بالمحضر والذي سلم إليه على وجه الوديعة والثاني اشترك مع الأول في ارتكاب الجنحة سالفة الذكر بالاتفاق والتحريض والمساعدة فوقعت الجنحة بناء على ذلك، وطلبت عقابهما بالمادة 341 من قانون العقوبات للأول وبها وبالمادتين 40 و41 من نفس القانون للثاني. وقد ادعت فتحية عبد العال عبد الرحيم بحق مدني قبل المتهمين وطلبت القضاء لها عليهما متضامنين بمبلغ مائة جنيه بصفة تعويض. ولدى نظر الدعوى بمحكمة بندر قنا الجزئية عدلت النيابة وصف التهمة للمتهمين فجعلتها تبديد الجهاز المذكور بعد يناير سنة 1949، ثم قضت أولاً - ببراءة المتهم الأول ورفض الدعوى المدنية قبله وثانياً - بحبس المتهم الثاني شهرين مع الشغل وألزمته بأن يدفع للمدعية بالحق المدني بصفتها مبلغ 50 جنيها ًوالمصاريف المناسبة، فاستأنف المتهم الثاني (الطاعن) كما استأنفت النيابة والمدعية بالحق المدني بالنسبة للمتهمين ومحكمة قنا الابتدائية قضت بتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ


المحكمة

... حيث إن الطاعن يقول في طعنه إن الدعوى وقد رفعت عليه كشريك في تهمة التبديد وعلى والده باعتباره فاعلاً فإن الحكم ببراءة الوالد على أساس أن المجني عليها أقرت بمقتضى ورقة مكتوبة أنها تسلمت منه الجهاز المدعي بتبديده يستتبع حتماً أن يحكم ببراءته أيضاً من تهمة الاشتراك، لكن المحكمة دانته باعتباره فاعلاً دون أن تبين العقد الذي دين الطاعن على أساسه ولا يرد على ذلك ما قالته من أنه تسلم الجهاز على سبيل الوديعة، بمقتضى قائمة الجهاز، ذلك بأنه بالرغم من تحرير هذه القائمة فإن حيازة الجهاز تبقى للزوجة ما دامت الزوجية قائمة ويضيف الطاعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ إذ اخذ بشطر من اعترافه المتضمن بقاء الجهاز بمنزله الذي يسكنه مع زوجته المجني عليه بعد تحرير الإقرار وأطرحت الشطر الآخر، وهو أن أهل الزوجة استولوا عليه، إذ في تجزئة الاعتراف على هذا النحو مخالفة لقواعد الإثبات المدنية التي يجب مراعاتها في العقود الواردة بباب خيانة الأمانة، وأخيراً يقول إن الحكم جاء قاصراً، إذ لم يبين الضرر الذي بنت عليه المحكمة قضاءها بالتعويض المدني.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله:
"وحيث إنه يستخلص من سرد هذه الوقائع ومن الاطلاع على قائمة الجهاز المؤرخة في 11 سبتمبر سنة 1947 الموقع عليها من كل من المتهمين الثاني باعتباره زوجاً والأول باعتباره ضامناً لهذا الزوج يبين بأن الجهاز موضوع هذه القائمة قد أودع أمانة تحت يد المتهم الثاني بضمانة الأول - وبالاطلاع على الإقرار المؤرخ 15 مارس سنة 1949 الموقع عليه من المجني عليها تبين أن هذه المجني عليها قد أبرأت ذمة المتهم الأول من الحكم في الدعوى رقم 1046 لسنة 1948 شرعي. جزئي قنا ومن الجهاز موضوع هذه الدعوى ولا عبرة بما ادعته من أن هذا الإقرار قد وقعت عليه وهي في حالة إكراه، وإن الإكراه لم يثبت بل إن جميع شهود الإقرار وبينهم نائب عمدة البلاص وشيخ خفرائها قد شهدوا بصراحة بأنه لم يقع أي إكراه على المجني عليها بل أنها هي التي كتبت هذا الإقرار بخطها ثم وقعا عليه وفضلاً عن ذلك فإن النيابة حفظت الشكوى بهذه الجناية إدارياً صارفة النظر عنها مما يدل على عدم جديتها". أما ما يثيره الطاعن بصدد وصف التهمة فمردود بما ذكره الحكم من أن "التهمة بالنسبة لهذا المتهم حسب الوصف الذي وصفتها به النيابة بالجلسة من أنه بعد يناير سنة 1949 قد بدد جهاز المجني عليها الذي سلم له على سبيل الوديعة بقائمة الجهاز المؤرخة 11 سبتمبر سنة 1947 ثابتة ثبوتاً قاطعاً". لما كان ذلك وكانت المحكمة قد استخلصت في حدود سلطتها من الوقائع التي أوردتها، ومن الاطلاع على قائمة الجهاز، أن الأمتعة كانت تحت يد الزوج في منزله على سبيل الوديعة وكان ما ذكرته من ذلك من شأنه أن يؤدي إلى ما انتهت إليه، فإن الجدل الذي يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل، أما ما يثيره بشأن تجزئة الاعتراف فمردود بأن القول بعدم تجزئة الإقرار أنما محله أن لا يكون في الدعوى أدلة غيره، إذ لا يسوغ لطالب الحق الذي ليس لديه الدليل عليه أن يتخذ من أقوال خصمه دليلاً على ثبوت حقه. أما إذا كانت هناك أدلة أخرى غيره فإن المحكمة يكون لها أن تقضي فيها بناء على هذه الأدلة من وثقت بها، ولا يمكن بداهة أن يمنعها من ذلك ما يصدر من المدعي عليه من أقوال مركبة, ولها عندئذ أن تعتمد على ما تطمئن إليه منها. ولما كان الحكم الابتدائي قد استند في إدانة الطاعن إلى جانب إقراراه المشار إليه إلى شهادة الشهود، وكان يكفي القضاء بالتعويض ثبوت الجريمة في حقه للأدلة التي أوردها، فإن ما يثيره الطاعن لا يكون له محل.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً