أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 3 - صـ 540

جلسة 11 مارس سنة 1952
(203)
القضية رقم 718 سنة 20 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة، وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسني بك وكيل المحكمة وإبراهيم خليل بك وإسماعيل مجدي بك و باسيلي موسى بك المستشارين.

تنظيم. مبان. المادة الأولى من القانون رقم 93 لسنة 1948. استلزامها الحصول على رخصة للبناء عدا الرخص الواجبة بمقتضى الأمر العالي الصادر في 26 أغسطس سنة 1889.
إن المادة الأولى من القانون رقم 93 لسنة 1948 إنما تمنع إنشاء البناء إلا بعد الحصول على رخصة به من السلطة القائمة على أعمال التنظيم وهذا عدا الرخص الواجبة بمقتضى الأمر العالي الصادر في 26 أغسطس سنة 1889 الشامل لأحكام التنظيم. وإذن فمتى كان الواضح من واقعة الدعوى أن البناء الذي أقامه المتهم لم يكن على أحد جانبي الطريق العمومية التي صدر المرسوم بشأنها ولكنه في مقابل الامتداد المزمع لتلك الطريق، فإن المتهم لا يكون قد خالف الأمر العالي الخاص بالتنظيم ما دامت ملكيته لم تنزع وذلك بخلاف الحال فيما يقع على حافة الطريق العام فإنه بمجرد اعتماد خط التنظيم تترتب آثاره التي نصت عليها المادتان 1 و11 من القانون رقم 93 لسنة 1948 ولا يتوقف ترتيب هذه الآثار على صدور مرسوم بنزع الملكية.


الوقائع

اتهمت النيابة الطاعن بأنه بدائرة بندر قنا: أقام البناء الموضح بالمحضر بدون الحصول على رخصة. وطلبت عقابه بالمادتين 1 و18 من القانون رقم 93 لسنة 1948 ومحكمة قنا الجزئية قضت عملاً بالمادة 172 من قانون تحقيق الجنايات ببراءة المتهم. استأنفت النيابة ومحكمة قنا الابتدائية قضت عملاً بمواد الاتهام بإلغاء الحكم المستأنف وتغريم المتهم 100 قرش والإزالة على مصاريفه. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه "بإقامة بناء بدون الحصول على رخصة" قد أخطا في تطبيق القانون ذلك بأن البناء غير قائم على جانب طريق موجود من قبل وإنما يدخل ضمن تخطيط شارع لا وجود له إلا في الخرائط وأنه ما دام لم يصدر مرسوم بنزع الملكية فلا عقاب عليه إن هو بنى، ويقول الطاعن إن المحكمة وإن سلمت بذلك إلا أنها عاقبته على مقتضى تفسير خاطئ للقانون رقم 93 لسنة 1948 لأن هذا القانون لم يتعرض لإلغاء الأمر العالي الصادر في 1889 بل بالعكس قد أشار إليه وهو بوصفه إنما قصد به بيان مواصفات المباني من ناحية الطول والارتفاع والمسافات وهو لا يوجب الحكم بالهدم أو بالتصحيح إلا بالنسبة للمباني التي تنشأ على خلاف الأحكام التي يقضي بها، أما فيما يتعلق بقيد خط التنظيم فإنه ما زال خاضعاً لأحكام الأمر العالي وما استقر عليه القضاء قي شأنه.
وحيث إن النيابة رفعت الدعوى على المتهم وطلبت عقابه بالمادتين 1 و18 من القانون رقم 93 لسنة 1948 فقضت محكمة أول درجة بالبراءة بناء على ما تبين لها بعد انتقالها إلى محل الحادث "من أن البناء خارج عن خط التنظيم الذي صدر مرسوم باعتماده... وأن صدور هذا المرسوم لا يمنع من تنفيذ المباني الداخلية فيه وأن الذي يمنع من ذلك هو صدور المرسوم بنزع ملكيتها فعلاً". فاستأنفت النيابة هذا الحكم فقضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وتغريم المتهم 100 قرش والإزالة على مصاريفه وبينت الواقعة في قولها "إنه تبين من المعاينة التي أجرتها محكمة أول درجة بتاريخ 14 يناير سنة 1950 أن منزل المتهم المحرر عنه المحضر حديث البناء ولم يكمل بعد وأنه يقع في شارع مستعرض آخذ من شارع آخر يقع في مواجهة شارع باركليز وفي امتداده بشكل ظاهر وهذا هو عين ما أظهره الرسم التخطيطي الذي رسمه المهندس على هامش محضره آنف الذكر" ثم تعرضت لدفاع الطاعن بعد أن عرضت الآراء المختلفة في موضوع خط التنظيم وأثر اعتماده ثم قالت: "إن القانون 93 لسنة 1948 قد صدر ونص في أول مواده على أنه لا يجوز لأحد أن ينشئ بناء على حافة الطريق عاماً كان أو خاصاً أو في داخل الأرض أو يوسعه أو يعليه إلا بعد الحصول على رخصة بالبناء وأن هذا النص لم يبق مجالاً لاجتهاد ولا خلاف إذ أنه قضى بصراحة على كل شك في إمكان إقامة بناء بدائرة مدينة تسري عليها قوانين التنظيم بغير رخصة وأنه لذلك يكون الحكم في غير محله ويتعين إلغاؤه وإدانة المتهم بالمادتين 1 و18 من القانون 93 لسنة 1948" ولما كانت المادة الأولى من القانون المشار إليه إنما تمنع إنشاء البناء إلا بعد الحصول على رخصة به من السلطة القائمة على أعمال التنظيم وهذا عدا الرخص الواجبة بمقتضى الأمر العالي الصادر في 26 أغسطس سنة 1889 الشامل لأحكام التنظيم، وكان الواضح من واقعة الدعوى أن البناء لم يكن على أحد جانبي الطريق العمومية التي صدر المرسوم بشأنها ولكنه في مقابل الامتداد المزمع لتلك الطريق ولذا فإن الطاعن لا يكون قد خالف الأمر العالي الخاص بالتنظيم ما دامت ملكيته لم تنزع وذلك بخلاف الحال فيما يقع على حافة الطريق العام فإنه بمجرد اعتماد خط التنظيم تترتب آثاره التي نصت عليها المادة 1 و11 ولا يتوقف ترتيب هذه الآثار على صدور مرسوم بنزع الملكية، ومتى كان الأمر كذلك فإن الحكم بإزالة البناء بأكمله لا يكون له محل، إلا أنه لما كانت المحكمة قد عاقبت الطاعن أيضاً لمخالفته القانون رقم 93 لسنة 1948 وطبقت المادة 18 من هذا القانون، وكانت تلك المادة تقضي بتصحيح أو استكمال أو هدم الأعمال المخالفة حسب الأحوال وكان لا يبين من الحكم وجه مخالفة الطاعن لقانون المباني رقم 93 لسنة 1948 المستوجب للحكم بالإزالة. لما كان ذلك، وكان وجه الطعن يتسع لهذا السبب فإن الحكم يكون قاصراً قصوراً يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه وذلك من غير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.