أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 3 - صـ 519

جلسة 26 من فبراير 1952
(196)
القضية رقم 98 سنة 22 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة أحمد حسني بك وكيل المحكمة وإبراهيم خليل بك ومحمد أحمد غنيم بك ومصطفى حسن بك المستشارين.

أ - إخفاء أشياء مسروقة. زجاجات شركة من شركات المياه الغازية. تبرئة المتهم من إخفائها على أساس أن تسلم الشركة الزجاجات لعملائها ليس على سبيل الوديعة، ولا عارية الاستعمال طبقاً للإقرار الذي أحدثه على عملائها. في محلها.
ب - حكم جنائي. طلب نقضه على أساس أحكام قانون المرافعات في خصوص ختم الحكم وإيداع مسودته. لا يصح.
1 - إذا قدم المتهم للمحاكمة بأنه أخفى بعض الزجاجات المسروقة والمبددة المملوكة لشركة من شركات المياه الغازية فبرأته المحكمة على أساس أن الزجاجات المضبوطة لديه، ليست متحصلة من جريمة سرقة، أو تبديد، آخذة في ذلك بدفاعه القائم على أن الشركة تتقاضى من عملائها مبلغاً من النقود مقابل كل زجاجة لا ترد إليها، وأن الزجاجات لذلك تتداول في السوق، وأن تسليم الشرطة الزجاجات لعملائها ليس على سبيل الوديعة، ولا عارية الاستعمال، كما عن المفهوم من الإقرار الذي تأخذه عليهم، فإن حكمها بذلك لا يكون مخطئاً.
2 - لا يصح الاستناد في طلب نقض حكم جنائي إلى ما وجد في قانون المرافعات في صدد ختم الحكم وإيداع مسودته فإن قانون المرافعات لا يجأ إليه في خصوص الأحكام الجنائية إلا لسد نقص أو الاستعانة على فهم نص من نصوص قانون تحقيق الجنايات، ولا محل لذلك في صدد أمور استقر قضاء محكمة النقض على تفسير أحكام قانون تحقيق الجنايات في شأنها.


الوقائع

اتهمت النيابة المطعون ضده المذكور بأنه بدائرة قسم باب الشعرية أخفى بعضاً من الزجاجات المسروقة والمبددة المبينة القدر والقيمة بالمحضر والمملوكة لشركة سينالكو ومتحصلة من جريمتي السرقة والتبديد المذكورتين مع علمه بها وبظروفها وطلبت عقابه بالمواد 40 ،318 ،341 من قانون العقوبات. وقد ادعى التهامي إبراهيم مندوب شركة ق. م سلفاجو بحق مدني قبل المتهم، وطلب القضاء له عليه بمبلغ 100 جنيه، بصفة تعويض مؤقت. ومحكمة جنح باب الشعرية قضت عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم أربعة أشهر مع الشغل أمرت بوقف تنفيذ العقوبة ورفض الدعوى المدنية قبله فاستأنف المتهم كما استأنفت النيابة والمدعي بالحق المدني. ومحكمة مصر الابتدائية قضت عملاً بالمادة 172 من قانون تحقيق الجنايات بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم مما أسند إليه وتأييده فيما عدا ذلك، وألزمت المدعية بالحق المدني بالمصروفات. فطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

... حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه حين قضى ببراءة المتهم ورفض الدعوى المدنية المرفوعة من الطاعنة جاء مخطئاً لأنه أقام قضاءه على أن الإقرار الذي تأخذه على عملائها عند تسليمهم المشروب الذي تبيعه لهم داخل زجاجات معبأة ترد إليها بعد استهلاكه لا ينطوي على عقد من عقود الأمانة بالنسبة لتلك الزجاجات، بل على عقد بيع مع أن عبارة الإقرار تدل على أن الزجاجات إنما تسلم للعملاء على سبيل الوديعة أو عارية الاستعمال فإذا لم ترد إليها وتصرف فيها من تسلمها فإن فعله يكون جريمة تبديد ويكون وجودها تحت يد من تضبط لديه جريمة أيضاً بوصف كونها متحصلة من التبديد وتضيف الطاعنة أن محكمة الجنح المستأنفة إذ قضت بإلغاء الحكم المستأنف لم ترد على الأسباب التي انتهت إلى إدانة المطعون ضده كما أنها مسخت شهادة مندوب الشركة وأغفلت شطراً منها وهو ما شهد به من أن زجاجات الشركة الطاعنة تسلم للعملاء كعهدة ترد إليها بعد استهلاك ما فيها من مشروب، كما أن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدعوى المدنية بناء على أن الزجاجات المضبوطة لدى المتهم ليست متحصلة من جريمة فلا عقاب علي إخفائها، وأن الدعوى المدنية تبعاً لذلك تفقد أساسها، مع أن هذا النظر خاطئ في القانون لمخالفته لنص المادة 172 من قانون تحقيق الجنايات الذي يقضي بجواز الحكم بالتعويض إذ كانت الواقعة لا يعاقب عليها القانون.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى، واستخلص من ظروفها أن الزجاجات المضبوطة لدى المطعون ضده ليست متحصلة من جريمة سرقة أو تبديد وقد أخذ في ذلك بدفاع المطعون ضده القائم على أن الشركة تتقاضى من عملائها مبلغاً من النقود مقابل كل زجاجة، لا ترد إليها، وأن الزجاجات لذلك متداولة في السوق، لما كان ذلك وكانت عبارة الإقرار تؤدي إلى ما استخلصته المحكمة منها على ضوء واقعة الدعوى وظروفها المطروحة أمامها فإن حكمها الذي أقامته على أن تسليم الشركة الزجاجات لعملائها لم يكن على سبيل الوديعة ولا عارية الاستعمال لا يكون مخطئاً - هذا ولا محل لما تقوله الطاعنة عن شهادة مندوبها - إذ أن للمحكمة أن تأخذ من شهادة الشاهد ما تطمئن إليه منها وتطرح ما لا يكون محلاً لثقتها كما أن المحكمة غير مكلفة عند الحكم بالبراءة بأن تريد تفصيلاً على أسبابا الحكم المستأنف في جميع جزئياتها، بل يكفي أن تورد ما يفيد عدم اطمئنانها إلى أدلة الإدانة المعروضة عليها.
وحيث إنه بالنسبة إلى الدعوى المدنية فإنه متى كانت المحكمة قد رأت أن الزجاجات المضبوطة لدى المطعون ضده لم تكن متحصلة من جريمة وكان الحكم الابتدائي المؤيد في خصوص الدعوى المدنية بالحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعنة قد استولت من عملائها على قيمة ما لم يردوه إليها من زجاجات وهذا ما يفيد انتفاء الضرر عنها، متى كان ذلك، فإن المحكمة إذ قضت برفض طلب التعويض لا تكون قد أخطأت.
وحيث إن ما يثيره الطاعن بشأن ختم الحكم وإيداع مسودته والاستناد في ذلك إلى قانون المرافعات مردود بأن قانون المرافعات لا يلجأ إليه إلا لسد نقص أو الإعانة على فهم نص من نصوص قانون تحقيق الجنايات وهو ما لا محل له فيما يثيره الطاعن من أمور استقرت أحكام هذه المحكمة على تفسير أحكام قانون تحقيق الجنايات في شأنها.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.