أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 3 صـ 673

جلسة 31 مارس سنة 1952
(249)
القضية رقم 1128 سنة 21 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسني بك وكيل المحكمة وإبراهيم خليل بك وإسماعيل مجدي بك وحافظ سابق بك المستشارين.

هتك عرض بالقوة. مفاجأة المتهم المجني عليها أثناء وقوفها في الطريق وضغط اليتها بيده. تحقق الجريمة.
متى كان الحكم قد أثبت أن المتهم فاجأ المجني عليها أثناء وقوفها بالطريق وضغط اليتها بيده فإن جناية هتك العرض بالقوة تكون قد تحققت لما في ذلك من مباغتته المجني عليها بالاعتداء المادي على جسمها في موضع يتأذى عرض المرأة من المساس بحرمته.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدائرة قسم عابدين. هتك عرض الآنسة فاطمة عبد الرحيم عثمان ذهني التي لم تبلغ من العمر ستة عشر سنة كاملة بالقوة بأن باغتها في غفلة منها أثناء وقوفها بالطريق وضغط على اليتها بين أصابعه (قرصها) وطلبت من قاضي الإحالة إحالته على محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادة 268/ 1 - 2 من قانون العقوبات. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات مصر قضت عملاً بمواد الاتهام - بمعاقبة عبد الله أحمد شهاب بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنين. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض الخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن يقول إن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون إذ دانه على أساس أن ظرف الإكراه متوفر في حين أن ما قاله من مفاجأة الطاعن للمجني عليها ومباغتته إياها لا يكفي وحده لتحقق الإكراه بل يجب أن تكون هناك ظروف وملابسات يصح معها القول بأنه قد وقع من المتهم فعل مستقل وقائم بذاته يجوز إعطاؤه حكم الإكراه وقد قصر الحكم المطعون فيه عن بحث ركن الإكراه على ضوء ما تقدم. كذلك لم يستظهر القصد الجنائي إذ أنه من المقرر من جرائم هتك العرض أن يكون الموضع الذي اعتدى عليه من جسم المجني عليها هو عورة بذاته. أما إذا لم يكن كذلك فإن الملابسات والظروف هي الفيصل في أن يكون الفعل قد بلغ من الفحش ما يمس العرض وهذا أمر يخضع لما تواضع عليه العرف وجرت به التقاليد. والحكم المطعون فيه لم يبين ذلك بوضوح أو يحدد الموضع بجلاء. كما جاء قاصراً في بيان العمد من جانب الطاعن والرد على دفاع من أنه لامس المجني عليها عفواً. ويضيف الطاعن أن الحكم استند في تقدير سن المجني عليها إلى خطاب مدرسي في حين أن هذا الخطاب خال مما يشير إلى وجود شهادة ميلاد ومن ثم كان القول بتوفر الظرف المشدد للجريمة لا يستند إلى أساس صحيح ولا يرد على ذلك أن العقوبة مبررة لتوفر ظرف الإكراه لأن هذه النظرية لا تقبل إلا حيث يكون الخطأ في التكييف القانوني ولا محل لها حيث يكون في بيان الواقعة أو في مقوماتها أو أدلتها. وأخيراً يقول إن الحكم أسند إلى والد المجني عليها قولاً لم يقله وأستند في تدعيم التهمة إلى وقائع سابقة على الحادثة كان لها أثره في تكوين عقيدة المحكمة وذلك دون أن تجري فيها تحقيقاً.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر فيه العناصر القانونية للجريمة التي دان بها الطاعن فقال: "وحيث إن واقعة هذه الدعوى كما استظهرتها المحكمة من التحقيقات ومما دار بالجلسة تتحصل في أن المجني عليها خرجت من منزلها في صحبة خادمتها لكي تنتظر سيارة المدرسة وأثناء وقوفها حضر المتهم وباغتها بأن (قرصها) في اليتها وجرى فتبعته وأمسكته وصفعته واستغاثت فوافتها خادمتها كما حضر جندي البوليس وأمسك المتهم ثم نزل والدها الذي كان قد شاهد الحادث من النافذة وذهب مع الجميع إلى قسم البوليس كما تبين من أقوال المجني عليها ووالدها أن المتهم سبق أن اعتدى عليها اعتداءات مماثلة في مرات سابقة دون أن يوفق إلى ضبطه أحد". ولما كان ما أثبته الحكم من أن الطاعن فاجأ المجني عليها أثناء وقوفها بالطريق وضغط على اليتها بيده تتحقق فيه جناية هتك العرض بالقوة لما في ذلك من مباغتتها بالاعتداء المادي على جسمها في موضع يتأذى عرض المرأة من المساس بحرمته. لما كان ذلك وكان ما يقوله عن تقدير سن المجني عليها هو من قبيل الدفاع الذي يتطلب تحقيقاً موضوعياً فليس له أن يثيره لأول مرة أمام هذه المحكمة. هذا فضلاً عن انتفاء المصلحة في التمسك به لأن العقوبة المقضي بها مبررة بتوفر ظرف الإكراه. لما كان ذلك فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل. وأما ما يقوله في باقي أوجه الطعن فمردود بأن ما ذكرته المحكمة من ذلك له سنده ومن شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها وأنه في حقيقته لا يعدو كونه جدلاً موضوعياً لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.