أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 3 صـ 676

جلسة 31 مارس سنة 1952
(250)
القضية رقم 1135 سنة 21 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة، وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسني بك وكيل المحكمة ومحمد أحمد غنيم بك وإسماعيل مجدي بك وحافظ سابق بك المستشارين.

إثبات. قواعد الإثبات ليست من النظام العام. عدم تمسك المتهم بالإثبات بالكتابة. نعيه على الحكم أنه أجاز إثبات عقد الوكالة الذي تزيد قيمته على عشرة جنيهات بالشهود. لا يقبل.
إن قواعد الإثبات ليست من النظام العام، فكما يملك الخصم أن يقر بالحق لخصمه فيعفيه بذلك من إقامة الدليل عليه فإنه يجوز له أن يتنازل صراحة أو ضمناً عن حقه في التمسك بالإثبات بالطريق الذي رسمه القانون ويقبل منه أي دليل سواه وإذن فإذا كان المتهم قد ناقش الشهود ولم يدفع قبل سماعهم بعدم جواز الإثبات بغير الكتابة فلا يقبل منه من بعد أن ينعي على الحكم أنه أجاز إثبات عقد الوكالة التي تزيد قيمته على عشرة جنيهات بشهادة الشهود.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدائرة قسم عابدين أولاً - توصل إلى الاستيلاء على ثلاث سيارات مبينة النوع والقيمة بالمحضر لجوليا فرانجي باستعمال طرق احتيالية بأن أوهمها بأن الحكومة تنوي الاستيلاء على أموال اليهود نظراً لحالة الحرب وطلب منها شراء السيارات باسمه مستغلاً ثقتها فيه بعد أن قدم لها أوراقاً تثبت ملكيتها لهذه السيارات. ثانياً - سرق المستندات المبينة بالمحضر للمجني عليها سالفة الذكر من مسكنها حالة كونه خادماً وطلبت عقابه بالمادتين 326/ 1 و317/ 1 - 7 من قانون العقوبات. وقد ادعت جوليا فرانجي بحق مدني وطلبت القضاء لها بمبلغ 25 جنيه. وفي أثناء نظر الدعوى عدلت النيابة وصف التهمة الأولى إلى اختلاس ثلاث سيارات. والثانية إلى سرقة مستندات وتطبيق المادتين 341 و317/ 1 - 2 من قانون العقوبات. والمحكمة قضت عملاً بالمادتين 317/ 1 و341 مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بحبسه ستة شهور مع الشغل والنفاذ وإلزامه بأن يدفع للمدعية بالحق المدني مبلغ 25 ج والمصاريف. فاستأنف حيث قضى بالتأييد. ثم طعن بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... حيث إن مبنى الوجهين الأول والثاني من أوجه الطعن أن الحكم المطعون فيه جاء قاصر الأسباب فقد خلا من أي دليل على سبق وجود المستندات التي دين بسرقتها وعلى أنه هو السارق لها. وليس فيما جاء بالحكم الابتدائي الذي أبدته محكمة ثاني درجة لأسبابه ما يرقي إلى مرتبه الدليل المعتبر قانوناً.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة السرقة بياناً كافياً وذكر الأدلة التي استخلص منها ثبوتها وهي أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها. لما كان ذلك فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل لأنه لا يخرج في حقيقته عن محاولة المجادلة في تقدير أدلة الدعوى مما تختص به محكمة الموضوع ولا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن حاصل الوجهين الثالث والرابع هو أن الحكم المطعون فيه أخطا في تطبيق القانون حين أجاز إثبات عقد الوكالة، الذي هو عنصر جوهري في جريمة التبديد التي دين فيها أيضاً والذي تزيد قيمته على عشرة جنيهات، بشهادة الشهود استناداً إلى المادة 218 من القانون المدني القديم رغم عدم توفر شروط هذه المادة.
وحيث إنه يبين من محاضر جلسات محكمة أول درجة أن الطاعن ناقش الشهود ولم يدفع قبل سماعهم بعدم جواز الإثبات بغير الكتابة. لما كان ذلك فإن هذا منه يعد تنازلاً عن حقه في التمسك بضرورة وجود سند كتابي وقبولاً معه للإثبات بشهادة الشهود ذلك لأن قواعد الإثبات ليست من النظام العام فكما يملك الخصم أن يقر بالحق لخصمه فيعفيه بذلك من إقامة الدليل عليه فإنه يجوز له أن يتنازل صراحة أو ضمناً عن حقه في التمسك بالإثبات بالطريق الذي رسمه القانون منه أي دليل سواه.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.