أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 3 - صـ أ

جلسة 16 فبراير سنة 1952
(1)
الطعن الانتخابي رقم 3 سنة 21 القضائية

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حسني بك وكيل المحكمة، وبحضور حضرات أصحاب العزة: عبد المعطي خيال بك وإبراهيم خليل بك ومحمد أحمد غنيم بك وإسماعيل مجدي بك المستشارين.

نصاب. عقد شراء صفقة أرض تدل القرائن والملابسات على أنه مشوب بالصورية. لا يعتد به في النصاب القانوني.
لا يصح الاعتماد على عقد بشراء صفقة أرض كأساس لتوفر النصاب القانوني لدى المطعون ضده إذا كانت القرائن والملابسات التي أحاطت بهذه الصفقة تشوبه بالصورية.


الوقائع

قدم كامل إسحاق أبادير أفندي عريضة لمجلس الشيوخ مصدقاً عليها بتاريخ 9 من مايو سنة 1951 طلب فيها إبطال انتخاب حضرة كامل إسماعيل محمود السبنسي أفندي العضو بمجلس الشيوخ عن دائرة قوص بمديرية قنا للأسباب المبينة بها. وقد وردت هذه العريضة لمجلس الشيوخ فأحالها إلى محكمة النقض تطبيقاً للقانون رقم 141 لسنة 1951 وقد حدد لنظر هذا الطعن أخيراً جلسة 19 من يناير سنة 1952.


المحكمة

... وحيث إن الوجه الثاني من أوجه الطعن يتحصل في القول بأن المادة 55 من قانون الانتخاب تشترط في الفقرة الثانية منها أن يكون عضو مجلس الشيوخ من إحدى الطبقات المبينة بها ومن بينها أن يكون من الملاك الذين يؤدون ضريبة للحكومة لا تقل عن 150 جنيهاً في العام. ولما كان العضو المطعون فيه انتخابه قد تقدم فاز في الانتحاب الذي تم للتجديد النصفي لمجلس الشيوخ في 26 من أبريل سنة 1951 فإن انتخابه قد وقع باطلاً ليس من الطبقة المشار إليها. وفي بيان ذلك يقول إن المطعون ضده قدم مع طلب الترشيح شهادة صادرة من صراف ناحية الوقف مركز دشنا تفيد أنه يدفع أموالاً أميرية تزيد على المائة وخمسين جنيهاً في العام مع أن هذه الشهادة لا تغني في إثبات ما اشترطه القانون لكونها عرفية ولأنها صادرة من شخص لا يملك إصدارها. ثم أنه استند بعدها في ملكيته للأطيان التي يؤدي عنها الأموال المشار إليها في الشهادة إلي عقد صادر إليه بتاريخ 4 ديسمبر سنة 1950 من عدة أشخاص ببيع 114 فداناً وهذا العقد رفعت عن دعوى صحة تعاقد قضى فيها بانتهاء الخصومة صلحاً بالنسبة إلى 104 فدان بتاريخ 19 مايو سنة 1951. وهذه الأطيان كانت قد بيعت إليهم من الحكومة في سنتي 1949،1950 لكل منهم خمسة أفدنة بوصفهم من صغار المزارعين تنفيذاً لسياستها التي استهدفت بها تحقيق العدالة الاجتماعية بتيسير الملكية الفردية لأمثال هؤلاء. وكان المطعون ضده قد اشترى من الحكومة أيضاً في ذلك الحين عشرة أفدنة على هذا الاعتبار. يقول الطاعن إن هذا العقد الذي يستند إليه المطعون ضده أخيراً في اعتباره مالكاً إنما هو عقد صوري لجأ إليه بعد خلو الدائرة التي تقدم لترشيح نفسه فيها كي يتخذ منه وسيلة لتكملة النصاب الذي يتطلبه القانون. واستدل في إثبات هذه الصور إلى صدور العقد في إبان فترة الانتخاب ومن عدة أشخاص بعقد واحد وبعد أجل قصير من حصول البيع إليهم من الحكومة وبثمن يوازي ستين جنيهاً للفدان في حين أن الثمن الذي باعت به الحكومة إليهم هو 325 جنيها ً للفدان الواحد ولا يؤثر في ذلك أن مجلس الوزراء أصدر قراراً في يوليو سنة 1951 بالإذن للمشترين بالبيع بالنسبة إلى 50 فداناً لأن الأذن بالبيع لم يصرح بأن يكون البيع للمطعون ضده ولأن هذا الإذن لا يفيده شيئاً إذ لا يبعث من الصورية وجوداً بل إنه يدل بذاته على توفر الصورية لأن هذا الإجراء كان واجباً أن يكون سابقاً على عقد الصفقة لو أنه كان عقداً حقيقياً وأن العقد وإن كان قد سجل بالنسبة إلى جزء من الأطيان الواردة به وأن صحيفة دعوى صحة التعاقد قد أشهرت طبقاً للقانون فإن هذا التسجيل لا يجعل العقد الذي تم بطريق الصورية صحيحاً وقدم تأييداً لدعواه صورة من قرار مجلس الوزراء المشار إليه وصورة من عقد البيع الصادر من المشترين من الحكومة إلى المطعون ضده وصورة من عقد البيع الصادر من الحكومة إلى أحد صغار المزارعين ببيان ثمن شراء الفدان وصورة من عقد بيع صادر من المطعون ضده إلى آخر وصور كشوف رسمية من تصرفاته ومورثيه وبعض أوراق أخرى تتصل بهذه التصرفات.
وحيث إن المطعون في انتخابه يرد على ذلك بأن عقد البيع هو عقد حقيقي لا أثر فيه للصورية إذ أنه عقد في 4 ديسمبر سنة 1950 ورفعت بمقتضاه دعوى صحة التعاقد في 20 يناير سنة 1951 وسجلت صحيفة الدعوى في 31 منه وقد تم ذلك كله قبل فتح باب الترشيح الحاصل في 20 مارس سنة 1951 ثم صدر الحكم بانتهاء الدعوى صلحاً في 19 مايو سنة 1951 بالنسبة إلى 104 فدان بعد أن تنازل هو عن اثنين من المدعي عليهم عارضاً إقرارا الصلح. ثم أن مجلس الوزراء قد أصدر قراراً بالإذن للمشترين من الحكومة بالبيع بالنسبة إلى 50 فداناً من القدر الوارد بالعقد وقد سجل الحكم بالنسبة إلي 40 فدانا منها في 2 ديسمبر سنة 1951 وأن هذا التسجيل ينسحب إلى تاريخ تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد. كما أنه تملك باقي القدر بمقتضى العقد لأن باقي البائعين قد أقروه عليه أمام المحكمة ولم تطعن الحكومة من جهتها في هذا التصرف بأي طعن وأنه هو الذي يؤدي الأموال الأميرية عن 45 فداناً التي تقل تكليفها باسمه وقدرها 97 جنيهاً 12 مليماً وعن ال 64 فداناً من الباقي من الصفقة وقدرها 145 جنيهاً 711 مليماً وهو الواضع اليد عليها والمستغل لها استغلالاً كاملاً من قبل سنة 1950 هذا فضلاً عن أنه يملك 11 فداناً و13 قيراطاً و1 سهماً يؤدي عنها أموالاً أميرية قدرها 34 جنيهاً 681 مليماً وتسعة أفدنة وكسور في أطيان مشتركة بينه وبين باقي أخوته يدفع عنها أموالاً قدرها 20 جنيهاً و720 مليماً ويرث عن أبيه وحده أطياناً يؤدي عنها أموالاً قدرها 26 جنيهاً 938 مليماً. وقدم ما لديه من مستندات قال إنها تؤيد هذا الدفاع.
وحيث إنه يبين من أوراق الدعوى ودفاع الخصوم فيها أن الحكم المقدم القاضي بانتهاء الدعوى صلحاً يفيد أن الصفقة ومقدارها 114 فداناً و8 قراريط و23 سهماً قدر لها ثمناً مبلغ 6862 جنيهاً 500 مليم أقر البائعون باستلامه من المشتري فوراً ولم يرد بالثابت بالحكم عن هذا العقد شيء عن الالتزامات التي فرضتها الحكومة على المشترين منها خاصة بباقي الثمن ولا عن القيود التي وضعتها على هذه الأطيان من حظر التصرف فيها بالبيع أو الرهن أو البدل أو الوقف أو التنازل أو تقرير حق عيني عليها قبل سداد نصف الثمن على الأقل وبشرط أن لا يقبل من المشتري سداد أكثر من قسط واحد في السنة. كما يبين أن هذا العقد قد حصل بعد أن كان معلوماً خلو الدائرة التي حصل انتخاب المطعون ضده عنها واشترك البائعون وهم عديدون في هذا العقد دفعة واحدة وبعد أجل قصير من بيع الحكومة إليهم وأن الثمن قد قدر لجميع الصفقة أي بواقع ستين جنيهاً للفدان الواحد تقريباً وأقر البائعون بقبضه كاملاً وذلك دون إشارة إلى باقي الثمن المطلوب للحكومة ودون أن يظهر من الأوراق أو أقوال المطعون ضده نفسه ما يبرر هذا التصرف الحاصل منهم إليه ومن غير سبب ظاهر يدعو إلى ذلك. هذا إلى أن الإجراءات التي لجأ إليها المطعون ضده برفع الدعوى قبيل الترشيح والإسراع في إنهاء الخصومة صلحاً في دعوى صحة التعاقد المشار إليها وذلك بالتنازل عن اثنين من المدعي عليهم اكتفاء بموافقة الباقيين دون العمل على مواصلة السير في الدعوى مما يدل على أن الخصومة لم تكن خصومة جدية في الواقع بل كان يراد منها الحصول على سند يؤيد توفر النصاب لديه. لما كان ذلك كله، وكان عقد الصفقة ودفعه الثمن المسمى بالعقد وهو يقرب من السبعة آلاف من الجنيهات في وقت يقول فيه المطعون ضده نفسه إنه ما كان يملك أطياناً سوى تلك التي بينها والتي يدفع عنها أموالاً لا يتعدى مقدارها مبلغ اثنين وثمانين جنيهاً ونصف فقط فإنه يبين من هذه القرائن مجتمعة ومن هذه الملابسات التي أحاطت بالصفقة المشار إليها أن العقد لا شك مشوب بالصورية فلا يصح الاعتماد عليه أساساً لتوفر النصاب القانوني لدى المطعون ضده. ولا يؤثر في ذلك صدور قرار من مجلس الوزراء بالإذن ببيع جزء من الأطيان لأن هذه الإجراءات اللاحقة تدل على أن تلك التي تمت قبل ذلك لم يكن لها وجود حقيقي ولأن طبيعة الأمر - لو كان العقد جدياً - كانت تقتضي أن يبادر المشتري بالحصول على الإذن قبل عقد البيع لا بعده ولا يصح التحدي أيضاً بأن حكم إنهاء الخصومة صلحاً قد تم تسجيله بالنسبة إلى أربعين فداناً منها ذلك لأن التسجيل لا يضفي على العقد قوة ولا يصححه إذ لا يقوم ما شابه من الصورية أو يغير منها شيئاً.
وحيث إنه متى كان الأمر كذلك وكان باقي ما يدفعه المطعون ضده من الضريبة - على حد قوله - لا يكفي لتحقيق شرط النصاب الذي يتطلبه القانون، فإن الطعن يكون في محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن وبطلان انتخاب المطعون ضده لعضوية مجلس الشيوخ وذلك من غير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.