أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 3 - صـ 874

جلسة 29 من أبريل سنة 1952

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة، وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسني بك وكيل المحكمة ومحمد أحمد غنيم بك وباسيلي موسى بك ومصطفى حسن بك المستشارين.

(326)
القضية رقم 337 سنة 22 القضائية

إثبات. حق المحكمة في الأخذ بأقوال شاهد أمامها واطراح ما عداها من أقوال. الرد على ما يدفع به المتهم من مخالفة هذه الأقوال. لأقوال الشاهد الأخرى. لا يلزم.
لمحكمة الموضوع أن تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشاهد أمامها وتطرح ما عداها، وفي هذا ما يتضمن بذاته الرد علي ما يدفع به المتهم من مخالفة هذه الأقوال لأقوال الشاهد الأخرى.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم الخميس 3 من سبتمبر سنة 1949 الموافق 12 من محرم سنة 1369 بناحية الحسانات مركز أبو طشت مديرية قنا. ضرب محمد أبو الدهب محمد عبيد عمداً على رأسه بعصا فأحدث الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تخلف عنها عاهة مستديمة يستحيل برؤها، وطلبت إلى قاضي الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات فقرر بذلك. وقد ادعى محمد أبو الدهب بحق مدني قبل المتهم وطلب القضاء له عليه بمبلغ مائة جنيه بصفة تعويض. ومحكمة جنايات قنا قضت بتاريخ 24 من نوفمبر سنة 1951 عملاً بمادة الاتهام بمعاقبة المتهم حسن محمد عبد النعيم بالسجن لمدة أربع سنين وبإلزامه بأن يدفع للمدعي بالحق المدني محمد أبو الدهب مبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... حيث إن محصل الطعن أن الحكم المطعون فيه دان الطاعن بالضرب العمد الذي تخلفت عنه عاهة مع أن المجني عليه ذكر في التحقيق أن سبب الحادث إنما يرجع إلى مشاجرة وقعت بينه وبين المدعى قناوي مهنا وتأيد قوله هذا بما قرره العمدة في ذلك التحقيق من أن والدة قناوي المذكور أبلغته أولاً بالاعتداء الذي حصل على ولدها كما تأيد بوجود عدة مصابين، الأمر الذي يتناقض ورواية والد المجني عليه لواقعة الدعوى ويقول الطاعن إنه تمسك بهذا الدفاع أمام المحكمة إلا أن الحكم المطعون فيه استند في إدانته إلى رواية والد المجني عليه ولم يرد على دفاعه، كما استند الحكم إلى القول بأنه يؤخذ من شهادة العمدة وشيخ الخفراء أن والد المجني عليه أبلغ بالحادث وبأن الطاعن هو المعتدي على ولده مع مخالفة ذلك للوقائع الثابتة بالتحقيق.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل الواقعة في أن المجني عليه كان داخل منزله فسمع مشادة بين والده والطاعن وآخرين خارج المنزل ولما خرج للوقوف على سبب المشادة ضربه الطاعن عمداً بعصا على رأسه فسقط على الأرض وقد استدل الحكم على ذلك بما أورده من أقوال المجني عليه في تحقيق النيابة، وبالجلسة وشهادة والده أبو الدهب محمد عبيد من أن الطاعن وآخرين حضروا إليه وطلبوا منه عمل حصر ولما استمهلهم حصلت مشادة بينهم انتهت بالاعتداء على ابنه حيث ضربه الطاعن عمداً بعصا على رأسه واستغاث هو وزوجته فحضر إليهما الخفيران أحمد حسين وعبد العزيز السيد وحاولا ضبط المتهم ولكنه اعتدى عليهم بالضرب، وبما استخلصه من شهادة الخفيرين المذكورين من أنهما سمعا استغاثة فأسرعا إلى مصدرها حيث وجد المجني عليه مصاباً فاقد النطق وإلى جواره والده الذي أبلغهما بجملة الأمر وأنهما شاهدا الطاعن وأقاربه بمحل الحادث وحاولا ضبطه ولكنه اعتدى عليهما هو وأهله وأفلت منهما، واستخلصه كذلك من شهادة العمدة وشيخ الخفراء بأن والد المجني عليه أبلغ بالحادث وباعتداء الطاعن على ولده بالعصا على رأسه وأن العمدة كلف شيخ الخفراء بضبط الطاعن، وبما جاء في تقريري طبيب أول المستشفى والطبيب الشرعي، ثم تعرض الحكم لدفاع الطاعن ورد عليه فقال: "ولقد قيل إن المجني عليه تناقض في التحقيق مع شهود الإثبات في وقت وقوع الحادثة وسببها ولكن ثبت قطعاً أن هذا التناقض الذي لاح في أول الأمر كان راجعاً إلي خطورة الإصابة وتأثيرها على إدراك المجني عليه إذ أنه لم يثبت أن أفاق حتى طابقت أقواله بأقوالهم، والحاصل أن المحكمة لا يخامرها شك في أن الواقعة وقعت بالصورة التي رواها شهود الإثبات وأيدتها أقوال المجني عليه بعد إفاقته" لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشاهد أمامها وتطرح ما عداها وكان أخذها بما تطمئن إليه من هذه الأقوال يتضمن بذاته الرد على ما يدفع به المتهم من مخالفة هذه الأقوال لأقوال الشاهد الأخرى فإن الحكم المطعون فيه يكون سليماً، ولا يكون الطعن عليه بهذه الصورة إلا جدلاً موضوعياً بحتاً، مما لا يقبل أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.