أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 3 - صـ 805

جلسة 8 من أبريل سنة 1952

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسني بك وكيل المحكمة ومحمد أحمد غنيم بك وباسيلي موسى بك ومصطفى حسن بك المستشارين.

(302)
القضية رقم 246 سنة 22 القضائية

إثبات. الأدلة في المواد الجنائية متساند فساد أحدها استناد الحكم إلى أدلة أخرى وليس من المستطاع معرفة مبلغ الأثر الذي كان للدليل الفاسد في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة. نقض الحكم.
إذا كانت محكمة الدرجة الأولى قد استندت فيما استندت إليه في إدانة الطاعن إلى الدليل المستمد من التجربة التي أجراها المحقق وأسفرت عن انطلاق الجاموسة المسروقة التي اتهم بإخفائها إلى منزل المجني عليه، ثم دفع الطاعن أمام المحكمة الاستئنافية بعدم صحة هذا الدليل لأن الجاموسة كانت قد سلمت إلى المجني عليه بأمر المحقق وظلت بمنزله خمسة أيام قبل إجراء التجربة مما يجعل الاستدلال بهذه التجربة غير منتج، ومع ذلك قضت هذه المحكمة بتأييد الحكم المستأنف لأسبابه دون أن تعرض لهذا الدفاع وترد عليه، مع ما له من أثر في قيمة الاستدلال بتلك التجربة فإن حكمها يكون مشوباً بالقصور متعيناً نقضه. ولا يؤثر في ذلك أن يكون الحكم قد استند على أدلة أخرى لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة ولا يستطاع الوقوف على مبلغ الأثر الذي كان لدليل التجربة في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في شهر يناير سنة 1947 بدائرة مركز فاقوس: سرق الجاموسة المبينة بالمحضر لإسماعيل عبد العال بكرش ومحمد أحمد. وطلبت عقابه بالمادة 318 من قانون العقوبات. ومحكمة فاقوس قضت بتاريخ 28 من مايو سنة 1950 عملاً بالمادة 322 من قانون العقوبات (على اعتبار أنه أخفى الجاموسة الموضحة بالمحضر والمملوكة لمحمد أحمد محمود وإسماعيل عبد العال بكرش مع علمه بسرقتها): بحبس المتهم ستة شهور مع الشغل وكفالة ألف قرش لوقف التنفيذ، وأعفته من المصاريف الجنائية. فاستأنف كل من المحكوم عليه، والنيابة هذا الحكم. ومحكمة الزقازيق الابتدائية قضت بتاريخ 6 من أكتوبر سنة 1951 بتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

... حيث أن محصل الوجه الثاني من وجهي الطعن أنه لما كانت محكمة أول درجة قد استندت فيما استندت إليه في إدانة الطاعنة إلى الدليل المستمد من التجربة التي أجراها المحقق وأسفرت عن انطلاق الجاموسة بالقرب من العزبة إلى منزل المجني عليه. فقد دفع الطاعن أمام المحكمة الاستئنافية بعدم صحة الدليل المشار إليه لأن الجاموسة كانت قد سلمت إلى المجني عليه بأمر محقق البوليس - بدون إذن النيابة وظلت بمنزله خمسة أيام من قبل إجراء التجربة مما يجعل الاستدلال بها على الطاعن غير منتج. إلا أنه على الرغم من هذا الدفاع فقد قضت المحكمة الاستئنافية بتأييد الحكم الابتدائي لأسبابه ولم ترد على هذا الدفاع.
وحيث إن الحكم الابتدائي، إذ دان الطاعن بإخفاء الجاموسة المسروقة مع علمه بذلك، قد استند فيما استند إليه إلى "التجربة التي أجراها المحقق حيث أطلق الجاموسة بالقرب من عزبة الدكتور عزيز بطرس فانطلقت في طريقها إلى العزبة ودخلت من بابها العمومي واتجهت رأساً إلى منزل إسماعيل عبد العال بكرش أحد المجني عليهما بعد أن مرت على عدة منازل للمزارعين الآخرين". فلما استأنف الطاعن دفع أمام المحكمة الاستئنافية بجلسة 6 من أكتوبر سنة 1951 بأن الجاموسة سلمت بأمر محقق البوليس وأن التجربة التي عملت لم تكن صحيحة لأن الجاموسة مكثت في منزل المجني عليه أربعة أيام وأنه من البديهي أن تذهب إلى هذا المنزل عند إجراء التجربة. فقضت المحكمة في نفس الجلسة بتأييد الحكم المستأنف لأسبابه، دون أن تعرض لهذا الدفاع وترد عليه. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أخذ بأسباب الحكم المستأنف الذي استند ضمن ما أسند إليه في إدانة الطاعن إلى التجربة المشار إليها، وكان الدفاع المشار إليه من شأنه التأثير في قيمة الاستدلال بتلك التجربة، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور متعيناً نقضه وذلك من غير حاجة للبحث في الوجه الأول. ولا يؤثر في ذلك أن يكون الحكم قد استند إلى أدلة أخرى. لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة ولا يستطاع من هذا الحكم الوقوف على مبلغ الأثر الذي كان لدليل التجربة في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة.