أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 3 صـ 811

جلسة 8 من أبريل سنة 1952

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة، وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسني بك وكيل المحكمة وإبراهيم خليل بك وإسماعيل مجدي بك وحافظ سابق بك المستشارين.

(304)
القضية رقم 250 سنة 22 القضائية

إثبات. اعتماد المحكمة فيما اعتمدت عليه على أقوال شاهد في التحقيق دون أن تسمعه في الجلسة. صحيح.
ليس ما يمنع المحكمة من أن تعتمد على أقوال شاهد في التحقيق وإن لم تسمعه بنفسها في الجلسة فإن للمحكمة أن تكون عقيدتها في الدعوى مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر ما دام أن لها أصلاً في التحقيقات التي أجريت فيها وكانت معروضة على بساط البحث في الجلسة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بزمام ناحية نجع سبع من أعمال مركز ومديرية أسيوط: قتل عبد الرحمن محمد فراج عمداً مع سبق الإصرار والترصد وذلك بأن انتوى قتله وصمم عليه وتربص له في طريق عودته من زراعة والده ولما أن ظفر به ضربه بعصا على رأسه بضع ضربات قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي تسببت عنها وفاته. وطلبت من قاضي الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 230 و231 و232 من قانون العقوبات. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات أسيوط قضت حضورياً بتاريخ 5 من نوفمبر سنة 1951 عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه قصوره عن بيان عناصر الدعوى بعدم إشارته إلى وقت التبليغ عن الحادث، واضطرابه في تحديد وقت حصوله مع أن الثابت أن الحادث أبلغ في منتصف الساعة السابعة، وأن المسافة بين مكانه وبين البلدة لا تزيد على كيلو مترين يقطعهما المبلغ على دابته في أقل من ربع ساعة، ولذا فإن الحادث يكون قد وقع حتماً في الظلام وفي وقت لا تسهل فيه الرؤية. ثم إن المحكمة قد ساقت تأييداً لشاهد الرؤية، فيما رواه من مطاردته للطاعن أثر مقارفته للحادث، شهادة حسين أحمد جوده، وعبد المحسن أحمد جوده، مع أن هذين الشاهدين لم يشهدا بأكثر من رؤيتهما لهذا الشاهد مقبلاً يجري وأنه أخبرهما بأن الطاعن ضرب المجني عليه، وقد أخطأ الحكم فضلاً عن ذلك في اعتماده على شهادة هذين الشاهدين دون أن تسمعهما المحكمة، وتهيئ للدفاع فرصة مناقشتهما. وينعي الطاعن على الحكم أخيراً أنه لم يفرد لنية القتل بياناً مستقلاً عن الوقائع، وكافياً في ذاته لإبراز هذه النية بذكر الآلة المستعملة وتحديد موضع الإصابة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى، وأورد الأدلة التي استخلص منها ثبوتها، واستند في ذلك إلى ما قرره فراج عبد ربه شاهد الرؤية من أنه عاد من الحقل مع المجني عليه في منتصف الساعة الرابعة مساء وأمتطى كل منهما حمارته، وكان المجني عليه يتقدم الشاهد قليلاً، ورأى الشاهد المتهم جالساً بجوار الطريق، فلما مر به المجني عليه هم من مكانه وأهوى بعصاه على رأسه من الخلف فسقط على الأرض، واستمر المتهم في اعتدائه عليه وأعمل بعصاه في رأسه فأصابه ثلاث ضربات أو أربعا، فأسرع الشاهد نحوهما فولى المتهم هاربا، والشاهد في أثره، حتى دخل المتهم إلى دار عمه، وحال عمه دون لحاق الشاهد به فيها.. .. ثم قال الحكم إن واقعة مطاردة الشاهد للمتهم أثناء هربه قد تأيدت بأقوال حسين أحمد جوده وأخيه عبد المحسن في تحقيق النيابة رغم إنكارهما مشاهدته وهو يتبعه إذ قرر أولهما أنه كان يروي أرضه وشاهد فراج عبد ربه وقت الغروب مقبلاً يجري على الجسر الذي وقع به الحادث وعلم منه أن المتهم ضرب المجني عليه، وقرر عبد المحسن أنه ذهب إلى منزله عند الغروب فوجد الشاهد وعلم منه أن المتهم اعتدى على المجني عليه بالضرب وأنه مختبئ بمنزله....
وقال الحكم عن نية القتل أنها متوفرة من الضرب المتكرر في موضع قتال من الجسم وبآلة (عصا غليظة) من شأنها أن تحدث الموت لمثل الطفل المجني عليه، ومتى كان الأمر كذلك، فإن ما يثيره الطاعن على الوجه الوارد بطعنه في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً حول تقدير الأدلة في الدعوى مما لا تصح إثارته أمام هذه المحكمة. أما ما استخلصه الحكم من أن واقعة مطاردة الشاهد للمتهم قد تأيدت بشهادة حسين وعبد المحسن أحمد جوده. فإن ما أورده الحكم من أقوال هذين الشاهدين في تحقيق النيابة من شأنه أن يؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، هذا وليس ثم ما يمنع المحكمة من أن تعتمد على أقوال شاهد في التحقيق وإن لم تسمعه بنفسها في الجلسة، فإن للمحكمة أن تكون عقيدتها في الدعوى مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر ما دام أن لها أصلاً في التحقيقات التي أجريت فيها وكانت معروضة على بساط البحث في الجلسة. وأما عن نية القتل، فإن ما أورده الحكم بشأنها كاف في بيان توفرها، وقد أشار إلى الآلة المستعملة فقال إنها عصا غليظة، كما أشار إلى موضع الإصابة عند بيان الواقعة فقال إن المتهم أهوى بعصاه أهوى بعصاه على رأس المجني عليه من الخلف واستمر في اعتدائه وأعمل عصاه في رأسه فأصابه ثلاث ضربات أو أربعا. ومن ثم يكون الطعن على غير أساس في موضوعه متعيناً رفضه.