أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 3 - صـ 952

جلسة 19 من مايو سنة 1952

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حسني بك وكيل المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: إبراهيم خليل بك وإسماعيل مجدي بك وحافظ سابق بك ومصطفى حسن بك المستشارين.

(356)
القضية رقم 438 سنة 22 القضائية

أ - ترصد. ثبوت ظرف سبق الإصرار في حق المتهم. هذا يكفي لتوقيع العقوبة المغلظة عليه. خطأ الحكم في الاستدلال على ثبوت ظرف الترصد. لا يقدح في سلامته.
ب - شهود. خطأ الحكم في إيراد شهادة شاهد بالجلسة. لا يعيبه ما دام يبين منه أن المحكمة قد أطرحت هذه الشهادة.
1 - متى كان الحكم قد أثبت في حق المتهم توفر ظرف سبق الإصرار فلا يجديه نعيه على الحكم أنه أخطأ في التدليل على توفر ظرف الترصد، لأن قيام ظرف سبق الإصرار وحده يبرر توقيع العقوبة المغلظة بقطع النظر عن وجود الترصد، إذ أن القانون وقد غاير بين الظرفين في نصه أفاد أنه لا يشترط لوجود أحدهما أن يكون مقترناً بالآخر.
2 - لا يعيب الحكم أن يكون قد أخطأ في إيراد شهادة أداها أحد الشهود بالجلسة ما دام يبين منه أن المحكمة قد أطرحت هذه الشهادة واطمأنت إلى ما قرره هذا الشاهد بالتحقيقات من أقوال أخذت بها واستندت إليها.


الوقائع

اتهمت النيابة العمومية 1 - سلامة منصور إمام القضيبي (الطاعن) 2 - محمود سيد القضيبي: بأنهما بناحية ناي مركز قليوب مديرية القليوبية، الأول: قتل عمداً ومع سبق الإصرار والترصد مصطفى الزيني بأن بيت النية على قتله وأعد لهذا الغرض سلاحاً ذا سرعة عالية معمرا بالرصاص وتربص به في المكان الذي يتوقع فيه ولما أن ظفر به أطلق عليه ثلاثة أعيرة نارية قاصداً من ذلك قتله فأصابه اثنان منهما فأحدثا به الإصابات الموضحة بالتقارير الطبية المرفقة والتي أودت بحياته. وثانياً: شرع في قتل مصطفى الزياتي وأحمد عطا عماره بأن أطلق المقذوفات سالفة الذكر قاصداً ممن ذلك قتل مصطفى الزيني المجني عليه في التهمة الأولى فأحدث به الإصابات المبينة بالتقارير الطبية المرفقة ولم تتم الجريمة لسبب لا دخل لإرادة المتهم فيه وهو مداركة المجني عليهما بالعلاج - والمتهم الثاني -اشترك مع المتهم الأول في ارتكاب الجريمتين سالفتي الذكر بطريق التحريض والاتفاق بأن حرضه على ارتكابها واتفق معه على مقارفتها فتمت الجريمة بناء على هذا التحريض وذلك الاتفاق. وطلبت من قاضي الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمواد 230 و231 و232 و40/ 1 و2 و41 و45 و46 من قانون العقوبات، فقرر بذلك وادعى بحق مدني 1 - محمد مصطفى الزيني 2 - السيد عايدة مصطفى الزيني 3 - الآنسة إحسان مصطفى الزيني 4 - الآنسة حكمت الزيني 5 - الست زينب محمد سيد أحمد الديب، وطلبوا الحكم لهم قبل المتهمين متضامنين بمبلغ 25 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات بنها قضت أولاً: بمعاقبة سلامة منصور إمام القضيبي الأشغال الشاقة المؤبدة وبإلزامه بأن يدفع للمدعين بالحق المدني خمسة وعشرين جنيهاً والمصروفات المدنية وألف قرش مقابل أتعاب المحاماة، وذلك عملاً بالمواد 230 و231 و232 و45 و46 و230 و 231 و232 و32 و17 من قانون العقوبات. وثانياً: ببراءة محمود سيد القضيبي مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية قبله عملاً بالمادة 304 من قانون الإجراءات الجنائية. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه حين دان الطاعن بالقتل العمد جاء مشوباً بالقصور وفساد الاستدلال. ذلك أنه لم يستظهر نية القتل بجلاء، ولم يقم الدليل استقلالاً على توفرها لدى الطاعن. ثم أنه قد استخلص توفر ظرف الترصد من أنه أعد سلاحاً نارياً معمرا وذهب به إلى المكان الذي كان به المجني عليه، وهو بيان قاصر، فضلاً عن أنه يدل بذاته على نفي الترصد. وقد أورد الحكم أن أحد الشهود قرر بالجلسة أنه عرف الطاعن من عينيه ووجهه، وأنه كان ملثماً، مع أن هذا الشاهد إنما قال بالجلسة أنه لم ير وجه الطاعن، وأنه لم يعرفه إلا من عينيه، وأن ما ذكرته المحكمة قد يوحي بأن الشاهد ذكر واقعة اللثام لأول مرة أمامها مع أنه كان قد ذكرها في التحقيق من قبل كما قد يوحي بأن تعرف الشاهد على الطاعن كان سهلا ميسراً، وهذا من شأنه أن يفسد الاستدلال بأقوال هذا الشاهد سواء في التحقيق أو أمام المحكمة، ويدعو بالتالي إلى إعادة النظر في باقي الشهادات وتقدير كفايتها في ثبوت التهمة قبله.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى، وذكر الأدلة فقال: "إن المتهم الأول - الطاعن - حقد على المجني عليه - مصطفى الزيني - لأنه أوقع حجزاً على ماشية المتهم الثاني - وفي غروب يوم الحادث بينما كان المجني عليه يقف أمام مكتب الدائرة وظهره للخلاء إذ جاء الطاعن من الناحية الغربية ولما صار في مقابل المجني عليه أطلق مقذوفاً نارياً أصابه في ظهره ثم ثنى بمقذوفين آخرين وأصيب المجني عليهما الآخران مصطفى الزياتي وأحمد عطا عمارة من جراء ذلك... وأن أحمد عطا عمارة قرر في التحقيق أنه كان يقف أمام المكتب مع المجني عليهما مصطفى الزيني ومصطفى الزياتي وحضر الطاعن من الناحية الغربية، ولما أن صار على مسافة ستة أمتار منهم صوب نحوهم بندقيته وأطلق منها ثلاثة أعيرة أصابتهم... وأن صلاح محمد محمود قرر في التحقيق أن الطاعن حضر ومعه بندقيته صوبها من مساحة خمسة أمتار وأطلق على المجني عليه مصطفى الزيني مقذوفاً نارياً سقط من جرائه على الأرض فولى هو فراًَراً وسمع بعد ذلك صوت عيارين ناريين آخرين ولما عاد إلى مكان الحادث وجد المجني عليه قد فارق الحياة" - لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد مؤدي ما أخذ به واستند إليه من أدلة على ثبوت الدعوى، واستظهر توافر نية القتل وسبق الإصرار - لما كان ما تقدم، وكانت الأدلة التي أوردها لها سندها ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، فإن ما يثيره الطاعن في طعنه لا يكون له محل، ولا يعدو أن يكون جدلاً يتصل بتقدير الأدلة في الدعوى ومبلغ الاطمئنان إليها مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض. هذا ولا مصلحة للطاعن في أن يتمسك بما يقوله من أن الحكم قد قصر أو أخطأ في التدليل على توفر ظرف الترصد متى كان قد أثبت في حقه توفر ظرف سبق الإصرار لأن قيام هذا الظرف وحده يبرر توقيع العقوبة المغلظة بقطع النظر عن وجود الترصد، إذ أن القانون وقد غاير بين الظرفين في نصبه أفاد أنه لا يشترط لوجود أحدهما أن يكون مقترناً بالآخر - كذلك لا يعيب الحكم أن يكون قد أخطأ في إيراد شهادة أداها أحد الشهود بالجلسة ما دام يبين منه أن المحكمة قد أطرحت هذه الشهادة، واطمأنت إلى صحة ما قرره هذا الشاهد بالتحقيقات من أقوال أخذت بها واستندت إليها.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.