أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 5 - صـ 4

جلسة 12 من أكتوبر سنة 1953

المؤلفة من السيد رئيس المحكمة أحمد محمد حسن رئيسا, والسادة المستشارين: إسماعيل مجدي، ومصطفي حسن، وأنيس غالي، ومصطفي كامل أعضاء.

(2)
القضية رقم 1037 سنة 23 القضائية

( ا ) إثبات. الأخذ بشهادة شاهد دون آخر جائز ولو تماثلت ظروف روايتهما.
(ب) إجراءات. تلاوة أقوال المجني عليه المتوفى في الجلسة. غير لازمة ما دام أنها كانت مطروحة على بساط البحث.
1 - لمحكمة الموضوع أن تأخذ بشهادة شاهد دون قول شاهد آخر، ولو تماثلت ظروف روايتهما، بغير أن تكون مطالبة ببيان أسباب لذلك، إذ الأمر مرجعه إلى اطمئنانها إلى الدليل الذى تأخذ به، ومبلغ ثقتها في قول شاهد دون آخر.
2 - إن القانون لا يوجب على المحكمة تلاوة أقوال المجنى عليه المتوفى، بل يكفى أن يكون الدليل المستفاد منها مطروحا على بساط البحث فى الجلسة.


الوقائع

اتهمت النيابة العمومية الطاعن بأنه ضرب عمدا عبده عمران عبد ربه ولم يقصد من ذلك قتله ولكن الضرب أفضى إلى موته بأن ضربه بعصا على ذراعه اليمني فأحدث بها الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبى والتى نشأ عنها التهاب رئوى وارتشاح صديدي أديا إلى وفاته، وطلبت من قاضى الاحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات، فقرر بذلك، ومحكمة جنايات الاسكندرية قضت حضوريا عملا بمادة الاتهام المذكورة بمعاقبة المتهم بالسجن خمس سنوات. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.. إلخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه جاء متناقضا مخطئا في الاستدلال، وأن إجراءات المحاكمة مشوبة بالبطلان إذ اعتمد الحكم في إدانة الطاعن على أقوال المجنى عليه قبل وفاته، وشهادة أخيه أمام المحكمة، وما قطع به الأطباء من أن سبب وفاة المجنى عليه هو التهاب رئوى وارتشاح صديدى نشا عن إصابة العضد الأيمن التى تقيحت واستمرت مدة طويلة، فتسربت الميكروبات من مركز الإصابة إلى الأحشاء الداخلية، فحدث الالتهاب الرئوى والاتشاح اللذان أديا إلى الوفاة، ويقول الطاعن إن ما أورده الحكم من ذلك لا يتفق مع كونه أسقط شهادة بعض الشهود بالنسبة إلى متهمين آخرين في الدعوى في ظروف مماثلة لظروف الطاعن، مما كان يقتضى إسقاط شهادة أخى المجنى عليه لتماثل الشهادات، وأن المحكمة لم تأمر بتلاوة أقوال المجنى عليه بالجلسة حتى يمكن أن يكون هذا الدليل القولى مطروحا عليها عند نظر الدعوى، وأن الطبيبين الشرعيين اللذين سمعا بالجلسة أقرا احتمال حصول التهاب رئوى يؤدى إلى الوفاة على الصورة التى حصلت للمجنى عليه، دون أن يكون هناك كسر أو إصابة، فليس ما يقطع بأن الالتهاب أو الارتشاح عند المجنى عليه نشأ حتما عن إصابته، وأن الطيبين لم يحددا المدة الطويلة التى استمر فيها التقيح الذى سبب الالتهاب الرئوى، وخلا الحكم من تعيين تاريخ وفاة المجنى عليه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به عناصر جريمة ضرب المجنى عليه ضربا أفضى إلى موته، وأورد على ثبوتها في حق الطاعن أدلة من شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها. ولما كان لمحكمة الموضوع أن تأخذ بشهادة شاهد دون قول شاهد أخر، ولو تماثلت ظروف رواتيهما، بغير أن تكون مطالبة ببيان أسباب لذلك، وإذ الأمر مرجعه إلى اطمئنانها إلى الدليل الذى تأخذ به، ومبلغ ثقتها في قول شاهد دون الآخر. ولما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر واقعة ضرب المجنى عليه والإصابة التى نشأت عنه، وأنها هى التى أدت إلى موته مستندا في ذلك إلى التقارير الطبية، وما شهد به الطبيبان الشرعيان بالجلسة من أنه أصيب بكسر مضاعف بمنتصف عظمة العضد الأيمن نتيجة ضربه بعصا على ذراعه، وأن وفاته نشأت عن الالتهاب الرئوى والارتشاح الصديدى المضاعفين لتلك الإصابة بذاتها وتقيحها بعد أن استمرت مدة طويلة، مما لا محل معه لاحتجاج الطاعن بأن الالتهاب الرئوى قد يصيب المجنى عليه لسبب آخر غير إصابته، ما دام الحكم قد أثبت أن الالتهاب الرئوى والارتشاح الصديدى في خصوصية هذه الحالة لم يصيبا المجنى عليه إلا نتيجة لإصابته، وكان لا يلزم أن يذكر في الحكم تاريخ وفاة المجنى عليه، ما دام يبين منه تاريخ واقعة الاعتداء عليه بالضرب، وأن هذا الضرب قد أفضى إلى موته، وكان القانون لا يوجب على المحكمة تلاوة أقوال المجنى عليه المتوفى، بل يكفى أن يكون الدليل المستفاد منها مطروحا على بساط البحث في الجلسة، وكان يبين من الاطلاع على محضر الجلسة أن المناقشة قد دارت على أقوال المجنى عليه قبل وفاته وتناولتها مرافعة الدفاع عن الطاعن - لما كان ذلك فإن ما يثيره في طعنه لا يكون له محل، إذ هو منه عود إلى الجدل في موضوع الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.