أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 5 - صـ 141

جلسة أول ديسمبر سنة 1953

المؤلفة من السيد رئيس المحكمة أحمد محمد حسن رئيسا، والسادة المستشارين: اسماعيل مجدى، وحسن داود، ومحمود إبراهيم اسماعيلن وأنيس غالى أعضاء.

(47)
القضية رقم 1416 سنة 23 القضائية

(ا) حكم. بلاغ كاذب. القصد الجائي. علم المبلغ بكذب الوقائع التي بلغ عنها وانتواؤه الكيد للمبلغ ضده.
(ب) شهادة الزور. وجوب حصولها أمام القضاء.
1 - يكفي لبيان ثبوت القصد الجنائي في جريمة البلاغ الكاذب أن يكون الحكم قد قال "وسوء قصد المتهم الأول ولعمه بكذب بلاغه ثابتان ثبوتا لا شك فيه من القضايا الجزئية القائمة بين العائلتين والتي اثبتت المحكمة عنصر التلفيق فيها من جانب عائلة المتهم الأول وبالأخص الجنحة التي أشار هذا المتهم في بلاغه ضد المدعيين ومن اتفاق المتهمين على الكيد للمدعين" فإن ما قاله الحكم من ذلك صريح في أن الطاعن أقدم على التبليغ مع علمه بأن الوقائع التي بلغ عنها مكذوبة وأنه انتوى الكيد لهما.
2 - إذا كانت الشهادة المسندة إلى المتهم لم تحصل أمام القضاء كما يتطلبه القانون في جريمة شهادة الزور المنطبقة على المادة 294 من قانون العقوبات، فإن الواقعة لا تتوافر فيها العناصر القانونية لجريمة شهادة الزور، وتكون المحكمة إذ عاقبته عليها قد أخطأت في تطبيق القانون ويتعين نقض الحكم والقضاء ببراءته.


الوقائع

رفع المدعيان بالحق المدني (عطا الله وهبه ووهيب عطا الله) الدعوى ضد الطاعنين بأنهما الأول: أبلغ كذبا مع سوء القصد بأن عطا لله وهبه ووهيب عطا الله هدداه كتابة بالقتل تهديد مصحوبا بطلب والثاني شهد زورا لمصلحة المتهم الأول ضد الطالب الأول في الجناية رقم 89 سنة 1950 بندر الزقازيق، وطلبا عقابهما بالمواد 302/ 1 و303/ 1 و305 من قانون العقوبات للأول والمادة 294 من القانون المذكور للثاني مع الحكم لهما بمبلغ 50 جنيها على سبيل التعويض قبل المتهمين بالتضامن، ومحكمة بندر الزقازيق الجزئية قضت فيها حضوريا عملا بمواد الاتهام بحبس كل من المتهمين ثلاثة أشهر مع الشغل، وبالزامهما بأن يدفعا للمدعين بالحق المدني على سبيل التضامن فيما بينهما مبلغ خمسين جنيها والمصاريف المناسبة ومبلغ 500 قرش مقابل أتعاب محاماة، وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة المقضي بها لمدة خمس سنوات تبدأ من الوقت الذى يصبح فيه هذا الحكم نهائيا بلا مصاريف جنائية، وذلك عملا بالمادتين 55 و56 من قانون العقوبات، فاستأنف المتهمان هذا الحكم كما استأنفه المدعيان بالحق المدني، ومحكمة الزقازيق الابتدائية قضت حضوريا بتأييد الحكم المستأنف وألزمت المدعيين بالحق المدني بالمصاريف الاستئنافية.
فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.


المحكمة

.... وحيث إن محصل طعن الطاعن الأول أن الحكم المطعون فيه قد شابه القصور والخطأ في تطبيق القانون، وأن المحكمة أخلت بحقه في الدفاع ذلك أنه قدم إلى المحكمة الاستئنافية حافظة بمستنداته ومنها صورة من بلاغ الطاعن وتحقيق البوليس في الدعوى المباشرة ثابت فيه أن المدعى الثاني سئل في 30 من أكتوبر سنة 1949 وصورة من الحكم الصادر في القضية 1199 سنة 1949 بندر الزقازيق وهي التي اتهم فيها ابن عم المدعى الثاني بإرسال خطاب تهديد بنفس الطريقة التي أرسل بها خطاب التهديد إلى الطاعن الأول، هذا كما استدل الحكم في ثبوت جريمة البلاغ الكاذب في حق الطاعن بأسلوب خطاب التهديد وبما جاء بتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير من أن الخطاب ليس بخط المدعيين بالحقوق المدنية وإلى ما شهد به محمد فهمي عبد الرحمن من أن المدعى الأول لم يكن بالزقازيق في يوم حصول السبب الذى سبق واقعة خطاب التهديد وما استدل به الحكم من ذلك كله مع قصور الحكم في استخلاصه وبيانه لا يكفي إدانة الطاعن، هذا إلى أنه لم يثبت في محضر الجلسة أن المحكمة فضت خطاب التهديد وناقشت الطاعن فيما ورد به، وهذا يبطل الإجراءات ويعيب حكمها، وأضاف الطاعن أن محكمة أول درجة التي تأيد حكمها استئنافيا لأسابه لم تبين كيف استظهرت توافر القصد الجنائي من الوقائع فقد اقتصرت على القول بوجود عداء بين العائلتين دون أن تبين أن الطاعن كان ينتوي ببلاغه الإضرار بالمبلغ ضدهم.
وحيث إن حكم محكمة أول درجة المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى والأدلة على ثبوتها وذكر أن المحكمة اطلعت على الخطاب الذى أشار إليه المتهم الأول في بلاغه لنيابة بندر الزقازيق وهو خطاب التهديد موضوع ذلك البلاغ وأثبتت المحكمة نص هذا الخطاب في حكمها مما يفيد اطلاع المحكمة على ورقة التهديد الذى دانت به المتهم، لما كان ذلك وكان الحكم قد تعرض للقصد الجنائي وبين ثبوته لدى الطاعن بقوله: "وسوء قصد المتهم الأول وعلمه بكذب بلاغه ثابتان ثبوتا لا شك فيه من القضايا الجزئية القائمة بين العائلتين والتي أثبتت المحكمة عنصر التلفيق فيها من جانب عائلة المتهم الأول وبالأخص الجنحة التي أشار إليها هذا المتهم في بلاغه ضد المدعيين ومن اتفاق المتهمين على الكيد للمدعين.... " وما قاله الحكم من ذلك صريح في أن الطاعن أقدم على التبليغ مع علمه بأن الوقائع التي بلغ عنها مكذوبة وأنه انتوى الكيد لهما وبذلك استوفي التحكم بهذا البيان كل ما يتطلبه القانون لتوافر ركن القصد الجنائي في هذه الجريمة، لما كان ذلك وكان لا تثريب على المحكمة إذ هي أغفلت الأوراق المقدمة من الدفاع عن الطاعن فلم تتناولها في حكمها إذ معنى ذلك أنها لم تر أن تجارى الدفاع فبما استدل به منها، وبحسب المحكمة أن تكون قد أكدت وقوع الجريمة بأركانها من الطاعن وبينت الأدلة السائغة التي استندت إليها في ثبوت هذه الجريمة في حق الطاعن، ولم تجد فيما قدمه الدفاع من الأوراق ما هو جدير بالاعتبار، ومن ثم فلا تكون قد أخلت بحق الطاعن في الدفاع، أما ما عدا ذلك مما يثيره الطاعن في طعنه بشأن أدلة الدعوى فليس سوى جدل موضوعي لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن المقدم من الطاعن الأول على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.
وحيث أن النيابة رفعت الدعوى العمومية على المتهم الثاني (الطاعن الثاني) لأنه شهد زورا لمصلحة المتهم الأول في الجناية رقم 89 لسنة 1950 بندر الزقازيق وطلبت عقابه بمقتضي المادة 294 من قانون العقوبات فدانته المحكمة على هذا الأساس، ولما كان الثابت من الأوراق ومما جاء بحكم محكمة أول درجة الذى أيده الحكم المطعون فيه أخذا باسبابه أن النيابة حفظت الجناية المذكورة لعدم معرفة الفاعل لها، وكانت الشهادة المسندة إلى الطاعن لم تحصل أمام القضاء كما يتطلبه القانون في جريمة شهادة الزور المنطبقة على المادة 294 المذكورة، فان الواقعة التي دين الطاعن بها لا تتوافر فيها العناصر القانونية لجريمة شهادة الزور، وتكون المحكمة إذ عاقبته عليها قد أخطأت في تطبيق القانون ويتعين تصحيح هذا الخطأ والحكم ببراءته.