أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 5 - صـ 150

جلسة 7 من ديسمبر سنة 1953

المؤلفة من السيد اسماعيل مجدي المستشار رئيسا، والسادة المستشارين: مصطفى حسن، وحسن داود، وأنيس غالى، ومصطفى كامل أعضاء.

(50)
القضية رقم 1435 سنة 23 القضائية

إثبات. أخذ المتهم باعتراف متهم آخر عليه. جائز.
للمحكمة أن تأخذ المتهم باعتراف متهم آخر عليه، دون أن تكوم ملزمة بتعزيز هذا الاعتراف بأدلة أخرى فى الدعوى ما دامت هى قد وثقت به واطمأنت إلى صحته.


الوقائع

اتهمت النيابة العمومية الطاعنين بأنهما: قلدا سندات صادرة من خزينة الحكومة وهى الأوراق المالية فئة العشرة قروش المبينة بالمحضر بأن اصطنعاها على غرار الأوراق الصحيحة، وطلبت من قاضى الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتها بالمادة 26 من قانون العقوبات، فصدر قراره بذلك ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضوريا عملا بمادة الاتهام المذكورة آنفا بمعاقبة كل من المتهمين بالسجن ست سنوات. فطعن المحكوم عليهما فى هذا الحكم بطريق النقض.. الخ.


المحكمة

... ومن حيث إن الطاعن الأول وإن قرر الطعن فى الميعاد، إلا أنه لم يقدم اسباب الطعن حسب القانون، فيكون طعنه غير مقبول شكلا.
وحيث إن طعن الثانى قد استوفى الشكل المقرر بالقانون.
وحيث إن هذا الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالقصور والخطأ فى الإسناد فى تطبيق القانون. ويقول في بيان ذلك إن الحكم ينقصه الدليل على اشتراكه مع المتهم الأول فى التقليد، وقد أخذ بأقوال المتهمين الآخرين ضد الطاعن فى التحقيق الابتدائى، دون أن يتعرض لعدولهم عنه أمام المحكمة، وهو إذ أخذ باعتراف متهم على متهم، لم يسبق ما يعزز هذا الاعتراف من أدلة أخرى. وقد استند إلى اعتراف منسوب للطاعن فى التحقيقات بأنه صاحب قطعة الصاج التى ضبطت عند المتهم الأول، واستطرد من ذلك إلى القول بأن تقرير مصلحة الطب الشرعى قد أثبت أن هذه القطعة ما هى إلا مطبعة صغيرة للأوراق المالية المزورة، فى حين أن هذه الآلة لم تعرض على الطاعن حتى يصح أن يكون الاعتراف منصبا عليها. وقد أغفل الحكم التحدث عن القصد الجنائى فى الجريمة التى دان الطاعن بها، إذ أنه لا يكفى مجرد العلم، بل لا بد أن يكون لدى المتهم نية استعمال الأوراق المزورة استعمالا ضارا.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما محصله أن الطاعنين قد اتفقا على تزوير الأوراق المالية من فئة العشرة قروش، واستحضرا لهذا الغرض آلة طباعة صغيرة، وأعدا الأحبار والأدوات اللازمة والكليشيهات، وأخذا يقلدان أوراق النقد الصادرة من الحكومة، ويصطعنان أورقا على غرارها، ثم يدفعان بها إلى المتهمين الآخرين لترويجها. فكانوا يوزعونها فى السوق العام، ويبيعونها لمن يتفقون معه بواقع سبعين قرشا لكل عشر ورقات، إلى أن اتصل واحد منهم بشاهد الإثبات سعيد محمد وأخذ يفاوضه فى ذلك، فتظاهر بالقبول، وتسلم منه الأوراق، ثم اتصل برجال المباحث الجنائية، وانتهى الأمر بضبط المروجين متلبسين، وبضبط أدوات التزوير في منزل المتهم الأول، واعتراف المتهمين الآخرين عليه وعلى المتهم الثاني, ثم أورد الحكم الأدلة على ثبوت تلك الواقعة مفصلة من شهادة الشهود وأقوال المتهمين، ومن الأدوات المضبوطة وتقرير مصلحة الطب الشرعى بشأنها، ولما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر فيه العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها، وكان للمحكمة أن تأخذ بما يقوله الشهود والمتهمون فى التحقيقات الأولية, وإن عدلوا عنها أمامها بالجلسة، كما أن لها أن تأخذ المتهم باعتراف متهم آخر عليه، دون أن تكون ملزمة بتعزيز هذا الاعتراف بأدلة فى الدعوى ما دامت هى قد وثقت به واطمأنت إلى صحته - لما كان ذلك، وكان الطاعن لا يدعى أنه طلب أن تعرض عليه الآلة التى أقر بملكيته لها سؤاله عنها، فمل تعرض عليه، فان ما يثيره الطاعن فى طعنه لا يكون له من محل، إذ هو فى حقيقته ليس إلا محاولة للجدل في موضوع الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا محل لإثارته أمام محكمة النقض، ومن ثم يتعين رفض هذا الطعن موضوعا.