أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة الأولى (من أكتوبر سنة 1994 لغاية يونيه سنة 1950) - صـ 17

جلسة 11 من يونيه سنة 1950

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد فهمي إبراهيم بك وأحمد حلمي بك وكيل المحكمة وأحمد حسني بك وفهيم إبراهيم عوض بك ومحمد علي رشدي بك وعبد الحميد وشاحي بك وسليمان ثابت بك وإبراهيم خليل بك ومحمد نجيب أحمد بك ومصطفى فاضل بك المستشارين.

(4)
الطلب رقم 4 سنة 19 القضائية

أقدمية. وكيل نيابة من الدرجة الثانية بالمحاكم الوطنية. تعيينه وكيلاً من الدرجة الثانية بالنيابة المختلطة. إعادته إلى النيابة الوطنية وكيلاً من الدرجة الثانية. يجب وضعه في الأقدمية تالياً لمن كان يسبقه مباشرة عند تعيينه في النيابة المختلطة.
إن القانون رقم 79 لسنة 1949 وإن كان حين تحدث في الفقرة الثالثة من المادة الثالثة منه عن وكلاء النائب العام من الدرجة الثانية في المحاكم المختلطة اعتبرهم كأنهم كانوا في وظائف وكلاء النائب العام من الدرجة الثانية في المحاكم الوطنية من تاريخ تعيينهم دون أن يتحدث عمن يكون منهم له خدمة سابقة في القضاء الوطني - إلا أن ذلك لا يدل على أن الشارع أراد أن يسوى في الحكم بين الفريقين؛ لأن في هذا إهداراً بدون مبرر لحكم المادتين 24 و83 من قانون استقلال القضاء اللتين نصتا على اعتبار أقدمية القضاة والمستشارين وأعضاء النيابة الذين يعادون إلى مناصبهم من تاريخ المرسوم الصادر بتعيينهم أول مرة، وليس من المستساغ أن يكون من اشتغل من هؤلاء في النيابة المختلطة في مركز أسوأ ممن شغل وظيفة أخرى أو اعتزل العمل ثم أعيد إلى وظيفته الأصلية. ومما يؤكد هذا النظر أن الشارع عند تحدثه عن وكلاء النائب العام من الدرجة الثانية عبر عن قصده بلفظة "كأنهم" التي تدل على أنه افترض أن جميع من يتحدث عنهم ليست لهم خدمة سابقة بالقضاء الوطني وكان هذا حال أغلبيتهم، وبناء على ذلك فوكيل النيابة من الدرجة الثانية بالمحاكم الوطنية الذي عين وكيلاً للنائب العام من الدرجة الثانية بالمحاكم المختلطة يجب عند إعادته إلى القضاء الوطني في وظيفة وكيل النائب العام من الدرجة الثانية أن يوضع في ترتيب الأقدمية تالياً لمن كان يسبقه في الأقدمية عندما عين بالمحاكم المختلطة، فإذا هو وضع في غير هذا الترتيب كان وضعه خطأ، وإذا كان قد ترتب على هذا الخطأ أن صدر قرار من وزير العدل بترقية طائفة من وكلاء النائب العام من الدرجة الثانية إلى الدرجة الأولى ممن كانوا يلونه في الأقدمية عند نقله إلى النيابة المختلطة كان من المتعين إلغاء هذا القرار فيما تضمنه من تخطيه في الترقية بسبب الأقدمية التي حددت له على خلاف ما يقضي به القانون.


الوقائع

في 24 من أكتوبر سنة 1949 طعن في المرسوم الصادر في 26 من سبتمبر سنة 1949 بتعيين وكلاء للنائب العام لدى المحاكم الوطنية وذلك بتقرير طلب فيه الطالب الحكم بإلغاء المرسوم المذكور فيما تضمنه من وضعه في الأقدمية بعد الأستاذ... وما ترتب عليه من الآثار وإلزام المدعى عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وفي 26 من أكتوبر سنة 1949 أعلن المدعى عليهما بتقرير الطعن.
وفي 2 من نوفمبر سنة 1949 أودع الطالب أصل ورقة إعلان المدعى عليهما ومذكرة بشرح الأسباب وحافظة بمستنداته.
وفي 3 من ديسمبر سنة 1949 أودعت المدعى عليها الثانية مذكرة بدفاعها طلبت فيها أصلياً أولاً رفض الدعوى في شقها الأول الخاص بإلغاء المرسوم وثانياً الحكم ببطلان التقرير فيما يتعلق بطلب إلغاء القرار الوزاري الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1949 واحتياطياً رفض هذا الطلب الأخير مع إلزام الطالب بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 10 من ديسمبر سنة 1949 أودع الطالب مذكرة بالرد.
وفي 6 من أبريل سنة 1950 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطلب شكلاً وفي الموضوع بإلغاء المرسوم الصادر في 26 من سبتمبر سنة 1949 بتعيين وكلاء للنائب العام لدى المحاكم الوطنية فيما تضمنه من وضع الطالب في الأقدمية بعد الأستاذ... وما يترتب عليه من الآثار وإلزام المدعى عليهما بالمصروفات.
وفي 7 من مايو سنة 1950 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة الخ.


المحكمة

ومن حيث إن الطالب ينعى على المرسوم الصادر في 26 من سبتمبر سنة 1949 بتعيين وكلاء للنائب العام لدى المحاكم الوطنية من الدرجة الثانية أنه أخطأ في تطبيق القانون إذ نص على وضع الطالب في الأقدمية في الدرجة المذكورة بعد حضرة... ووجه الخطأ هو أن الطالب عين وكيلاً للنائب العام لدى المحاكم الوطنية من الدرجة الثالثة بمرسوم صدر في 10 من فبراير سنة 1947 ثم رقى في 5 من يناير سنة 1948 وكيلاً للنائب العام لدى المحاكم الوطنية من الدرجة الثانية وكان ترتيبه في الدرجة المذكورة يلي حضرة... ثم عين في 26 من يناير سنة 1948 وكيلاً للنائب العام لدى المحاكم المختلطة من الدرجة الثانية. فلما أعيد بموجب المرسوم المطعون فيه إلى القضاء الوطني وعين وكيلاً للنائب العام لدى المحاكم الوطنية من الدرجة الثانية أهدرت أقدميته السابقة في الدرجة المذكورة واعتبرت أقدميته بها من تاريخ تعيينه بالنيابة المختلطة تطبيقاً للفقرة الثالثة من المادة الثالثة من القانون رقم 79 سنة 1949 التي تقضي باعتبار وكلاء النائب العام من الدرجة الثانية في المحاكم المختلطة عند نقلهم إلى المحاكم الوطنية كأنهم كانوا في وطائف وكلاء النائب العام من الدرجة الثانية في المحاكم الوطنية من تاريخ تعيينهم في حين أن هذه الفقرة لا تنطبق على حالته وإنما تسري عليها القواعد العامة المستمدة من المادة الثانية من القانون رقم 79 لسنة 1949 مكملة بالقانون رقم 66 سنة 1943 المعدل بالقانون رقم 13 سنة 1948 وهي توجب وضع الطالب في الأقدمية التي كانت له قبل نقله إلى النيابة المختلطة، وقد ترتب على هذا الخطأ إن صدر قرار من وزير العدل في 29 من أكتوبر سنة 1949 بترقية وكلاء النائب العام من الدرجة الثانية إلى الدرجة الأولى ممن كان يجب أن يلوا الطالب في الأقدمية لو أنه وضع في مكانه الصحيح بعد حضرة... وطلب إلغاء المرسوم الصادر في 26/ 9/ 1949 فيما نص عليه من وضعه في الأقدمية بعد حضرة... وإلغاء القرار الصادر من وزير العدل في 29/ 10/ 1949 الذي ترتب عليه وذلك فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى وكيل النائب العام من الدرجة الأولى في دوره واعتبار أقدميته بعد حضرة...، وفي جلسة المرافعة قرر الطالب أنه صدر قرار في 21 مارس سنة 1950 بترقيته إلى وكيل نيابة من الدرجة الأولى وقدم عدد الوقائع المصرية الذي نشر فيه هذا القرار وأضاف إلى طلباته السابقة طلب اعتبار أقدميته بعد... وقبل... واعتبار ترقيته وكيلاً للنائب العام من الدرجة الأولى من تاريخ تنفيذ القرار بترقية زميله... وكيلاً للنائب العام من الدرجة الأولى.
ومن حيث إن وزارة العدل ردت على ذلك بأن المشرع لم يفته عند وضع القانون رقم 79 سنة 1949 أن رجال القضاء والنيابة بالمحاكم المختلطة فئات متعددة، كما أنه لم يفته أيضاً أن منهم من له خدمة سابقة بالقضاء الوطني ومنهم من ليس كذلك فوضع لكل فئة حكماً خاصاً على حدة وأحال على قانون استقلال القضاء في شأن من لم يضع لهم حكماً خاصاً فلا يستقيم بعد ذلك أن ينسب إليه أن سها عن وضع قاعدة لوكلاء النائب العام من الدرجة الثانية الذين لهم خدمة سابقة بالقضاء الوطني، ومن مقتضى هذا النظر أن الفقرة الثالثة من المادة الثالثة من القانون رقم 79 سنة 1949 تنطبق على جميع وكلاء النيابة المختلطة من الدرجة الثانية سواء منهم من كانت لهم خدمة سابقة بالقضاء الوطني ومن لم تكن لهم خدمة سابقة به، وأن التلازم الذي افترض الطالب قيامه بين إلغاء المرسوم المطعون فيه فيما تضمنه من إهدار أقدميته وبين بطلان قرار الترقية التالي له لا وجود له، لأن بفرض صحة دعواه في الأقدمية فإن الترقية ليست نتيجة حتمية لها، أما النيابة العامة فقد انضمت إلى الطالب في طلباته. ومن حيث إن القانون رقم 79 سنة 1949 كما جاء في عنوانه وضع لتنظيم نقل رجال القضاء وأعضاء النيابة المصريين في المحاكم المختلطة عند نهاية فترة الانتقال إلى المحاكم الوطنية ولتحديد أقدميتهم. فنص في المادة الأولى منه على نقل مستشاري محكمة الاستئناف المختلطة المصريين والمحامي العام الأول عند نهاية فترة الانتقال إلى محاكم الاستئناف الوطنية بمرتباتهم التي يتقاضونها واعتبار أقدميتهم بالنسبة إلى زملائهم في محاكم الاستئناف الوطنية من تاريخ المرسوم الصادر بتعيينهم في وظائفهم. ونص في الفقرة الثانية من هذه المادة على أنه إذا كان أحد من تقدم ذكرهم قد سبق أن شغل وظيفة محام عام أول أو مستشار ملكي اعتبرت أقدميته من تاريخ تعيينه في هذه الوظيفة ونص في الفقرة الأولى من المادة الثانية على نقل القضاء ورؤساء النيابة ممن لهم خدمة سابقة في القضاء الوطني في مثل وظائف زملائهم فيه ويلون في الأقدمية من كان سابقاً عليهم من زملائهم حين نقلهم إلى القضاء المختلط، أما القضاة ورؤساء النيابة الذين لم يكن لهم خدمة سابقة في القضاء الوطني فينقلون إلى القضاء الوطني في الدرجة والأقدمية المناسبة لحالتهم بحسب القواعد المنصوص عليها في القانون رقم 66 سنة 1943 باستقلال القضاء المعدل بالقانون رقم 13 سنة 1948 بالقيود والشروط المبينة في تلك المادة. وتنص المادة 24 من قانون استقلال القضاء على اعتبار أقدمية القضاة والمستشارين الذين يعادون إلى مناصبهم من تاريخ المرسوم الصادر بتعيينهم أول مرة. وتنص المادة 83 منه على أن أقدمية أعضاء النيابة تتقرر بالطريقة المقررة لأقدمية رجال القضاء وفقاً للمادة 24 من القانون المذكور. ومن ذلك يبين أن القانون رقم 79 سنة 1949 أحال على قانون استقلال القضاء في شروط التعيين وتحديد الأقدمية مع بعض قيود نص عليها صراحة وذلك في شأن القضاة ورؤساء النيابة الذين لم تكن لهم خدمة سابقة في القضاء الوطني، ولما تحدث القانون المذكور في الفقرة الثالثة من المادة الثالثة منه عن وكلاء النائب العام من الدرجة الثانية في المحاكم المختلطة اعتبرهم كأنهم كانوا في وظائف وكلاء النائب العام من الدرجة الثانية في المحاكم الوطنية من تاريخ تعيينهم دون أن يتحدث عمن يكون منهم له خدمة سابقة في القضاء الوطني، غير أن ذلك لا يدل على أن الشارع أراد أن يسوي في الحكم بين الفريقين لأن في هذا إهداراً بدون مبرر لحكم المادتين 24 و83 من قانون استقلال القضاء اللتين نصتا على اعتبار أقدمية القضاة والمستشارين وأعضاء النيابة الذين يعادون إلى مناصبهم من تاريخ المرسوم الصادر بتعيينهم أول مرة، وليس من المستساغ أن يكون من اشتغل من هؤلاء في النيابة المختلطة في مركز أسوأ ممن شغل وظيفة أخرى أو اعتزل العمل ثم أعيد إلى وظيفته الأصلية، ومما يؤكد هذا النظر أن الشارع عند تحدثه عن وكلاء النائب العام من الدرجة الثانية عبر عن قصده بعبارة "كأنهم" وهي تدل على أنه افترض أن جميع من يتحدث عنهم ليست لهم خدمة سابقة بالقضاء الوطني وكان هذا حال غالبيتهم.
ومن حيث إنه وقد وضع القانون الضوابط لتحديد الأقدمية على النحو المتقدم فإن المرسوم الصادر في 26/ 9/ 1949 المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بنصه على وضع الطالب في الأقدمية بعد حضرة... في حين كان يجب وضعه فيها تالية لحضرة... مباشرة وهو الذي كان يسبقه في الأقدمية عندما عين وكلاء للنائب العام بالمحاكم المختلطة ويتعين إلغاء هذا المرسوم في هذا الخصوص.
ومن حيث إنه ترتب على الخطأ في تحديد أقدمية الطالب بمقتضى المرسوم المطعون فيه أن صدر قرار وزير العدل في 29 من أكتوبر سنة 1949 بترقية طائفة من وكلاء النائب العام من الدرجة الثانية إلى الدرجة الأولى ممن كانوا يلون الطاعن في الأقدمية عند نقله إلى النيابة المختلطة فيتعين إلغاء هذا القرار فيما تضمنه من تخطي الطالب في