أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 5 - صـ 250

جلسة 12 من يناير سنة 1954

المؤلفة من السيد رئيس المحكمة أحمد محممد حسن رئيسا، والسادة المستشارين: اسماعيل مجدى، ومصطفى حسن، وأنيس غالى، ومصطفى كامل أعضاء.

(83)
القضية رقم 2105 سنة 23 القضائية

دفاع. تأجيل المحكمة نظر الدعوى بناء على طلب محامى الطاعن. أمرها بحبس الطاعن احتياطيا. لا إخلال بحق الدفاع.
إذا كانت المحكمة قد استجابت لطلب محامى الطاعن فى الجلسة الأولى وأجلت نظر الدعوى لمرضه، وكانت قد استعملت الحق الذى خولته لها المادة 380 من قانون الإجراءات الجنائية، وأمرت بحبس الطاعن احتياطيا - فإن ذلك منها لا إخلال فيه بحقه فى الدفاع.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: ضربا عبد العظيم عبد الجليل عوض عمدا مع سبق الإصرار والترصد فأحدثا به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصدا من ذلك قتله ولكن الضرب أفضى إلى موته، وطلبت من قاضى التحقيق إحالتهما على غرفة الاتهام لتحيلهما بدورها لمحكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمادة 226/ 1 من قانون العقوبات، فقررت بذلك. ومحكمة جنايات الفيوم قضت فيها حضوريا: أولا - بمعاقبة المتهم الأول اسماعيل ميهوب محمد بالسجن لمدة ثلاث سنوات عن واقعة ضرب المجنى عليه ضربا أفضى إلى موته, وذلك عملا بمادة الاتهام، وثانيا - بمعاقبة المتهم الثانى عبد الهادى رحيل مرعى بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عن واقعة الضرب المجنى عليه ضربا بسيطا وأعفتهما من المصروفات الجنائية، وذلك عملا بالمادة 242/ 1 من قانون العقوبات، فطعن الطاعنان فى هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

.. ومن حيث إن الطاعن الثانى لم يقدم أسبابا لطعنه فيتعين عدم قبول طعنه شكلا.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعن الأول قد استوفى الشكل المقرر بالقانون.
وحيث إن هذا الطاعن يرمى الحكم المطعون فيه بأنه أخل بحقه فى الدفاع، وذلك لأن محاميه كان مريضا وأناب عنه زميلا له فى طلب تأجيل الدعوى من الجلسة الأولى التى حددت لنظرها وزوده بشهادة مرضية قدمها الزميل للمحكمة مثبتا بها عذر المحامى الأصيل فعرضت المحكمة تأجيل الدعوى لليوم التالى ولكن الزميل أصر على طلب التأجيل لدور مقبل فأجابته المحكمة إلى هذا الطلب وأمرت فى نفس الوقت بالقبض على الطاعن وحبسه احتياطيا على ذمة القضية لحين الفصل فيها ثم حدد لنظرها جلسة 2 من يونيه سنة 1953 ومع أن محامى الطاعن كان لا يزال مريضا حتى هذا اليوم فإنه اضطر إشفاقا على موكله للسفر وحضور الجلسة ثم طلب التأجيل لنفس العذر مع الافراج عن المتهم فردت عليه المحكمة بأنها لا تستطيع أن تعده بالإفراج فترافع مجبرا حتى يتفادى استمرار حبس موكله احتياطيا لحين نظر الدعوى. ويرمى الحكم كذلك بأنه أخطأ في تطبيق القانون، إذ لم يأخذ بدفاعه الذي أبداه في الجلسة من أنه كان في حالة دفاع شرعي عن نفسه تأسيسا على ما قاله من أن المجني عليه لما قابله ابتدره بالسب وكان يحمل فى يده عصا رفعها وهى التى ضرب بها الطاعن والقانون لا يستلزم لتوليد حق الدفاع الشرعي عن النفس أن يكون قد وقع اعتداء بالفعل بل يكتفى أن يكون قد رفع من المجنى عليه فعل يخشى منه المتهم وقوع جريمة من الجرائم التى يقرر القانون حق الدفاع لاشعى إزاءها. وما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن الفريقين كانا طرفين فى الاعتداء لا يصلح ردا على دفاع الطاعن، لأنه لم يبن أى الفريقين كان البادى بالاعتداء ولا بد أن يكون الأمر كذلك ولا يشترط أن يكون الاعتداء حقيقيا فقد يكون وهميا أو لا وجود له إذا القت الظروف والملابسات فى روع المدافع أن هناك اعتداء حقيقيا وجديا موجها إليه.
ومن حيث إن الوجه الأول من الطعن مردود بأن المحكمة قد استجابت لطلب محامى الطاعن فى الجلسة الأولى وأجلت نظر الدعوى لمرضه وإذا كانت قد استعملت الحق الذى خولته لها المادة 380 من قانون الإجراءات الجنائية وامرت بحبس الطاعن احتياطيا فإن ذلك منها لا إخلال فيه بحقه فى الدفاع. أما باقى ما يثيره فمردود بأن المحكمة بعد أن قررت نظر الدعوى فى حدود سلطتها وسمعت الشهود بحضور محامى الطاعن قد أبدى هذا المحامى دفاعه عن موكله دون أن يشير إلى وجود أى عائق أو عاقه عن استيفاء دفاعه.
ومن حيث إن ما يثره الطاعن فى الوجه الثانى من أنه كان فى حالة دفاع شرعى عن النفس، مردود بأن الثابت على لسانه فى محضر الجلسة قوله "إحنا كنا طالعين من البحر أنا وعبد الهادى راحيل وقابلنا المجنى عليه وقال هو انتم مافيش حواليكم إلى البحر وسرقة المياه فقلت إياك إحنا نأخذ حقنا وكان معى عصا زقيته بها وكان معه نبوت شرع به ونزل على فتلقيتها على العصا وكسرتها وأصابت ذراعى وأنا لما زقيته بالعصا جاءت على كتفه", وأن هذا القول قد استند إلى الحكم فى الرد على دفاعه بأنه كان فى حالة دفاع شرعى عن نفسه. ولما كان ما استخلصه الحكم متفقا مع ما ثبت فى محضر الجلسة على لسان الطاعن فإن هذا الوجه لا يكون له أساس.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.