أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 5 - صـ 253

جلسة 12 من يناير سنة 1954

المؤلفة من السيد رئيس المحكمة أحمد محمد حسن رئيسا، والسادة المستشارين: مصطفى حسن، ومحمود إبراهيم اسماعيل، وأنيس غالى، ومصطفى كامل أعضاء.

(84)
القضية رقم 2108 سنة 23 القضائية

إثبات. اعتراف. تجزئته. جائزة.
لمحكمة الموضوع أن تجزئ أى دليل يطرح عليها ولو كان اعترافا وتأخذ منه بما تطمئن إليه وتطرح سواه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة 1 - محمود محمد أحمد الخطيب الشهير بمحمود (الطاعن) و2 - محمد محمد أحمد الخطيب الشهير بقرقار، بأنهما المتهم الأول ضرب عمدا عبد الحكيم إبراهيم أحمد الخطيب بجسم صلب راض على رأسه فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يكن يقصد من ذلك قتله ولكن الضرب أفضى إلى موته، والمتهم الثانى - ضرب عمدا المجنى عليه السابق بعصا على ذراعه اليسرى فأحدث به الإصابات الموضحة بالتقرير الطبى والتى تقررت لعلاجها مدة تزيد على العشرين يوما، وطلبت من قاضى التحقيق أن يحيل هذه الدعوى على غرفة الاتهام لتحيلها بدورها لمحكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمادتين 236/ 1 عقوبات للأول و241/ 1 للثانى فقررت بذلك. وقد ادعى بحق مدنى كل من محمد وفاطمة وحليمه وسيد ونفيسه أولاد وبنات المرحوم عبد الكريم ابراهيم احمد، ثم السيدة نبيهة عبده عبد الرحمن وطلبوا القضاء لهم قبل المتهمين متضامنين بمبلغ مائتى جنيه تعويضا. ومحكمة جنايات سوهاج قضت حضوريا عملا بمادة الاتهام - بالنسبة إلى المتهم الأول (الطاعن) أولا - بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنين وأعفته من المصاريف الجنائية وبالزامه بأن يدفع للمدعين بالحق المدنى مبلغ مائتى جنيه مصرى تعويضا والمصاريف المدنية ومبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب محاماة، وثانيا - ببراءة المتهم الثانى مما نسب إليه وإعفائه من المصاريف الجنائية، وبرفض الدعوى المدنية قبله. فطعن الطاعن فى هذ الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الطعن هو أن الطاعن اعترف بتماسكه بالمجنى عليه وأنكر الاعتداء عليه بالضرب، غير أن المحكمة جزأت هذا الاعتراف، واتخذت منه دليلا على ثبوت التهمة، كما استندت فى ثبوتها إلى شهادة الشهود فى التحقيقات وفى الجلسة مع أن شهادتهم لم تنصب على رؤية الواقعة، وإنما اقتصرت على بيان النزاع الذى حدث فى صبيحة يوم الحادث بين بعبض أفراد الفريقين. هذا إلى أن دفاع الطاعن بالجلسة، الذى تأيد بشهادة الشهود، قد قام على أن إصابة المجنى عليه حدثت من ولده حين أراد أن يضرب الطاعن بالعصا فأخطأته وأصابت رأس المجنى عليه ولكن الحكم لم يشر إلى هذا الدفاع ولم يرد عليه، ويضيف الطاعن أن ما شهدت به ابنة المجنى عليه فى التحقيقات من أنها رأت الطاعن يضرب أباها بقطعة من الحديد على الجزء الأيمن من رأسه قد كذبته المعاينة وتقرير الطبيب الشرعى، مما دعا النيابة العامة إلى عدم الأخذ بشهادتها وعدم إعلانها شاهدة فى الدعوى.
وحيث إنه لا وجه لكل ما يثيره الطاعن فى طعنه، فالحكم المطعون فيه حين دانه بجريمة الضرب المفضى إلى الموت قد بين واقعة الدعوى وأورد الأدلة التى استخلصت منها المحكمة وقوعها منه، وهى أدلة مستمدة من أقوال المجنى عليه فى التحقيقات قبل وفاته، ومن شهادة الشهود، واعتراف الطاعن بتماسكه بالمجنى عليه ومن تقرير الصفة التشريحية - لما كان ذلك، وكان الحكم قد تعرض لما دفع به الطاعن من أن إصابة المجنى عليه حدثت من يد ولده، ورد عليه بقوله "إن هذا الشق من الدفاع مردود بما قرره محمد عبد الحكيم الخطيب ابن المجنى عليه، والمجنى عليه نفسه فى آخر أقواله أمام قاضى التحقيق من أن الابن لم يكن موجودا وقت التعدى على والده وإصابته، ومردود كذلك بما قرره ثابت محمد سليمان عمدة عنيس والخفير محمد أحمد عبد الرحيم فى التحقيقات من أن ابن المجنى عليه كان موجودا عند العمدة عندما حضر الخفير المذكور ليبلغ العمدة بالاعتداء الحاصل على المجنى عليه" - لما كان ما تقدم، وكان للمحكمة أن تجزئ أي دليل يطرح عليها ولو كان اعترافا وتأخذه منه بما تطمئن إليه وتطرح سواه، فإن ما يثيره الطاعن فى طعنه لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا فى تقدير أدلة الدعوى ومبلغ كفايتها للادانة مما لا شأن لمحكمة النقض به.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير اساس ويتعين رفضه موضوعا.