أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 5 - صـ 77

جلسة 16 من نوفمبر سنة 1953

المؤلفة من السيد رئيس المحكمة أحمد محمد حسن رئيسا والسادة المستشارين: اسماعيل مجدى، ومصطفى حسن وحسن داود ومحمود ابراهيم اسماعيل أعضاء.

(27)
القضية رقم 49 سنة 23 القضائية

عفو شامل. القانون رقم 421 لسنة 1952، الجرائم التى ارتكبت لغرض ديني أو اجتماعى تخرج عن تلك الحدود.
لما كان القانون رقم 241 لسنة 1952 قد حدد معنى الجريمة السياسية التى هدف إلى شمولها بالعفو بما نص عليه تحديدا واضحا في مادته الأولي من أن يعفي عن الجنايات والجنح والشروع فيها التى ارتكبت لسبب أو لغرض سياسي... وكانت الجرائم التى ارتكبت لغرض ديني أو اجتماعى تخرج عن تلك الحدود، فإنه لا يمكن اعتبارها جريمة سياسية، كما عرفها الشارع فى المرسوم بقانون رقم 241 لسنة 1952.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة هذا الطاعن بأنه مع آخرين – أولا: أتلفوا بالقوة الاجبارية كؤوسا وأطباقا وزجاجات وألواح زجاج مبينة الوصف والقيمة للخواجه انطون ملتياوى تراندفيلو حالة كونهم عصبة وذلك بأن اتفقوا على مهاجمة حانة المجنى عليه وتحطيمها بالقوة الإجبارية وتوجهوا إليها مسلحين بالعصى الغليظة واقتحموها وأخذوا يعملون بعصيهم في الكؤوس والأطباق والزجاجات وألواح الزجاج. ثانيا: ضربوا حفنى الدريني بالعصي فأحدثوا به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتى تقرر لعلاجها مدة تقل عن عشرين يوما حالة كونهم عصبة مؤلفة من أكثر من خمسة أشخاص مسلحين بالعصى توافقوا على التعدى والايذاء. وطلبت إلى قاضى الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 366 و242 و243 من قانون العقوبات، فقرر بتاريخ 19 من فبراير سنة 1939 ومحكمة جنايات مصر قضت عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادتين 17 و32 من قانون العقوبات بمعاقبة اسماعيل عثمان عامر بالحبس مع الشغل لمدة سنة. وتظلم الطاعن من عدم إدراج اسمه فى كشوف العفو الشامل تطبيقا للمرسوم بقانون رقم 241 لسنة 1952 ومحكمة جنايات مصر قضت بقبوله شكلا وفي الموضوع برفضه. فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

.... ومن حيث إن الطاعن يبني طعنه على أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق قانون العفو لعدم إصابة المحكمة فهم الغرض من هذا القانون الذى يبين من نصوصه أنه أخذ بالمذهبين المادى والشخصى فشمل الجرائم التى ترتكب لغرض أو سبب سياسي، وكذلك الجرائم الأخرى التى اقترنت بها أو تقدمتها أو تلتها، وكان القصد منها التأهب لفعلها أو تسهيلها وارتكابها بالفعل أو مساعدة مرتكبيها أو شركائهم على الهرب والتخلص من العقوبة أو إيوائهم أو إخفاء أدلة الجريمة وليس للمحكمة أن تضيق نطاق تطبيق القانون فتقول إن الشارع المصري أخذ بالمذهب الشخصي الذى يقيس الجريمة بغرض الجانى منها وبالدافع على ارتكابها وأن الجريمة السياسية هى التى تتصل بنظام الدولة السياسى وبحقوق الأفراد السياسية دون غيرها مما يتصل بالأمور الدينية أو الاجتماعية وأن دعوة الأحزاب السياسية إلى الإصلاح الاجتماعى أو الزراعى أو الصناعى لا يعتبر عملا سياسيا، مع أن الأحزاب السياسية في سبيل الوصول إلى الحكم تنشر دعاية لبرنامجها الإصلاحى من كافة نواحيه، وهذه الدعاية ليست سوى نشاط سياسي فى ظل النظام الدستورى، وقد تصورت المحكمة أن قانون العفو لا يتحدث إلا عن الغرض السياسي فوضعت المعايير التى يستهدى بها لمعرفة هذا الغرض، وفاتها أن الشارع نص أيضا على الجرائم التى ترتكب لسبب سياسي، والطاعن لم يرتكب ما ارتكبه إلا بسبب انتمائه لحزب سياسي، بل هو رئيس هذا الحزب فى مدينة الاسكندرية, ولم يكن مدفوعا فيما فعل بالأنانية أو ليجر مغنما، وإنما كان يستهدف المصلحة العامة ومصلحة الحزب الذى ينتمى إليه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين ما قصده الشارع فى قانون العفو ووجوب قيام الصلة المباشرة بين الجريمة التى يشملها هذا القانون وبين الغرض أو السبب السياسي قال: "إن الطاعن على فرض حسن غايته فانه كان يهدف إلى تحقيق غرض دينى أو اجتماعى، ذلك أن الدين ينهى عن الخمر والميسر، فارتكب ما ارتكب من إتلاف لهذا الغرض غير مدفوع بسبب سياسي، أو هادف إلى غرض سياسي والقول بأن مبادئ حزب مصر الفتاة وهو حزب سياسي مقاطعة الخمور لا يغير من الغرض الديني أو الاجتماعى شيئا ولا يجعله سياسيا ذلك أن مبادئ الأحزاب كثيرا ما تشمل الدعوة إلى الاصلاح الاجتماعى وغيره من إصلاح زراعي أو صناعي أو اقتصادي وما يرتكب من جرائم في سبيل تحقيق تلك الأغراض يكون وقوعه لغرض اجتماعي أو رزاعي أو اقتصادي، وهو الغرض المباشر الذي يهدف إليه الجاني وكون الجاني رئيس شعبة سياسية لا يستلزم أن تكون كل جرائمه سياسية بل يتحدد الغرض من كل جريمة ما يهدف إليه غرض متصل بم يهدف إليه من غرض متصل بها" لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أسس قضاءه برفض تظلم الطاعن على ما رآه من أن غرضه من ارتكاب جريمتى الإتلاف والاعتداء بالضرب هو غرض دينى أو اجتماعى وكان القانون رقم 241 لسنة 1952 قد حدد معنى الجريمة السياسية التى هدف إلي شمولها بالعفو بما نص عليه تحديدا واضحا في مادته الأولي من أن يعفي عن الجنايات والجنح والشروع فيها التى ارتكبت لسبب أو لغرض سياسي... وكانت الجرائم التي ارتكبت لغرض دينى أو اجتماعي تخرج عن تلك الحدود، فإنه لا يمكن اعتبارها جريمة سياسية, كما عرفها الشارع فى المرسوم بقانون رقم 241 لسنة 1952، لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد طبق القانون تطبيقا سليما.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.