أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 5 - صـ 81

جلسة 17 من نوفمبر سنة 1983

المؤلفة من السيد رئيس المحكمة الأستاذ أحمد محمد حسن رئيسا، والسادة المستشارين: اسماعيل مجدى، وحسن داود، ومحمود ابراهيم اسماعيل، ومصطفى كامل أعضاء.

(28)
القضية رقم 62 سنة 23 القضائية

(ا) نقض. الشهادة التى يصبح الاعتداد بها في الإثبات عدم التوقيع على الحكم في الثلاثين يوما التالية لصدوره. هى التى تثبت أن الطالب قد توجه إلي قلم الكتاب للاطلاع عليه فلم يجده به رغم مضى ثلاثين يوما.
(ب) عفو شامل، المرسوم بقانون رقم 241 لسنة 1953. معنى الجريمة السياسية التى قصد أن يمنح العفو لمرتكبيها.
1 – إن الشهادة التى يصح الاعتداد بها فى إثبات عدم التوقيع على الحكم فى الثلاثين يوما التالية لصدوره إنما هى التي تثبت أن الطالب قد توجه إلى قلم الكتاب للاطلاع عليه فلم يجده به رغم مضي الثلاثين يوما من يوم صدوره، ولذا فلا عبرة فى هذا المقام بما جاء فى الإعلان من أن الحكم أودع قلم الكتاب فى يوم معين ولا يكون هناك أساس لما يثيره الطاعن من بطلان الحكم بعدم التوقيع عليه فى ظرف الثلاثين يوما من تاريخ صدوره.
2 – إن قضاء محكمة النقض قد استقر على أن الشارع قد حدد فى المرسوم بقانون رقم 241 لسنة 1952 ومذكرته الإيضاحية معنى الجريمة السياسية التي قصد أن يمنح العفو لمرتكبيها بأنها هي التى ارتكبت لسبب أو لغرض سياسي وقيدها بأن تكون متعلقة بالشئون الداخلية للبلاد، وذلك لعلة معينة رآها هي إسدال الستار على التطاحن الداخلى وآثاره باعتبار أن الإجرام فى هذا النوع من الجرائم نسبى لا يستهدف الجانى فيه إشباع غرض شخصى أو يندفع إليه بباعث من الأنانية، وإذن فمتى كان الثابت أن الطاعن دين بأنه: أولا – انضم إلى جمعية بمصر ترمي إلي سيطرة طبقة اجتماعية على غيرها من الطبقات وإلى القضاء على طبقة اجتماعية وقلب نظم الدولة الأساسية للهيئة الاجتماعية، وكان استعمال القوة والارهاب والوسائل الأخرى غير المشروعة ملحوظا فى ذلك، ثانيا – روج بالمملكة المصرية لتغير مبادئ الدستور الأساسية والنظم الأساسية للهيئة الاجتماعية وكان استعمال القوة والإرهاب والوسائل الأخرى غير المشروعة ملحوظا في ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ قال إن هاتين الجريمتين ليستا من الجرائم السياسية التي قصد المرسوم السالف الذكر العفو عنها يكون قد طبق القانون تطبيقا سليما.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية العسكرية العليا بأنه أولا – انضم إلى جميعة بمصر ترمى إلى سيطرة طبقة اجتماعية على غيرها من الطبقات وإلى القضاء على طبقة اجتماعية وقلب نظم الدولة الأساسية للهيئة الاجتماعية وكان استعمال القوة والإرهاب والوسائل الأخرى غير المشروعة ملحوظا فى ذلك بأن انضم إلى مؤسسة سرية تطلق عليها اسم "ج" تعتنق وتطبق مذهب كارل ماركس ومذاهب لينين وستالين الثورية وترمي إلى إقامة حكم الطبقة العاملة وسيطرتها على غيرها من الطبقات ومحو طبق الرأسماليين وإلغاء الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج متوسلة إلى ذلك بالوسائل الثورية غير المشروعة المبينة في تعاليم لينين وستالين. ثانيا – روج بالمملكة المصرية لتغيير مبادئ الدستور الأساسية والنظم الأساسية للهيئة الاجتماعية وتسويد طبقة اجتماعية على غيرها وللقضاء على طبقة اجتماعية ولقلب نظم الدولة الأساسية للهيئة الاجتماعية وكان استعمال القوة والإرهاب والوسائل الأخرى غير المشروعة ملحوظا في ذلك بأن وزع نشرات وألقى محاضرات تهدف كلها إلى نشر مذاهب لينين وستالين الثورية التي تدعو إلي سيطرة طبقة العمال وسيادتها على غيرها من الطبقات ومحو الطبقة الرسمالية وإلغاء الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج بالطرق الثورية غير المشروعة، ثالثا – حبذ وروج علنا المذاهب التى ترمي إلى تغيير مبادئ الدستور الأساسية والنظم الأساسية للهيئة الاجتماعية بالقوة والإرهاب والوسائل غير المشروعة وذلك بأن وزع نشرات ونظم محاضرات دعا فيها إلى تعاليم لينين وستالين وأسلوبهما الثورى القائم على التوصل بالقوة والإرهاب والوسائل غير المشروعة لإقامة دكتاتورية الطبقة العاملة ومحو طبقة الرأسمالين وإلغاء الملكية الخاصة لوسائل الانتاج، وطلبت معاقبته بالمواد 98/ 1 و98ب و171 و174 من قانون العقوبات، ولدى نظر الدعوى دفع المتهم بعدم دستورية المرسوم بقانون رقم 117 لسنة 1946 وببطلان التفتيش. والمحكمة العسكرية العيا قضت فيها حضوريا عملا بمواد الاتهام والمادة 32 من قانون العقوبات: أولا – رفض الدفعين المقدمين من المتهم وبدستورية المرسوم بقانون رقم 117 لسنة 1946 وبصحة التفتيش. ثانيا – بمعاقبة عبد الفتاح صادق الشرقاوى بالسجن لمدة خمس سنين وتغريمه مائة جنية ومصادرة الأشياء المضبوطة على ذمة هذه القضية. وقد تظلم المتهم من عدم إدارج اسمه بكشوف العفو الشامل تطبيقا للمرسوم بقانون رقم 241 لسنة 1952 ومحكمة جنايات القاهرة قضت فيه حضوريا بقبول التظلم شكلا ورفضه موضوعا. فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الوجه الأول من أوجه الطعن هو أن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 13 مايو سنة 1953 وأعلن الطاعن بايداعه قلم كتاب المحكمة، وجاء بالإعلان أنه أودع فى 27 يونيه سنة 1953 وبذا يكون الحكم باطلا لعدم توقيعه فى مدى ثلاثين يوما من تاريخ صدوره تطبيقا للمادة 312 من قانون الإجراءات الجنائية.
وحيث إن الشهادة التى يصبح الاعتداد بها فى اثبات عدم التوقيع على الحكم فى الثلاثين يوما التالية لصدوره إنما هي التى تثبت أن الطالب قد توجه إلى قلم الكتاب للاطلاع عليه فلم يجده به رغم مضي ثلاثين يوما من يوم صدوره، ولذا فلا عبرة فى هذا المقام بما جاء فى الإعلان من أن الحكم أودع قلم الكتاب فى يوم معين ولا يكون هناك أساس لما يثيره الطاعن من بطلان الحكم بعدم التوقيع عليه فى ظرف ثلاثين يوما من تاريخ صدوره.
وحيث إن حاصل أوجه الطعن الأخرى هو أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون حين تجاهل أحكام المرسوم بقانون رقم 241 لسنة 1952 بشأن العفو وأخذ بالمذهبين الشخصي والمادي فاشترط لاعتبار الجريمة سياسية توافر سياسية موضوعها وسياسة الدوافع على ارتكابها مع أن هذا المرسوم لم يأخذ إلا بالمذهب الشخصى وحده، هذا إلى أن الشيوعية هي مذهب سياسي يهدف إلى تغيير شامل في سائر أنظمة المجتمع بما فيها النظم السياسية، يعزز ذلك أن المواد 98/ أ وما بعدها لم تدخل على قانون العقوبات إلا تحت تأثير ظروف وعوامل سياسية. ويضيف الطاعن أن الحكم تناقض في تحديد معنى الجريمة السياسية حين قال إن العبرة بطبيعة الجريمة وليس بغرضها غير المباشر، ويقول أخيرا إن الحكم إذ وصف المبادئ الشيوعية وصفا خاطئا بأنها جريمة موجهة ضد النظام الاجتماعي وأنها تهدف إلى إلغاء الملكية الخاصة بالأفراد فى كافة صورها بالنسبة لأحوال الانتاج والاستهلاك فإنه يكون قد استند إلى أمر معدوم.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن المستفاد من نصوص المرسوم بقانون السالف الذكر ومذكرته الإيضاحية أن الشارع قد حدد معنى الجريمة السياسية التي قصد أن يمنح العفو لمرتكبيها بأنها هي التى ارتكبت لسبب أو لغرض سياسي وقيدها بأن تكون متعلقة بالشئون الداخلية للبلاد، وذلك لعلة معينة رأها هي إسدال الستار على التطاحن الداخلى وآثاره باعتبار أن الإجرام فى هذا النوع من الجرائم نسبى لا يستهدف الجانى فيه إشباع غرض شخصى أو يندفع إليه بباعث من الأنانية.
وحيث إن الثابت من حكم المحكمة العسكرية موضوع التظلم أنها دانت الطاعن بالجريمتين المنصوص عليهما في المادتين 98/ أ فقرة ثالثة و98/ ب من قانون العقوبات، لأنه: أولا – انضم إلى جمعية بمصر ترمي إلي سيطرة طبقة اجتماعية على غيرها من الطبقات وإلى القضاء على طبقة اجتماعية وقلب نظم الدولة الأساسية للهيئة الاجتماعية، وكان استعمال القوة والإرهاب والوسائل الأخرى غير المشروعة ملحوظا فى ذلك بأن انضم إلى مؤسسة سرية يطلق عليها اسم "ج" تعتنق وتطبق مذهب كارل ماركس ومذاهب لينين وستالين الثورية وترمي إلى إقامة حكم الطبقة العاملة وسيطرتها على غيرها من الطبقات، ومحو طبقة الرأسمالييين وإلغاء الملكية الخاصة لوسائل الانتاج متوسلة إلى ذلك بالوسائل الثورية غير المشروعة المبينة فى تعاليم لينين وستالين، ثانيا – روج بالمملكة المصرية لتغيير مبادئ الدستور الأساسية والنظم الأساسية للهيئة الاجتماعية ولقلب نظم الدولة الأساسية للهيئة الاجتماعية وكان استعمال القوة والإرهاب والوسائل الأخرى غير المشروعة ملحوظا في ذلك بأن وزع نشرات وألقى محاضرات تهدف كلها إلى نشر مذاهب لينين وستالين الثورية التى تدعو إلي سيطرة طبقة العمال وسيادتها على غيرها من الطبقات ومحو طبقة الرأسمالية وإلغاء الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج بالطرق الثورية غير المشروعة – لما كان ذلك، فان الحكم المطعون فيه إذ قال إن هاتين الجريمتين التي حكم على الطاعن من أجلهما ليستا من الجرائم السياسية التى قصد المرسوم السالف الذكر العفو عنها يكون قد طبق القانون تطبيقا سليما وذلك دون حاجة للبحث فى مختلف المذاهب الفقهية في تعريف الجريمة السياسية ولا لما أفاض فيه الطاعن من الكلام عن طبيعة الجريمة الشيوعية وأهدافها، ما دام الشارع على ما سبق بيانه قد عين حدود الجريمة السياسية التى رأي العفو عنها وما دامت الجريمة التي دين الطاعن تخرج عن تلك الحدود إلى الأغراض الأخرى المبينة في التهمة.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.