أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 5 - صـ 86

جلسة 17من نوفمبر سنة 1953

المؤلفة من السيد رئيس المحكمة الأستاذ أحمد محمد حسن رئيسا، والسادة المستشارين: اسماعيل مجدي، ومصطفى حسن، وأنيس غالي، ومصطفى كامل أعضاء.

(29)
القضية رقم 1356 سنة 23 القضائية

قتل خطأ. أثبات الحكم على المتهم خطأ تسبب عنه قتل المجني عليه. إثارته الجدل في شأن صور الخطأ الأخرى. لا يقبل.
إذا كان الحكم قد أثبت على المتهم من وجوه الخطأ الذى تسبب عنه قتل المجنى عليه الأول وإصابة الآخرين ما يكفي وحده لإقامته فإنه لا محل للبحث في شأن صور الخطأ الأخرى.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما تسببا من غير قصد ولا تعمد في قتل سعد مصطفى السنديلي وإصابة محمد عبد الحميد أبو دايرة وطه عبد الواحد محمد جابر وزكي السعيد زوين بالإصابات الموصوفة بالتقارير الطبية وكان ذلك ناشئا عن إهمالهما وعدم احتياطهما بأن قاد المتهم الأول سيارة بحالة غير صالحة للاستعمال وبسرعة ينجم عنها الخطر دون أن تكون له دراية بالقيادة ولم يلتفت إلى الطريق العام فصدم المجني عليهم سالفى الذكر وأحدث بهم الإصابات السابقة والتي أودت بحياة الأول - والمتهم الثاني: عهد بقيادة سيارته للمتهم الأول دون أن يكون له إلمام كاف بالقيادة - والمتهم الأول: قاد سيارة بسرعة ينجم عنها الخطر بدون رخصة قيادة - وطلبت عقابهما بالمادتين 238 و244 من قانون العقوبات والمواد 9 و28 و53 من لائحة السيارات وقد ادعى طه عبد الواحد وعبد اللطيف العيوطي بحق مدنى قبل المتهمين وطلبا القضاء لهما بمبلغ 300 جنيه بصفة تعويض، كما ادعى والد القتيل بحق مدني قبل المتهمين وطلب القضاء له عليهما بمبلغ 800 جنيه بصفة تعويض.
ولدى نظر الدعوى أدخل رجب وعبد العزيز عبده بصفتهما مسئولين عن الحقوق المدنية وقد أدخل عبد العزيز عبده كلا من زكي العزيزي وشركة التأمين مسئولين عن الحقوق المدنية الأول منهما بصفته مالكا للسيارة وقد دفع الحاضر عن شركة التأمين بعدم جواز إدخال الشركة في الدعوى لعدم اختصاص المحكمة الجنائية بذلك.
ومحكمة طلخا الجزئية قضت عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادتين 17 و32 من قانون العقوبات أولا: بحبس المتهم الأول سنة مع الشغل وكفالة 500 قرش لوقف تنفيذ العقوبة وحبس المتهم الثاني ستة شهور مع الشغل وكفالة 300 قرش لوقف تنفيذ العقوبة وتغريم المتهم الأول 100 قرش عن تهمة قيادته السيارة بدون رخصة قيادة - ثانيا: إلزام المتهمين والمسئول بالحق المدنى عبد العزيز عبده بأن يدفعوا للمدعى بالحق المدنى مصطفى السنديلي متضامنين مبلغ 200 جنيه والمصاريف المدنية المناسبة ومبلغ 300 قرش أتعاب محاماة - ثالثا: إلزام المتهمين والمسئول بالحق المدني عبد العزيز عبده أن يدفعوا للمدعى بالحق المدني طه عبد الواحد متضامنين مبلغ 50 جنيها والمصاريف المدنية المناسبة ومبلغ 200 قرش أتعاب محاماة - رابعا: عدم اختصاص المحكمة بنظر الادعاء المدنى الخاص عن طلب التعويض الذى طلبه عبد اللطيف عبد الحميد العيوطي وطه عبد الواحد عن الضرر الذى حدث لهما من إتلاف واجهتي محليهما والمنقولات التي أتلفت من جراء الحادث مع إلزامهما بالمصاريف المدنية عن ذلك. خامسا: عدم قبول إدخال زكي محمد عبد العزيز وشركة التأمين الأهلية المصرية مسئولين بالحق المدني في الدعوى مع إللزام المسئول بالحق المدني عبد العزيز عبده بمصاريف إدخالهما ومبلغ 200 قرش أتعابا للمحاماه لكل منهما.
فاستأنف المتهمان الحكم في 27 من مايو سنة 1952 - كما استأنفه المسئول عن الحقوق المدنية في ذات التاريخ - واستأنفه المدعيان بالحقوق المدنية في 5 من يونيه سنة 1952، وقيد استئنافهم برقم 38 سنة 1950.
ومحكمة المنصورة الابتدائية بهيئة استئنافية قضت بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه تأييد الحكم المستأنف وألزمت المتهمين والمسئول عن الحقوق المدنية بالمصروفات المدنية الاستئنافية. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

... وحيث إن مبني الطعن المقدم من الطاعن الأول هو أن الحكم جاء قاصرا، إذ أنه لم يبين أثر سير السيارة في طريق ضيق، ولا أورد ما قرره المهندس الفني من أنه لم يشاهد آثار عجل السيارة، بينما أثبت الحكم أن خط سيرها ينبئ عن أن قائدها حديث عهد بالقيادة، كما أنه حيث قرر أن فرامل القدم غير صالحة، لم يثبت أثر هذه الواقعة المادية في انعدام مسئولية الطاعن، وأنه تناقض إذ نسب الحادث مع ذلك إلى أن الطاعن حاول الضغط على الفرامل فأخطأها إلى البنزين، وأنه حين رجح أقوال الشهود الذين قرروا أن الطاعن هو الذى كان يقود السيارة قال إنه لم يجرحهم مع أن المدافع عنه أخذ عليهم أنهم قرروا في التحقيق أنهم لم يروا السائق وكان من المستحيل تمييز شخصه. كما أن الثابت في الدعوى أن الطاعن كان يركب بجوار السائق.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى التى دان الطاعن بها، وأورد عليها أدلة من شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التي رتبها عليها - ولما كان مما أثبته عليه من وجوه الخطأ الذى تسبب عنه قتل المجني عليه الأول وإصابة الآخرين أنه سار بالسيارة بسرعة في الممر الضيق الفاصل بين المتنزهين وأنه كان عليه إلا يسير بتلك السرعة في ذلك المكان مما تعذر عليه معه الانحراف بالسيارة في الطريق السوي لمفاداة واجهتى المحل والمقهى، ومن كان يجلس أمامها من المجنى عليهم إذ أفلت منه زمام السيارة بعد أن أصبحت فرامل القدم غير صالحة بسبب سوء قيادته وعدم خبرته في استعمالها وضغطه عليها عند محاولته الوقوف فأتلفها وأصبحت لا تؤدى مهمتها ولم يأخذ الحكم في هذا بما يقوله الطاعن من أنه أسند إليه أنه حاول الضغط على الفرامل فأخطأها إلى البنزين وإنما هو أورد هذه الواقعة في أقوال أحد الشهود دون أن يرتب عليها شيئا. لما كان ذلك وكان هذا الخطأ كافيا وحده لإقامة الحكم مما لا حاجة معه لبحث ما يثيره في شأن صور الخطأ الأخرى، ولما كان للمحكمة أن تأخذ بشهادة شاهد أمامها بالجلسة دون ما قرره في التحقيقات الأولية, إذ الأمر مرجعه إلى اطمئنانها إلى الدليل الذي أخذت به - لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن مما تقدم ومن أنه لم يكن هو قائد السيارة، بل كان يركب بجوار السائق لا يكون له محل، إذ هو عود منه إلى المجادلة في واقعة الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما لا يقبل أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن الثاني يقول في طعنه إن الحكم أخطأ فى تطبيق القانون إذ دانه على أساس أنه عهد بقيادة السيارة إلى الطاعن الأول مع أنه لا اشتراك في الجرائم غير العمدية - كما أن ذلك لا يتأتي إلا من آمر إلى مأمور وهو ما لا تؤدى إليه واقعة الدعوى، هذا إلى أن تأسيس المسئولية على مجرد وجوده إلى جوار الطاعن الأول بفرض صحته ينطوى على خطأ في القانون.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد دان هذا الطاعن على أساسه أنه فاعل للجريمة لا شريك فيها، إذ سلم عجلة قيادة السيارة إلى الطاعن الأول وهو يعلم أنه ليس له دراية أو إلمام بقيادتها فيكون قد تسبب باعماله وعدم احتياطه ومخالفته اللوائح في وقوع الحادث على تلك الصورة ولما كان الحكم قد استظهر في جلاء عناصر الجريمة التي دانه بها على الصورة، السالفة ورابطة السببية بين خطئه وبين حصول الحاث، فإن ما ينعاه الطاعن لا يكون له محل.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.