أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة الأولى - من 27 أكتوبر سنة 1949 لغاية 22 يونيو سنة 1950 - صـ 32

جلسة 24 من نوفمبر سنة 1949

برياسة حضرة أحمد حلمي بك وحضور حضرات: عبد العزيز محمد بك ومحمد علي رشدي بك وعبد الحميد وشاحي بك ومحمد نجيب أحمد بك المستشارين.

( 9)
القضية رقم 55 سنة 18 القضائية

نقض. تقديم الأوراق والمستندات. حكم منقوض. الطعن في الحكم الصادر بعد إحالة الدعوى من محكمة النقض بأنه قد اشترك في إصداره قاض اشترك في الحكم المنقوض. عدم تقديم الحكم الناقض والمنقوض. طعن من غير دليل.
على الطاعن أن يقدم الأوراق المؤيدة لطعنه. فمن ينعى على حكم أنه قد اشترك في إصداره أحد أعضاء المحكمة التي أصدرت الحكم السابق صدوره والذي قضى بنقضه يكون عليه أن يقدم ضمن أوراق الطعن صورة الحكم المنقوض وصورة الحكم الناقض، وإلا كان طعنه من غير دليل متعيناً رفضه.


الوقائع

في يوم 5 من أبريل سنة 1948 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف أسيوط الصادر يوم 7 من ديسمبر 1947 في الاستئناف رقم 173 س ق 9 وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع نقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة استئناف أسيوط وإلزام المطعون عليه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة الخ الخ.


المحكمة

ومن حيث إنه بني على خمسة أسباب، حاصل أولها أن الحكم المطعون فيه قد شابه بطلان لمخالفته نص المادة 29 من قانون إنشاء محكمة النقض، ذلك أنه صدر من هيئة برياسة حضرة صاحب العزة أحمد بك محمد حسن رئيس محكمة استئناف أسيوط في حين أنه اشترك في إصدار حكم سابق في الدعوى هو الحكم الصادر في 14 من مايو سنة 1934 والقاضي بقبول الاستئناف شكلاً وإحالة الدعوى على التحقيق وإلغاء وصف النفاذ الذي كان مشمولاً به الحكم الابتدائي هذا مع أن محكمة النقض حكمت في 17 من يونيو سنة 1937 بنقض الحكم النهائي السابق صدوره في الدعوى في 16 من مارس سنة 1937 برمته وإعادة القضية إلى محكمة استئناف أسيوط لتحكم فيها دائرة أخرى من جديد.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن المادة 29 من قانون إنشاء محكمة النقض إنما تمنع أن يكون من ضمن أعضاء المحكمة التي تحال عليها الدعوى بعد نقض الحكم الصادر فيها أحد القضاة الذين اشتركوا في إصدار هذا الحكم المنقوض، ولما كان الطاعن لم يقدم ضمن مستنداته حكم محكمة استئناف أسيوط المنقوض ولا الحكم الناقض له، فلا يكون هناك ثمة دليل على ما ينعاه على الحكم في هذا الخصوص.
ومن حيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون، إذ قضى برفض دعوى التزوير على أساس أن الختم الموقع به على إيصال الـ40 جنيهاً - المطعون فيه هو ختم الطاعن وأنه هو الموقع به عليه، ذلك مع مخالفة هذه الواقعة لأحكام نهائية مدنية وجنائية هي حجة على الكافة عن تزوير سند آخر نسب إلى الطاعن لصالح شخص آخر وكان موقعاً عليه بنفس بصمة الختم المذكور.
ومن حيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أن واقعة هذا السبب كانت بجميع تفاصيلها موضوع الدليلين الرابع والخامس من أدلة التزوير، وقد بحثتها المحكمة بحثاً مستفيضاً انتهت فيه إلى أن بصمة الختم الموقع بها على الإيصال المطعون فيه تختلف عن بصمة الختم التي نسبت إلى الطاعن على السند الآخر المقضي بتزويره من جهة شكل القرص والكتابة اختلافاً واضحاً للعين المجردة وأنها مطابقة ومتحدة مع بصمات ختمه المعترف به، وذلك بأدلة مستمدة من واقع الأوراق ومن عملية المضاهاة التي أجرتها المحكمة ومن تقرير الخبير الذي ندب في الدعوى، وليس في النتيجة التي استخلصتها المحكمة ما يخالف حكماً سابقاً في ذات الموضوع وبين نفس الخصوم، ومن ثم يكون هذا السبب مرفوضاً.
ومن حيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه بني على فهم خاطئ يخالف الواقع الثابت بالتحقيقات، إذ يظهر من أسبابه أن المحكمة اعتقدت أن السند الآخر المقضي بتزويره كان موقعاً عليه بختم آخر للطاعن فقد منه وكان مكوناً من كلمتين "عبادة عوض" مع أن الواقع أنه موقع عليه بختم مكون من ثلاث كلمات "عبادة عوض عبد العال" وهو نفس الختم الموقع به على الإيصال المطعون فيه.
ومن حيث إنه وإن كانت المحكمة قد تعرضت لموضوع ختم الطاعن الفاقد فإنما كان ذلك لأنه اعتمد عليه كدليل من أدلة التزوير فكان عليها أن تفصل فيه فقضت برفضه لما وضح لها من أن بصمة ختم الإيصال المطعون فيه مكونة من ثلاث كلمات بينما بصمة الختم الفاقد تحوي كلمتين فقط، ولكن لم يرد في أسباب حكمها ما يفيد أنها فهمت أن بصمة ختم السند الآخر المقضي بتزويره مكونة من كلمتين فقط، بل إن المضاهاة التي أجرتها وانتهت فيها إلى النتيجة المشار إليها في الرد على السبب الثاني كانت بين الختم الموقع به على الإيصال المطعون فيه والختم الموقع به على السند المقضي بتزويره من ناحية أخرى، ومسلم من الطاعن بأن كلا منهما مكون من ثلاث كلمات، ولذلك يكون هذا السبب غير صحيح.
ومن حيث إن حاصل السبب الرابع أن المحكمة قضت برفض الدليل المستمد من مسلك المطعون عليه أمام المحكمة الابتدائية مسلكاً لا يتفق مع تمسكه بعد ذلك بالإيصال المطعون فيه، وذلك بقولها إن تقديمه طلباً بعد إقفال باب المرافعة بتأجيل الدعوى لتقديم مستندات يعتبر دليلاً على صحة الإيصال، مع أن المنطق السليم يقضي بأن تقديم هذا الطلب بعد إقفال باب المرافعة دليل على أن فكرة التزوير لم تتضح عنده إلا في هذه اللحظة ولذلك جاء الطلب مجهلاً كما أنه لو كان الإيصال صحيحاً لكان بادر بتقديمه أمام المحكمة الابتدائية وهو أهم بكثير من تمسكه بالدفع بعدم جواز الجمع بين طلب الفوائد ووضع اليد على العين.
ومن حيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أن هذا السبب كان موضوع الدليل الثاني من أدلة التزوير، وقضت المحكمة برفضه لما تبين لها من مراجعة أوراق الدعوى أمام المحكمة الابتدائية من أن الحاضر عن المطعون عليه طلب حجز القضية للحكم مع التصريح له بتقديم مستندات ولما لم تجبه المحكمة إلى هذا الطلب وحجزت القضية للحكم فيها آخر الجلسة بادر المطعون عليه شخصياً بتقديم طلب كتابي قرر فيه صراحة أن لديه مخالصة لم يتمكن من تقديمها لوجودها مع ابنه الغائب بالقاهرة ولكن المحكمة لم تحفل بهذا الطلب وفصلت في الدعوى آخر الجلسة، ثم قال الحكم إن هذا كله يفيد أن المطعون عليه تمسك بوجود المخالصة خلافاً لما يقول به الطاعن وإنه على كل حال لم يكن الإيصال مخالصة بكامل الدين بل بجزء منه ولذا لا يؤدي وحده إلى رفض الدعوى برمتها بل كان لزاماً على المطعون عليه أن يقيم الدليل على أن الطاعن قد حصل من غلة العين على ما يساوي رصيد الدين - وهذا الذي حصله الحكم هو تحصيل موضوعي سائغ من واقع أوراق الدعوى.
ومن حيث إن حاصل السبب الخامس أن المحكمة، إذ قضت برفض الدليل الخاص بالواقعة التي شهد بها الشهود وهي أن المطعون عليه لم يتمسك بالإيصال المطعون فيه عند الشكوى للعمدة والبوليس بقولها إنها لا تعول على شهادتهم لأدائها بجلسة 10 من ديسمبر سنة 1946 متأخرة بعد حصول الواقعة بأربع عشرة سنة، قد بنت اعتقادها على أساس غير صحيح يناقض الواقع الثابت بالتحقيقات ذلك أنه قد فات المحكمة أن هذه الواقعة نفسها كانت محل التحقيق أمام حضرة المستشار الذي ندب في القضية وهي في مرحلتها قبل الحكم المنقوض وشهد بها هؤلاء الشهود أمامه بجلسة 3 من أبريل سنة 1935 أي بعد حصول الواقعة بزمن يسير.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن المحكمة حين تحدثت عن شهادة الشهود بشأن الواقعة التي يشير إليها الطاعن قالت إنها لا تعول على شهادتهم لمضي أكثر من أربع عشرة سنة على الواقعة المذكورة وهي في هذا لم تتعد سلطتها في التقدير، ولم يقدم الطاعن ما يثبت أن نفس هؤلاء الشهود أدوا شهادتهم في محضر التحقيق الذي أجرى في 3 من أبريل سنة 1935 وأنه تحدى أمام المحكمة بأقوالهم في هذا التحقيق بالذات حتى يجوز له أن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه استبعد أقوالهم بلا مبرر مقبول ولغير سبب صحيح.
ومن حيث إنه لجميع ما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه.