أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 5 - صـ 358

جلسة 22 من فبراير سنة 1954

المؤلفة من السيد المستشار اسماعيل مجدى رئيسا، والسادة المستشارين: مصطفى حسن، وحسن داود، وأنيس عالى، ومصطفى كامل أعضاء.

(118)
القضية رقم 4 سنة 24 القضائية

(ا) إجراءات. رئيس نيابة. ندبه , وكيل نيابة جزئية للقيام بعمل من أعمال نيابة أخرى. جائز.
(ب) تفتيش. تقدير جدية التحريات. متروك لوكيل النيابة تحت إشراف محكمة الموضوع.
(ج) إجراءات. خبير. فض الاحراز بغير حضور الخصوم. جائز
1 - إن مرجع الأمر فى الضرورة المنصوص عليها فى المادة 80 من قانون استقلال القضاء متروك إلى تقدير رئيس النيابة حسبما يراه من مقتضيات العمل فإذا كان رئيس نيابة بنى سويف قد انتدب وكيل نيابة مركز بنى سويف لإصدار أمر بالتفتيش فى جريمة وقعت بدائرة مركز ببا، فإن هذا الندب هو فى حقيقته ندب جزئى يملكه رئيس النيابة.
2 - إن تقدير جدية التحريات التى يقوم بها إذن تفتيش هى مسألة موضوعية متروك تقديرها لمن يصدر الإذن وهو وكيل النيابة تحت إشراف محكمة الموضوع، فإذا كانت المحكمة قد أقرت النيابة على ما رأته من أن بلاغ الضابط كاف لاتصال المتهم بالجريمة، واعتمدت فى الإدانة على ذلك، كان اعتمادها صحيح.
3 - إن نص المادة 85 من قانون الإجراءات الجنائية صريح فى أنه يجوز للخبير أداء مأموريته - التى أول عملية فيها هو فض الأحراز - بغير حضور الخصوم، وأن القانون حين نظم الإجراءات الخاصة بتحرير المضبوطات وفضها إنما قصد تنظيم العمل والمحافظة على الدليل لعدم توهين قوته فى الإثبات، ولكنه لم يرتب على مخالفتها أي بطلان.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز مواد مخدرة (حشيشا) بدون مسوغ قانونى وفى غير الأحوال المصرح بها قانونا وكان ذلك بقصد الإتجار وطلبت عقابه بالمواد 1/ 1 و2 و35/ 6 و40 و41 و45 من القانون رقم 21 لسنة 1928، ولدى نظر الدعوى أمام محكمة ببا الجزئية دفع المتهم أولا - ببطلان إذن التفتيش وثانيا - ببطلان فض الأحراز والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام أولا: برفض الدفع الخاص ببطلان إذن التفتيش صحته. ثانيا: برفض الدفع الخاص بفض الأحراز. ثالثا: حبس المتهم ستة شهور مع الشغل والنفاذ وغرامة 30 جنيها والمصادرة. فاستأنف المتهم الحكم، كما استأنفته النيابة ومحكمة بنى سويف الابتدائية بهيئة استئنافية فضت حضوريا بتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

... وحيث إن الطاعن يبنى طعنه على أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تطبيق القانون برفضه الدفع ببطلان أمر التفتيش ولما أسفر عنه لصدوره من وكيل نيابة فى غير دائرة اختصاصه ولعدم ابتنائه على تحريات - جدية - وكذلك برفض القائم على بطلان عملية فض الأحراز بمعرفة الطبيب الشرعى وفى بيان ذلك يقول الطاعن: أولا - إنه دفع بأن رئيس نيابة بنى سويف انتدب وكيل نيابة مركز بنى سويف لإعطاء إذن التفتيش فى جريمة وقعت بدائرة مركز ببا حالة أن بهذا المركز ثلاثة من وكلاء النيابة، وبذا يكون الإذن باطلا غير أن الحكم لم يأخذ بالدافع وأسس قضاءه فى رفضه على القول بأن الضرورة التى وردت فى المادة 66 من قانون الإجراءات الجنائية والتى أباحت الندب هى قسمان أحدهما متعلق بشخص المحقق والآخر متعلق بظروف العمل، وأن رئيس النيابة قرر أنه ثبت لديه ما يدعو إلى ندب وكيل نيابة مركز بنى سويف استنادا إلى مذكرة قدمها للمحكمة فى 25 من أكتوبر سنة 1953 تتضمن أنه علم من رجال المباحث بوجود علاقة بين رجال الإدارة المحليين بمركز ببا وبين الطاعن. ويعقب الطاعن على ذلك بأنه فضلا عن أن المادة 66 الآنفة الذكر تنتفى هذا التقسيم الذى وضعه لها الحكم فإن هذه المذكرة تحررت بعد المرافعة فى الدعوى وبعد وقوع هذا البطلان الجوهرى الذى لا يصححه هذا القول الخالى من الدليل، هذا فضلا عن أن رجال القوة المحليين هم الذين رافقوا القوة عند التفتيش. ثانيا: كذلك أقيم الدليل ببطلان الإذن لعدم جدية التحريات، لأن الطلب المقدم من الضابط والمحضر الذى حرره وكيل النيابة كلاهما لا يخرج عن اعتماده على التحريات السرية وأن الضابط قال إنه لا يعرف شيئا عن ماضي المتهم وسوابقه وهذه الأقوال لا تصح أن تكون قواما للاذن بالتفتيش وعليه فإن المحضر الذى حرره وكيل النيابة ما هو إلا إجراء شكلى خلافا لما يتطلبه القانون من قيام تحقيق مفتوح سابق على إصدار الإذن ثالثا - إن الحكم قد رفض الدفع الخاص ببطلان عملية فض الأحراز بمعرفة الطبيب الشرعى لحصوله فى غيبة الطاعن بمقولة أن المادة 85 من قانون الإجراءات الجنائية أجازت للخبير أن يؤدى مأموريته بغير حضور الخصوم قد فاته أن أحكم هذه المادة مقصورة على عملية الخبرة فى ذاتها من فحص وتحليل لا على إجراءات فض الإحراز وما إليها التى يحتمها قانون الإجراءات الجنائية، كما تخضع أيضا لما هو مرسوم لها فى قانون المرافعات.
وحيث إن ما يثيره الطاعن بشأن بطلان الندب الصادر من رئيس نيابة بنى سويف إلى وكيل نيابة بنى سويف لإصدار أمر التفتيش فى جريمة وقعت بدائرة مركز ببا، مردود بأن مرجع الأمر فى الضرورة المنصوص عليها فى المادة 80 من قانون استقلال القضاء متروك إلى تقدير رئيس النيابة حسبما يراه من مقتضيات العمل، إذ أن هذا الندب فى حقيقته هو ندب جزئى للقيام بعمل من أعمال نيابة ببا وهو ما يملكه رئيس النيابة بمقتضى القانون أما ما يثيره بشأن عدم جدية التحريات التى قام عليها إذن التفتيش فمردود كذلك بأن تقدير جدية التحريات وهى مسألة موضوعية متروك تقديرها لمن يصدر الإذن وهو وكيل النيابة تحت إشراف - محكمة الموضوع - فإذا ما أقرت النيابة على ما رأته من أن بلاغ الضابط كان لإتصال المتهم بالجريمة واعتمدت فى الإدانة على ذلك فاعتمادها صحيح - لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه، إذ قضى برفض هذين الدفعين وبصحة التفتيش يكون صحيحا، كذلك أصاب الحكم فى قضاءه برفض الدفع الخاص ببطلان عملية فض الإحراز بمعرفة الطبيب الشرعى لحصوله فى غيبه الطاعن، إذ أن نص المادة 85 من قانون الإجراءات الجنائة صريح فى أنه يجوز للخبير أداء مأموريته التى أول عمليه فيها هو فض الأحراز بغير حضور الخصوم، وأن القانون حين نظم الإجراءات الخاصة بتحرير المضبوطات وفضها إنما يقصد تنظيم العمل والمحافظة على الدليل لعدم توهين قوته فى الإثبات ولكنه لم يرتب على مخالفتها أي بطلان، لما كان ذلك فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.