أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 5 - صـ 498

جلسة 12 من أبريل سنة 1954

برياسة السيد رئيس المحكمة أحمد محمد حسن، وبحضور السادة: اسماعيل مجدى، ومصطفى حسن، وحسن داود، ومحمود ابراهيم اسماعيل المستشارين.

(168)
القضية رقم 209 سنة 24 القضائية

(ا) محكمة الموضوع. شهادة. اختلاف الشهود فى تقدير مسافة إطلاق النار. خضوعه لتقدير المحكمة. عدم ردها على هذا الخلاف. لا عيب.
(ب) سبق الإصرار، حكم. تسبيبه. العقوبة المحكوم بها تدخل فى نطاق عقوبة حرية القتل دون سبق إصرار، فصور الحكم فى بيان هذا الظرف. لا عيب.
1 - مجرد الاختلاف فى تقدير مسافة إطلاق النار على المجنى عليه بين أقوال الشهود بين التحقيق وبين الخبير الفنى ليس من شأنه أن يهدر شهادة هؤلاء الشهود وإنما الأمر فى ذلك كله مرجعه لتقدير محكمة الموضوع، وليس هو من وجوه الدفاع الجوهرية التى تقتضى منها ردا خاصا ما دام حكمها مبنيا على أصل ثابت فى الدعوى وما دام لها أن تأخذ من شهادة الشاهد ما تطمئن إليه وأن تأخذ من باقى عناصر الإثبات الأخرى ما ترى أنه متفق مع الواقع.
2 - لا يعيب الحكم قصوره فى بيان ظرف سبق الإصرار متى كانت العقوبة التى أوقعها على المتهم هى عقوبة جريمة القتل العمد المجرد من سبق الإصرار.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بناحية البرجيل مركز المحرض مديرية أسيوط. قتل محمد كيلانى عبد النبى عمدا مع سبق الإصرار بأن أطلق النار عليه عيارا ناريا من بندقية بقصد قتله فأحدث به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته. وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادتين 230 و231 عقوبات. فقررت بذلك وادعى ورثة المجنى عليه وهم خديجة ورشيدة عبد الرشيد وأحمد كيلانى بحق مدنى قدره قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت قبل المتهم. ومحكمة جنايات المنيا قضت حضوريا عملا بمادتى الاتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة مع إلزامه بأن يدفع للمدعيتين بالحق المدنى مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار قد جاء قاصر البيان. ذلك إن المحكمة عولت فى حكمها على أقوال شهود الإثبات وقالت إن هؤلاء الشهود شهدوا الواقعة رغما من تضارب اقوالهم بالنسبة إلى مسافة إطلاق العيار على المجنى عليه إذ قدرها بعضهم ثمانى اقصاب، بينما قدرها البعض الآخر بسبعة أمتار أو ثمانية، ومع أن تقديرهم يتعارض مع ما تبين من التقرير الطبى من أن مسافة الإطلاق هى أربعة أمتار، فكان لزاما على المحكمة إزاء هذا الخلاف أن لا تعول على الدليل القولى مع تناقضه مع الدليل الفنى أو تذكر لماذا عولت على ذلك الدليل مع قيام ذلك التناقض، وإذ هى لم تفعل ذلك فإن حكمها يكون قاصرا، هذا إلى إن المحكمة أخطأت فى التدليل على سبق الإصرار إذ اتخذت من تغيب والد المجنى عليه واتهام عائلة الطاعن فى قتله دليلا على توافره فى حين أن هذه الغيبة لم ينكشف أمرها بعد وهى مهما تكن فالمعقول أن الانتقام ينبعث من جانب ذوى المجنى عليه لا من جانب الطاعن.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى وذكر الأدلة التى استخلص منها ثبوتها فى حق الطاعن ومن بينها شهادة زرافات عبد النبى ومؤداها كما أثبتها الحكم أنها رأت الطاعن يطلق عيارا ناريا على المجنى عليه من بندقية بخرطوش فأراداه قتيلا وكانت المسافة بينهما وقت إطلاق النار نحو ثمانى قصبات وكان المتهم فى مواجهة المجنى عليه، وشهادة خديجة زهانه ومؤداها أنها رأت أيضا الطاعن يطلق النار على المجنى عليه وكانت المسافة بينهما نحو سبعة أمتار أو ثمانية، وشهادة شندى سطوحى الذى شهد بمثل ما شهدت به الشاهدتان السابقتان وقال إن المسافة بين المجنى عليه والطاعن وقت إطلاق النار وكانت نحو خمسة أمتار. ثم نقل الحكم بعد ذلك ما أثبته التقرير الطبى من أن مسافة الإطلاق كانت حوالى أربعة أمتار لو أن السلاح المستعمل بندقية عادية بماسورة طويلة. ولما كان مجرد الاختلاف فى تقدير المسافة بين أقوال الشهود فى التحقيق والخبير الفنى ليس من شأنه أن يهدر شهادة الشهود وإنما الأمر فى ذلك كله مرجعه لتقدير محكمة الموضوع وليس هو من وجوه الدفاع الجوهرية التى تقتضى منها ردا خاصا ما دام حكمها مبنيا على اصل ثابت فى الدعوى وما دام لها أن تأخذ من شهادة الشاهد ما تطئمن إليه وأن تأخذ من باقى عناصر الإثبات الأخرى ما ترى أنه هو المتفق مع الواقع، لما كان ذلك، فإن الطعن يكون واردا على مسائل موضوعية مما يرجع الفصل فيه إلى تقدير محكمة الموضوع دون معقب. أما ما يقوله الطاعن بشأن قصور الحكم فى بيان ظرف سبق الإصرار فمردود بأن الحكم إذ قضى بمعاقبته بالأشغال الشاقة المؤبدة قد أوقع عليه العقوبة المقررة لجريمة القتل العمد المجرد من ظرف سبق الإصرار، وإذن فلا جدوى له من إثارة هذا الوجه لأنه يفرض انتفاء هذا الظرف تكون العقوبة التى قضى بها الحكم مبررة.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين لذلك رفضه موضوعا