أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 5 - صـ 382

جلسة أول من مارس سنة 1954

المؤلفة من السيد المستشار اسماعيل مجدى رئيسا، والسادة المستشارين: مصطفى حسن، وحسن داود، ومحمود إبراهيم اسماعيل، وأنيس غالى أعضاء.

(126)
القضية رقم 21 سنة 23 القضائية

إثبات. الأخذ بأقوال شاهد فى التحقيق دون سماعه. جائز.
يكفى للحكم بالبراءة لعدم الثبوت وما يترتب على ذلك من رفض الدعوى المدنية أن تبدى المحكمة عدم اطمئنانها إلى أدلة الإثبات المطروحة أمامها ما دامت قد محصتها، وللمحكمة فى هذا المقام وفى سبيل تكوين عقيدتها، أن تأخذ بأقوال شاهد فى التحقيق وأن لم تسمع شهادته بنفسها ما دامت كانت مطروحة على بساط البحث فى الجلسة، وما دام الطاعن لم يطلب إليها سماع ذك الشاهد إذا كان يرى أن فى سماعه ما يسند دفاعه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم: المتهم الأول - شرع فى قتل على عثمان نصر عمدا مع سبق الإصرار والترصد بأن بيت النية على قتله وأعد لذلك سلاحا ناريا وتربص له أمام منزل مرسى أبو هرج الذي اعتاد الجلوس فيه ثم أطلق عليه عيارا ناريا قاصدا من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى، وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هى الشروع المتهم المذكور عمدا فى قتل نظيره حسن مرزوق بأن أطلق عليها عيارا ناريا بقصد قتلها فأصابها بالإصابات المبنية بالتقرير الطبى وخاب أثر الجريمة بسبب لا دخل لإرادته فيه وهو إسعاف المجنى عليها بالعلاج، والمتهمان الثانى والثالث اشتركا مع المتهم الأول في ارتكاب الجريمة سالفة الذكر بأن حرضاه واتفقا معه على ارتكابها، وآزراه على ذلك بأن صحباه إلى مان الحادث يحملان أسلحة فتمت الجريمة بناء على هذا التحريض والاتفاق والمساعدة. وطلبت إلى قاضى الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 40/ 1 و2 و3 و41 و46 و230 و231و23 و232 و234/ 2 من قانون العقوبات، فقرر بذلك، وادعى على عثمان نظر ونظيره حسن مرزوق بحق مدنى قدره 100 جنيه على سبيل التعويض قبل المتهمين بالتضامن، ومحكمة جنايات كفر الشيخ قضت حضوريا عملا بالمادتين 304 و381 من قانون الإجراءات ببراءة المتهمين ورفض الدعوى المدنية قبلهم وإلزام المدعين بمصاريفها، فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

.. وحيث إن مبنى الطعن هو أن المحكمة إذ حكمت ببراءة المطعون ضدهم استندت في ذلك إلى أقوال العمدة، مع أنه لم يمثل أمامها وأخذت بما قاله من أن للمجنى عليه الأول أقوالا أخرى أدلى بها إليه وهى مغايرة لأقواله في التحقيق مما كان له أثر في عقيدة المحكمة. فكان من واجبها أن تقرر حضور العمدة فى الجلسة لسماع شهادته قبل أن تستند إليها وأن الحكم لم يكن دقيقا فيما قاله من أن الشاهد عبد العزيز العطاط قد كذب الشاهد مرسى اسماعيل أبو هرج فيما قاله عنه من أنه نقل إليه أن المطعون ضده الأول سيقتل ابنه مع أن الشاهد الأول أقر الشاهد الثانى على ذلك عند المواجهة في التحقيق، وأن الحكم دون أن يستعرض الدعوى برمتها ذكر أن الواقعة لا تعدو كونها مشاجرة، وأن ذلك الشاهد أراد أن يصور الحادث في صورة أن المتهمين ما قدموا إلى مكان الحادث إلا بقصد قتل ولده، وقال الحكم ذلك مع أن أحدا لم يذكر في التحقيق أن الحادث كان شجارا، وقد وجدت الإصابات النارية بالمجنى عليهما وبنافذة المنزل.
وحيث إن الحكم المطعون فيه إذ تعرض لأقوال المجنى عليه الأول وهو الطاعن الذى أدعي بالحق المدنى بوصف كونها من أدلة الإثبات في الدعوى أبدى أنه لم يثبت عليها بل ذكر أكثر من رواية لكيفية وقوع الحادث من حيث مكان جلوسه في صحن الدار أم خارجها والمكان الذي أصيب في بداخل المنزل أو في الطريق أمام الباب أو في المكان الذى أرشد عنه أخيرا بالقرب من نافذة المنزل بعد أن وجدت أثار الرش بها، وأضاف الحكم إلى ذلك في مقام التدليل على عدم صدق الطاعن في اتهامه للمتهم الأول ما تبين من التقرير الطبى من أن اصابته بعيار واحد وقد كان يدعى أنه أصيب من عيارين " وأنه حين سأله العمدة عمن أصابه ذكر له أنه المتهم الثالث عبد الحليم طباش وكان ذلك قبل أن يتصل به مرسى اسماعيل أبو هرج الذى قرر صراحة أنه ظل قابعا في عقر داره حتى حضر ضابط البوليس أبو هرج الذي قرر صراحة أنه ظل قابعا فى عقر داره حتى حضر ضباط البوليس فخرج معه وسنحت له بذلك إذن فرصة الاتصال بالمجنى عليه وحمله على العدول عن أقواله السابقة ثم اتهام المتهم الأول بدلا من عبد الحليم طباش الذى اتهمه أولا على ما ذكره العمدة في أقواله" ثم أشار الحكم كذك إلى اختلاف رواية المجنى عليها الثانية مع رواية المجنى عليه الأول وهو الطاعن وخلص من ذلك إلى أن الواقعة لا تعدو كونها مشاجرة أصيب فيه المجنى عليهما من رشاش طائشة أطلقت من عيار أثناء المشاجرة وأورد الأدلة على ذلك وانتهى إلى أن التهمة غير ثابتة فى حق المتهمين - ولما كان يبين من الحكم أنه استعرض أدلة الدعوى فلم يجد فيها ما يوثق به، وكان يكفي للحكم بالبراءة لعدم الثبوت وما يترتب على ذلك من رفض الدعوي المدنية أن تبدى المحكمة عدم اطمئنانها إلى أدلة الإثبات المطروحة أمامها ما دامت قد محصتها، وكان للمحكمة فى هذا المقام وفي سبيل تكوين عقيدتها، أن تأخذ بأقوال شاهد في التحقيق وإن لم تسمع شهادته بنفسها ما دامت كانت مطروحة على بساط البحث في الجلسة وما دام الطاعن لم يطلب إليها سماع ذلك الشاهد إذا كان يرى أن في سماعه ما يسند دفاعه، وكان ما يقوله الطاعن بشأن المواجهة بين الشاهدين وما قرراه أثناءها لا يتعلق بجوهر الواقعة فى ذاتها - لما كان ذلك، فإن ما ينعاه الطاعن لا يكون له محل، إذ هو مجادلة منه في واقعة الدعوى وفي تقدير المحكمة للأدلة المطروحة أمامها مما لا يكون مقبولا أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.