أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 5 - صـ 501

جلسة 12 من أبريل سنة 1954

برياسة السيد رئيس المحكمة أحمد محمد حسن، وبحضور السادة: اسماعيل مجدى، ومصطفى حسن، وحسن داود، ومحمود ابراهيم اسماعيل المستشارين.

(169)
القضية رقم 225 سنة 24 القضائية

(ا) ارتباط. محكمة الجنايات. سلطتها فى فصل الجنحة عن الجناية.
(ب) إثبات. سلطة المحكمة فى الأخذ بشطر دون آخر من أقوال الشاهد.
1 - إن قيام الارتباط بين الجناية والجنحة من الأمور الموضوعية التى تقدرها محكمة الجنايات بناء على ما تراه من ظروف الواقعة، ولا يقبل من الطاعن الاعتراض على ما تقرره المحكمة من فصل الجنحة عن الجناية ما دام الفصل لم يكن ليمنعه من إبداء دفاعه كاملا فى الجناية ومناقشة أدلتها.
2 - للمحكمة أن تأخذ بأقوال شاهد فى جزء منها وأن تعرض عن شطر آخر لم تصدقه فيه دون أن تكون مكلفة بأن تبين فى حكمها سببا لذلك، إذ الأمر فيه يرجع إلى اطمئنانها لصدق ما تأخذ به دون ما تطرحه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بناحية جنزور مركز تلا مديرية المنوفية: ضرب عدا صبحى أحمد الصاوى بعصا على رأسه من الجهة اليمنى فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى والتى تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة هى فقد جزء من عظام الجمجمة فى مساحة 3×4 سم مما يجعل المخ عرضة للتأثر بالصدمات الخفيفة والتغيرات الجوية كما تجعله عرضة للإصابات بالتشنجات العصبية الصرع والشلل والأمراض السحائية والمخية بما لا يقدر بنسة مئوية نظرا لاختلاف الأمراض التى قد تنشأ مستقبلا ويعادل الفقد وحده نحو 10% بغير التفات إلى ما قد ينشأ مستقبلا من مضاعفات ثانيا - أحدث بأحمد الصاوى إصابات علاجها لا يزيد على عشرين يوما. وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادة 240 عقوبات. فقررت ذلك وادعى صبحى أحمد الصاوى بحق مدنى قدره 200 جنيه على سبيل التعويض قبل المتهم ومحكمة جنايات شبين الكوم قضت حضوريا عملا بالمادة 242/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة أمين عبد الوهاب العريف بالحبس مع الشغل لمدة شهر واحد وإلزامه بأن يدفع للمدعى بالحق المدنى صبحى أحمد الصاوى مبلغ 100 جنيه مع المصاريف المدنية ومبلغ 300 قرش مقابل أتعاب المحاماة.
وذلك على اعتبار أنه ضرب عمدا صبحى أحمد الصاوى فأحدث به الإصابات المبنية بالكشف الطبى والتى أعجزته عن أعماله الشخصية مدة تقل عن العشرين يوما. فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

.. وحيث إن مبنى الطعن هو أن محكمة الجنايات إذ فصلت الجناية التى دانت بها الطاعن عن الجنحة قد أضرت بمصلحته لأن وقائع الدعوى مرتبطة ارتباطا لا يقبل التجزئة وكان نظرها برمتها أمام المحكمة يستتبع سماع شهادة باقى المجنى عليهم مما كان يتيح له الفرصة لمناقشتهم - هذا إلى أن المحكمة أخطأت باصدارها قرار الفصل بعد تحقيق الواقعة سماع الشهود خلافا لما يقضى به القانون وأن الحكم تضارب إذ قطع بكذب المجنى عليه ووصفه بأن الأمر اختلط عليه وأن أقواله اختلفت فى التحقيق وأمام المحكمة ثم عاد فأخذ بأقواله فى حق الطاعن عن جريمة الضرب التى دانه بها، وأن المحكمة لم تأخذ بأٌقوال شهود النفى مع أنها لم تجرحها أو تبين أسباب اطراحها مع أنها تكشف عن سبب الإصابات التى وجدت الطاعن وأنها نتيجة اعتداء وقع عليه قبل المشاجرة، ويضيف الطاعن أن المحكمة وقد استندت إلى وجود إصابات فى الطاعن للتدليل على اشتراكه فى الحادث كان يتعين عليها أن تبحث ما إذا كان فى حالة دفاع شرعى ولو لم يتمسك بذلك، وأن الدفاع أشار بالجلسة لى أن متهما آخر هو البادئ بالاعتداء وانهال بالضرب على الطاعن فلا أقل من أن يدفع عن نفسه بنفس الوسيلة ولكن الحكم لم يرد على هذا الدفاع.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على محضر الجلسة أن المحكمة عقب النداء على الدعوى وقبل أن تشرع فى تحقيقها أصدرت قرارا يفصل الجناية عن الجنحة التى أحيلت معها إليها وذلك تطبيقا لنص المادة 383 من قانون الإجراءات الجنائية. ولما كان قيام الارتباط بين الجناية والجنحة من الأمور الموضوعية التى تقدرها محكمة الجنايات بناء على ما تراه من ظروف الواقعة فإنه لا يقبل من الطاعن الاعتراض على ما تقرره المحكمة من فصل الجنحة عن الجناية ما دام الفصل لم يكن ليمنعه من أبداء دفاعه كاملا فى الجناية ومناقشة أدلتها - لما كان ذلك، وكان للمحكمة أن تأخذ بأقوال شاهد فى جزء منها وأن تعرض عن شطر فيه يرجع إلى اطمئنانها لصدق ما تأخذ به دون ما تطرحه، كما أن عدم أخذها بما قرره شهود النفى لا يستوجب منها تعليلا لأن اطراحها لأقوالهم يفيد عدم اطمئنانها لها للأدلة التى عولت عليها فى الإدانة وبينتها فى الحكم، ولما كانت الواقعة التى أثبتها الحكم المطعون فيه لا ترشح لما يقوله الطاعن فى طعنه من أنه كان فى حالة دفاع شرعى، وكان لا يبين من محضر الجلسة أنه تمسك لدى المحكمة بأنه كان مدافعا عن نفسه، وكان وجود إصابات بالطاعن لا يستتبع حتما أن يكون فى حالة دفاع شرعى - لما كان ذلك، فإن ما ينعاه الطاعن لا يكون إلا جدلا فى واقعة الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما لا يقبل أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.