أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 5 - صـ 517

جلسة 13 من أبريل سنة 1954

برياسة السيد رئيس المحكمة أحمد حسن، وحضور السادة اسماعيل مجدى، ومصطفى حسن، وحسن داود، ومحمود ابراهيم اسماعيل المستشارين.

(175)
القضية رقم 50 سنة 24 القضائية

(ا) دعوى عمومية. جريمة الامتناع عن وفاء رسم الدمغة الدفع بسقوطها لعدم تقديم مصلحة الضرائب الشكوى للنيابة فى خلال ثلاثة أشهر من تاريخ علمها بها. على غير أساس.
(ب) رسم الدمغة. الامتناع عن سداده فى الميعاد. الحكم بثلاثة أمثال الرسوم غير المؤداة. المقصود به.
1 - متى كان الحكم إذ قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لمضى ثلاثة أشهر على علم مصلحة الضرائب بوقوع الجريمة دون التقدم بالشكوى للنيابة العمومية أقام قضاءه على أن المادة 28 من القانون رقم 224 لسنة 1951 الخاص بتقرير رسم الدمغة إذ علقت رفع الدعوى العمومية أو اتخاذ إجراءات فيها على طلب مصلحة الضرائب, إنما تهدف إلى حماية مصلحة الخزانة العامة والتى تتمثل فى التيسير على المصلحة فى اقتضاء حقوقها من الممولين الخاضعين لأحكام قانون الدمغة مع قيام حسن التفاهم بينها وبينهم، وأن هذه الحالات تغير الحالات المنصوص عليها فى المادة الثالثة من قانون الاجراءات الجنائية لأن الأولى تمس الجريمة فيها الصالح العام بينما تمس الثانية صالح المجنى عليه الشخصى، ورتب الحكم على ذلك أن جريمة الامتناع عن تسديد رسم الدمغة فى الميعاد تظل قائمة ويبقى حق رفع الدعوى فيها ثابتا ما دام أنها لم تسقط بمضى المدة المقررة قانونا فى المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية - فإن ما قرره هذا الحكم هو صحيح فى القانون.
2 - جرى قضاء هذه المحكمة بأن عبارة الحكم بثلاثة أمثال الرسوم غير المؤداة الواردة فى المادة 21 من القانون رقم 224 لسنة 1951 الخاص برسوم الدمغة لا تحمل على ظاهر لفظها وإنما ترد إلى معنى مثيلاتها فى القوانين الأخرى المتعلقة بالضرائب الرسوم، فهذه الزيادة التى يحكم بها هى من قبيل التعويض للدولة فى مقابل ما ضاع عليها من الضريبة أو ما كان عرضة للضياع عليها بسبب مخالفة الممول للقانون، ومن ثم فانه يكون نفى غير محله القول بأن هذه الزيادة لا تحكم بها إلا إذا كانت الرسوم المستحقة لم تؤد كلها أو بعضها إلى حين رفع الدعوى العمومية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة 1 - حسن حسن حمزه و2 - فارس صاروفيم (الطاعن) بأنهما فى 11 أغسطس سنة 1952 بعابدين لم يسددا فى الميعاد رسم الدمغة المستحق على أسهم الشركة التى يديرانها عن سنة 1952، وطلبت عقابهما بمواد القانون رقم 224 سنة 1951 والجدول الثانى الملحق به، ومحكمة الضرائب قضت عملا بمواد الاتهام غيابيا للأول وحضوريا للثانى بتغريم كل منهما 50 قرشا، وبإلزامهما متضامنين بسداد الرسم المستحق وثلاثة أمثاله كتعويض بلا مصاريف, استأنف المتهم الثانى هذا الحكم ومحكمة مصر الابتدائية قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف بلا مصاريف.
فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

.. وحيث إن الطاعن يعيب على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة عدم سداده فى الميعاد رسم الدمغة المستحق على أسهم الشركة التى يديرها عن سنة 1952 قد خالف القانون: ذلك (أولا) أن المحكمة لم تأخذ بما دفع به الطاعن من وجوب تطبيق أحكام المادة 3 من قانون الإجراءات الجنائية على مصلحة الضرائب لعدم تبليغها فى ثلاثة أشهر من تاريخ عملها بالجريمة بمقولة إن الجرائم المنصوص عليها فى تلك المادة تمس صوالح المجنى عليهم لا صالح الجماعة، وأن الأحكام التى تضمنتها من وجوب تقديم الشكاوى لرفع الدعوى العمومية لا ينطبق على جرائم الضرائب وما ذهبت إليه المحكمة من ذلك الأحكام التى تضمنتها من وجوب تقديم الشكاوى لرفع الدعوى العمومية لا ينطبق على جرائم الضرائب وما ذهبت إليه المحكمة خطأ كما أن قياس الحكم المطعون فيه حق مصلحة الضرائب على حق وزير العدل حسب المقرر فى المادة 8 من قانون الاجراءات الجنائية خطأ كذلك. لأن الجريمة الضريبة لا يتوقف رفع الدعوى فيها على إذن مما يتعين معه إخضاع الجرائم الضريبة لحكم المادة 3 من قانون الاجراءات الجنائية فلا يجوز قبول الشكوى فيها بعد ثلاثة أشهر، ولما كان تاريخ علم مصلحة الضرائب بالجريمة المسندة إلى الطاعن هو 26 من أبريل سنة 1952 فلم تتقدم بالشكوى إلا فى 29 من سبتمبر سنة 1952 فانه كان يتعين على المحكمة قبول الدفع - هذا ويضيف الطاعن إلى ما تقدم أنه لا محل للتفرقة بين مصلحة الضرائب والأفراد بالاستناد إلى المصلحة الخاصة والعامة لأن المصلحة تملك التنازل عن الشكوى فيجوز لها تبعا لذلك أن تتصالح أما قول الحكم بأن الحق فى الشكوى ينقضى بوفاة المجنى عليه وأن هذا لا يتحقق فى حق المصالح العامة فمردود بأن تلك المصالح يجوز أن تفنى شخصيتها القانونية، (وثانيا) دفع الطاعن بأن سداد الرسوم قبل رفع الدعوى يعتبر اتفاقا أو صلحا بين الطاعن والمصلحة لكن المحكمة لم تأخذ بهذا الدفع مع أن قبول المصلحة للرسوم قبل رفع الدعوى يعتبر صلحا تنقضى به الدعوى العمومية فى الجريمة الضريبية بصريح نص المادة 28 من قانون الدمغة، (وثالثا) قضت المحكمة بثلاثة أمثال الرسوم تعويضا تطبيقا لحكم الفقرة الثانية من المادة 21 من القانون رقم 224 لسنة 1951 الخاص برسوم الدمغة مع أن محل تطبيق هذه المادة هو أن تكون الرسوم لم تؤد كلها أو بعضها حتى رفع الدعوى ولكن الثابت هو أن الطاعن أداها كلها قبل رفعها مما كان يقتضى الاكتفاء عند ثبوت المخالفة بالحكم بالغرامة فقط تطبيقا للمادة 18 من ذلك القانون.
وحيث إن الحكم المطعون فيه إذ تعرض للدفوع التى يثيرها الطاعن قد رد عليها بقوله " وحيث إن المستأنف نعى على الحكم مجانبته للصواب من ثلاثة أمور فصلها فى مذكرته المقدمة لجلسة 6 من يونيه سنة 1953 وحيث إنه عن الدفع الأول فإنه وإن كان قانون الإجراءات استحدث زيادة فى الأحوال التى يتوقف فيها رفع الدعوى العمومية على شكوى حسبما نص عليه فى المادة الثالثة منه إلا أنه ظاهر أن هذه الأحوال تمس فيها الجريمة صالح المجنى عليه أكثر مما تمس صالح الجماعة ولذلك اشترط القانون لتحريك الدعوى العمومية تقدم المجنى عليه بالشكوى سواء أكانت بالكتابة أم مشافهة وأنه بصدورها تتحرك الدعوى العمومية وتعود للنيابة العامة حريتها فى مباشرة تلك الدعوى والتصرف فيها والطعن فى الأحكام الصادرة فيها كما أتاح القانون للشاكى الحق فى التنازل عن الشكوى. ونص فى المادة السابعة على أن هذا الحق ينقضى بموت المجنى عليه ثم أورد قانون الإجراءات الجنائية أحوالا أخرى يتوقف فيها رفع الدعوى الجنائية على طلب أو إذن فنص في المادة الثانية على أنه لا يجوز رفع الدعوى الجنائية أو اتخاذ إجراءات فيها إلا بناء على طلب كتابى من وزير العدل فى الجرائم المنصوص عليها فى المادتين 181 و182 من قانون العقوبات وكذلك الأحوال الأخرى التى ينص عليها القانون. كما تنص المادة التاسعة على حالة الجرائم المنصوص عليها فى المادة 184 من قانون العقوبات. وعلق رفع الدعوى واتخاذ الإجراءات فيها على طلب كتابى من الهيئة أو رئيس المصلحة المجنى عليها ومن المقرر أن الجرائم الضريبية مما يندرج تحت هذا الصنف من الجرائم التى لا يجوز رفع الدعوى الجنائية عنها او اتخاذ أى إجراءات فيها إلا بناء على طلب مصلحة الضرائب عملا بالمادة 28 من القانون رقم 224 لسنة 1951 الخاص بتقرير رسم الدمغة".
وحيث إن القانون عندما علق رفع الدعوى العمومية أو اتخاذ إجراءات فيها على طلب مصلحة الضرائب فى مثل الجريمة موضوع الدعوى كان يهدف حماية مصلحة الخزانة العامة والتى تتمثل قبل كل شئ فى التيسير على المصلحة فى اقتضاء حقوقها من المموّلين الخاضعين لأحكام قانون الدمغة مع قيام حسن التفاهم بينها وبينهم، وحيث إن هذه الحالات تغاير بلا شك الحالات المنصوص عنها فى المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية إذ أن الأولى تمس الجريمة فيها الصالح العام بينما تمس في الحالة الثانية صالح المجنى عليه الشخصى ومن ثم فلا ينطبق على الجريمة موضوع الدعوى أحكام المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية وبخاصة فيما يتعلق بعدم قبولها بعد انقضاء ثلاثة شهور على تاريخ علم المصلحة بوقوع الجريمة دون التقدم بالشكوى للنيابة، وإنما تظل هذه الجريمة قائمة ويبقى حق رفع الدعوى فيها ثابتا ما دام أنها لم تسقط بمضى المدة المقررة قانونا فى المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية - ومما يؤيد هذا النظر أنه لم يورد قيد الثلاثة شهور عندما نص المشرع على أحوال الجرائم المنصوص عليها فى المادتين 8 و9 من قانون الإجراءات الجنائية كما هو الحال بالنسبة للجرائم المنصوص عليها فى المادة الثالثة مما يجعل قيام التفرقة بين هذين النوعين من الجرائم ضروريا. وحيث إنه يخلص مما تقدم أن الدعوى الجنائية عن الجريمة المنسوبة للمتهم المستأنف قد تحركت بناء على طلب كتابى من مدير المصلحة وأنه لم تنقض بعد المدة القانونية على سقوطها طبقا للمادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية مما يعتبر معه الدفع بعدم قبول الدعوى غير سديد ويتعين رفضه. وحيث إنه عن الوجهين الثانى والثالث من أسباب الاستئناف فإنه مردود عليهما بأن المحكمة ترى أن التعويض المنصوص عليه فى المادة 21 من القانون رقم 224 لسنة 1951 له صفة مزدوجة فهو عقوبة من ناحية وتعويض من ناحية أخرى، ودليل ذلك أنه يتعين على القاضى الحكم به من تلقاء نفسه وقد حدده القانون بمقدار معين ونسبة محددة وهذا باعتباره عقوبة، وإنه وقد نص القانون من المادة 28 منه على جواز الصلح فيه فى حدود نسبة معينة فى أحوال خاصة وأنه يجوز تحصيله بالطرق الإدارية وأنه ينتقل إلى تركة المخالف ولا يجوز الحكم بإيقاف تنفيذه فهذا وجه اعتباره تعويضا. ومن ثم يتعين أخذا باعتبار عقوبة الحكم به باعتباره عقوبة تكميلية إذا ما توافرت أركان الجريمة فى الدعوى. ولا يرد على هذا بما حاول المستأنف القول به من أن قبول المصلحة لسداد الرسم قبل رفع الدعوى يعتبر صلحا لأن الصلح ككل عقد يتعين تلاقى الارادتين عنه، ولا يجوز القول بحصول صلح لم تنصرف إليه نية مصلحة الضرائب وأنه من واجبها، قبول سداد رسم التمغة فى أية حالة ولا يمنع هذا من الحكم بالتعويض المقرر فى المادة 21 من القانون رقم 224 لسنة 1951 إذ أن هذا واجب ألقاه المشرع على القاضى يحكم به من تلقاء نفسه إذا ما توافرت أركان الجريمة فهو ملازم لها شأن عقوبة الغرامة ومن ثم يكون ما انتهى إليه المستأنف عن هذين الوجهين لا يتفق وحكم القانون السليم عن ماهية التعويض مما يتعين معه رفضهما أيضا.
ولما كان ما قاله الحكم المطعون فيه من ذلك سائغا صحيحا فى القانون وكان ما يقوله الطاعن من أن محل تطبيق الفقرة الثانية من المادة 21 من القانون رقم 224 لسنة 1951 الخاص برسوم الدمغة هو فى حالة ما إذا كانت الرسوم المستحقة لم تؤد كلها أو بعضها حين رفع الدعوى العمومية مردود بأن عبارة "الحكم بثلاثة أمثال الرسوم غير المؤداة" الواردة فى المادة آنفة الذكر على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة لا تحمل على ظاهر لفظها وإنما ترد إلى معنى مثيلاتها فى القوانين الأخرى المتعلقة بالضرائب والرسوم فهذه الزيادة التى يحكم بها من قبيل التعويض للدولة فى مقابل ما ضاع عليها من الضريبة أو ما كان عرضة للضياع عليها بسبب مخالفة المموّل للقانون. وإذن فالحكم المطعون فيه إذ قضى بإلزام الطاعن بأن يدفع مبلغا مساويا لثلاثة أمثال الرسم المستحق الذى تأخر فى سداده عن الميعاد المحدد بالقانون لا يكون قد أخطأ فى شئ.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين لذلك رفضه موضوعا.