أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 5 - صـ 522

جلسة 13 من أبريل سنة 1954

برياسة السيد رئيس المحكمة أحمد حسن، وحضور السادة اسماعيل مجدى، ومصطفى حسن، وحسن داود، ومحمود ابراهيم اسماعيل المستشارين.

(176)
القضية رقم 212 سنة 24 القضائية

شهادة. إجراءات. دفاع. حق المحكمة فى عدم سماع شهود النفى اللذين لم يسلك المتهم إعلانهم بالطريق القانونى. مناطه. أن يكون استنادها فى الرفض هو لأساس المبين فى المادة 185 من قانون الإجراءات الجنائية. خوضها فى موضوع الشهادة وتعليل رفضها سماعهم بعلة تغاير العلة التى خولها القانون هذا الحق من أجلها. إخلال بحق الدفاع.
إنه وإن كانت محكمة الموضوع فى حل من عدم إجابة المتهم إلى طلب سماع شهود النفى ما دام لم يسلك السبيل الذى رسمه قانون الإجراءات الجنائية فى المادتين 186، 187 إلا أن هذا مشروط بأن يكون استنادها فى الرفض هو الأساس المبين فى المادة 185 من القانون المشار إليه، ومن ثم فلا يجوز إذا كان موضوع الشهادة متعلقا بالواقعة أو منتجا فيها أن ترفض المحكمة سماعهم إلا أذا رأت أن الغرض من طلب سماعهم إنما هو المطل أو النكاية. وإذن فمتى كانت المحكمة إذ رفضت سماع شهود النفى الذين لم يعلنهم المتهم وفقا للمادتين 186، 187 من قانون الإجراءات الجنائية قد خاضت فى الموضوع المراد الاستشهاد بهم عليه وعللت رفض الطلب بما قالته من كذب هؤلاء الشهود على افتراض أنهم سوف يرددون ما قالوه فى التحقيق - فإن هذا الرفض يكون لغير العلة التى خولها. القانون هذا الحق من أجلها تكون قد أخلت بحق التهم فى الدفاع مما يعيب حكمها ويستوجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بناحية مشتيل عروس مركز أشمون مديرية المنوفية. أولا - قتل محمد عبد الخير عمدا ومع سبق الإصرار بأن عقد النية على قتله وأعد لذلك سلاحا ناريا بندقية بروحين حتى إذا ما ظفر به أثناء تشييع جنازة (محمود سكر) أطلق عليه مقذوفا ناريا قاصدا بذلك قتله فأحدث به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته. ثانيا - أحرز سلاحا ناريا (بندقية بروحين) بدون ترخيص. ثالثا - أحرز ذخيرة (طلقتين ناريتين) صالحة للاستعمال وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 230 و231 عقوبات و1 و9/ 1 و12 من القانون رقم 58 لسنة 1949 فقررت بذلك ومحكمة جنايات شبين الكوم قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادتين 32/ 2 و17 من قانون العقوبات بمعاقبة عبد المنصف إسماعيل عبد النبى بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة عما نسب إليه وأمرت بمصادرة السلاح والذخيرة موضوع الجريمة. فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض.. الخ.


المحكمة

.. وحيث إن الطاعن يبنى طعنه على الإخلال بحقه فى الدفاع، ذلك بأنه تمسك أمام محكمة الجنايات بطلب سماع شهود النفى الذين سئلوا فى التحقيق وقدم بأسمائهم قائمة إلى غرفة الاتهام طبقا لما تقضى به المادة 185 من قانون الإجراءات الجنائية وأغفلت غرفة الاتهام تكليف النيابة بإعلانهم ولكن المحكمة رغم ذلك رفضت سماعهم.
وحيث إن الحكم المطعون فيه إذ تعرض لما يثيره الطاعن فى طعنه قد رد عليه بقوله: " إن الدفاع عن المتهم تمسك فى الجلسة بسماع شهود نفيه الذين سئلوا فى التحقيق ولم تعلنهم النيابة معتمدا فى ذلك على أنه قدم قائمة بأسمائهم لقاضى التحقيق عملا بالمادة 185 من قانون الإجراءات الجنائية غير أنه تبين من مراجعة القائمة النهائية بالشهود أن غرفة الاتهام لم تدرج بينهم شهود نفى ولم تكلف النيابة العامة بإعلانهم فكان على المتهم والحالة هذه أن يعلن شهوده على نفقته قبل الجلسة عملا بالمادة 186 من القانون المذكور وحيث إنه فضلا عن ذلك فإن النيابة العامة لم تعارض فى تلاوة أقوالهم فى التحقيق وقد ناقش الدفاع أقوال الشهود المذكورين ولم ينسب إليهم وقائع جديدة تستدعى حضورهم أمام المحكمة وكل ما نسبه إليهم المتهم والدفاع أن أولئك الشهود من معارفه وكانوا يسيرون معه ولم يروه يطلق النار على المجنى عليه ومثل أولئك الشهود الأصدقاء مثل كافة المشيعين فى الجنازة وهم جمهور كبير فلم يجرؤ أحدهم على الشهادة ضد المتهم وانفرد من بينهم الشاهد الأول محمد عبد الجواد الذى نسب إلى نفسه الجرأة والجسارة حتى تتبع المتهم وقبض عليه عقب ارتكاب الجريمة"
وحيث إنه ولو أن المحكمة كانت فى حل من عدم إجابة الطاعن إلى طلبه سماع شهود النفى ما دام لم يسلك السبيل الذى رسمه القانون فى المادتين 186، 187 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة للشهود الذين لم تدرج غرفة الاتهام أسماؤهم في قائمة الشهود إلا أنها وقد خاضت في الموضوع المراد الاستشهاد بهم عليه قد عللت رفض الطلب بتعليل فاسد، ذلك لأنها أسسته على ما قالته من كذب الشهود على افتراض أنهم سوف يرددون ما قالوه فى التحقيق مع أن القانون إذ خول لغرفة الاتهام الحق في اعدام إدراج الشهود فى القائمة قد قصر ذلك على الحالات التي ترى فيها أن شهاداتهم لا تأثير لها على الدعوى - أى غير متعلقة بواقعتها أو منتجة فيها - أو ترى أن القصد من طلب حضورهم المطل أو النكاية فإذا ما كانت غرفة الاتهام قد رفضت إعلان بعض الشهود ولم يعلنهم المتهم ويعلن النيابة وباقى الخصوم بأسمائهم وموضوع شهاداتهم قبل الجلسة بثلاثة أيام كان للنيابة وللخصوم أن يعارضوا فى سماع أقوالهم حسبما تخوله لهم المادة 379 من ذلك القانون. غير إن هذا المعارضة لا يصح أن تستند المحكمة فى رفض سماع الشهود إلا إلى الأساس المبين في المادة 185 والسالف الإشارة إليه ومن ثم فلا يجوز إذا كان موضوع الشهادة متعلقا بالواقعة أو منتجا فيها أن ترفض المحكمة سماعهم إلا أذا رأت أن الغرض من طلب سماعهم إنما هو المطل أو النكاية. ولما كان الواضح مما أفصحت عنه المحكمة أنها رفضت سماع الشهود لغير العلة التى خولها القانون هذا الحق من أجلها تكون قد أخلت بحق الطاعن فى الدفاع مما يعيب حكمها ويستوجب نقضه.
وحيث إنه لذلك يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه.