أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 5 - صـ 415

جلسة 11 من مارس سنة 1954

المؤلفة من السيد رئيس المحكمة أحمد محمد حسن رئيسا، والسادة المستشارين: مصطفى حسن، ومحمود ابراهيم اسماعيل، وأنيس غالى، ومصطفى كامل أعضاء.

(139)
القضية رقم 83 سنة 24 القضائية

إثبات. الأخذ فى حق متهم بأقوال متهم أخر. جائز.
لا صحة للقول بأن أقوال متهم على آخر لا يمكن الأخذ بها إلا إذا تأيدت بدليل أو قرينة تعززها، إذ ليس فى القانون ما يمنع المحكمة من أن تأخذ فى حق متهم بأقوال متهم آخر متى اطمأنت إليها ولو لم يكن عليه من دليل إثبات غيرها، والقول بغير ذلك فيه مساس بسلطة القاضى فى تقدير الدليل وحريته فى اقتناعه وتكوين عقيدته من أى دليل بطرح أمامه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلا من: 1 - حنفى محمود نصر (الطاعن) و2 - فؤاد مرسى أحمد بأنهما، الأول قتل وداد عبد الباسط عمدا بأن ضربها بآلة حادة (بروه) على رأسها قاصدا قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياتها وقد تقدمت هذه الجناية جناية أخرى هى أن هذا المتهم فى الزمان والمكان سالفى الذكر هتك عرض المجنى عليها بالقوة حالة أنها لم تبلغ ستة عشرة سنة كاملة بأن أمسك بثديها عنوة، والثانى - اشترك مع المتهم الأول بطريقى الاتفاق والمساعدة فى ارتكاب الجناية سالفة الذكر بأن اتفق معه على هتك عرض المجنى عليها المذكورة ورافقه إلى محل الحادث شدا لأزره، وكانت جناية القتل المذكورة نتيجة محتملة لهذا الاتفاق وقد تمت جناية القتل المذكورة نتيجة محتملة لهذا الاتفاق وقد تمت جناية القتل بناء على هذا الاتفاق وهذه المساعدة، وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتها بالمواد 40/ 2 - 3 و41 و234/ 2 من قانون العقوبات، فقررت بذلك. ومحكمة جنايات الجيزة قضت حضوريا عملا بالمواد 236/ 1 و268/ 2 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 32 من القانون المذكور بمعاقبة حنفى محمود نصر بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة، وذلك على اعتبار أن المتهم فى الزمان والمكان سالفى الذكر، أولا - ضرب وداد عبد الباسط عمدا بآلة حادة على جبهتها وأجزاء أخرى من جسمها فسقطت على مؤخر راسها فحدثت بها الإصابات المبينة بالتقرير الطبى ولم يقصد من ذلك قتهلا ولكنه أفى إلى موتها، ثانيا - هتك عرض المجنى عليها المذكور بالقوة بأن قبلها وأمسك بثديها عنوة، كما قضت ببراءة فؤاد مرسى أحمد، وذلك عملا بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية، فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

.. وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه دان الطاعن على أساس أقوال المتهم الثانى الذى قضت المحكمة ببراءته مع أن أقوال متهم على آخر لا يمكن الأخذ بها إلا إذا تأيدت بدليل أو قرينة تعززها، وما أورده الحكم من أدلة على المتهم الثانى المحكوم ببراءته كما ينطبق على الطاعن ينطبق عليه فكل منهما به إصابات وكانا بالمصعد أثناء صعوده بالمجنى عليها وكل منهما يلقى الإتهام على الآخر ولا يوجد فى أوراق الدعوى ما يرجح أقوال أحدهما على الآخر، بل التهمة شائعة بينهما، ولم تفسر المحكمة وجود المتهم الثانى الذى برأته فى ذلك المصعد المعد لاستعمال السكان، ويضيف الطاعن أنه لا ارتباط بين الجريمتين اللتين دانه الحكم المطعون فيه بهما، وأن ما دلل به على جريمة هتك العرض من قطع الزر وتلوث الجلباب بالجير يصح أن يكون قبل وقوع الجريمة الأخرى أو بعدها، ولم يذكر الطبيب الشرعى الوقت الذى حصلت فيه الإصابات التى شوهدت بالمجنى عليها، كما أنه لم توجد بثدييها آثار تدل على الإمساك به أو على وقوع جريمة هتك العرض التى لم يبن الحكم ظروف ارتكابها اكتفاء منه بسرد ظروف الجريمة الأخرى.
وحيث إن الحكم المطعون فيه فى بيانه لواقعة الدعوى قد قال إنه أثناء صعود المصعد الذى كانت به المجنى عليها والطاعن وزميله الذى قضت المحكمة ببراءته أخذ الطاعن يقبل المجنى عليها ويضع يده على صدرها ويراودها عن نفسها فقاومته وضربته بيديها على كتفه فاستاء منها وضربها "بالبروه والمسطرين" اللذين يستعملهما فى عمله على جبهتها وذقنها وصدرها ضربا شديدا فسقطت على الأرض وأصيبت بكسر بأحد الأضلاع اليمنى وكسور بمؤخرة الجمجمة ونشأت وفاتها عن إصابات الرأس وما أحدثته من كسور ونزيف وارتجاج دماغى، ولما كان يبن من ذلك أن الحكم بين واقعتى هتك عرض المجنى عليها من الطاعن وضربه لها ضربا افضى إلى موتها بما تتوافر به جميع العناصر القانونية لهاتين الجريمتين وكان قد أورد على ثبوتها فى حقه أدلة من شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التى رتبها عليها، ومن ذلك أقوال المتهم الثانى الذى قضت المحكمة ببراءته لعدم اقتناعها بثبوت التهمة قبله، وذلك بالاضافة إلى الأدلة والآثار المادية التى تبينتها المحكمة وأخذت بها فى حق الطاعن، هذا إلى أنه غير صحيح فى القانون ما يزعمه الطاعن من أن أقوال متهم على آخر لا يمكن الأخذ بها إلا إذا تأيدت بدليل أو قرينة تعززها، إذ ليس فى القانون ما يمنع المحكمة من أن تأخذ فى حق متهم بأقوال متهم آخر متى كانت قد اطمأنت اليها ولو لم يكن عليه من دليل إثبات غيرها، والقول بغير ذلك فيه مساس بسلطة القاضى فى تقدير الدليل وحريته فى إقناعه وتكوين عقيدته من أى دليل يطرح أمامه، ولما كان لا مصلحة للطاعن فيما يقول من أنه لا ارتباط بين الجريمتين إذ أن ذلك من شأنه أن توقع عليه عقوبتان بدلا من العقوبة التى حكمت عليه المحكمة بها عن الجريمتين معا وهى ما قالت المحكمة عنها إنها عقوبة الجريمة الأشد وهى جريمة هتك العرض التى تدخل فيها العقوبة التى أوقعتها عليه - لما كان ذلك فان ما ينعاه الطاعن لا يكون له محل، ويتعين لذلك رفض طعنه موضوعا.