أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 5 - صـ 537

جلسة 19 من أبريل سنة 1954

برياسة السيد الأستاذ أحمد محمد حسن رئيس المحكمة، وحضور السادة الأساتذه: مصطفى حسن، وحسن داود، وأنيس غالى، ومصطفى كامل المستشارين.

(181)
القضية رقم 244 سنة 24 القضائية

محكمة الموضوع. شهادة. سلطة محكمة الموضوع فى تقدير أقوال الشهود.
لمحكمة الموضوع أن تقدر أقوال الشهود وتأخذ بما تطمئن إليه منها دون أن تورد لذلك أسبابا.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بناحية كفر سلامون مركز كوم حماده مديرية البحيرة ضرب عمدا أحمد عبد الرحمن خليفه فأحدث به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصد من ذلك قتله ولكن الضرب أفضى إلى موته. وطلبت من غرفة الاتهام احالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات. فقررت بذلك. وقد ادعى عبد الرحمن خليفة بحق مدنى قبل المتهم بمبلغ مائة جنيه تعويضا مؤقتا. ومحكمة جنايات دمنهور قضت حضوريا عملا بمادة الاتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة أبو النجا عباس أبو النجا بالحبس مع الشغل لمدة سنتين وإلزامه بأن يدفع للمدعى بالحق المدنى عبد الرحمن خليفة مبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض والمصروفات المدنية.
فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

.. ومن حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه دان الطاعنة تأسيسا على أقوال شهود كلهم أحداث سمعوا على سبيل الاستدلال وأقوالهم تخالف ما أثبته تقرير الصفة التشريحية من أن الإصابة التى أحدثت الوفاة نشأت عن إلقاء حجر على المجنى عليه وهو ما يتفق مع دفاع الطاعن ويختلف تمام الاختلاف مع أقوال أولئك الشهود. وكذلك أخطأ الحكم فى الإسناد إذ عول على ما قاله الشاهد محمد عبد النبى الشوربجى من أنه رأى الاعتداء وكيفية الإصابة فى حين أن الثابت من أقواله فى تحقيق البوليس والنيابة أنه لم يكن حاضرا وقت الحادث ومع ذك فقد آثرت المحكمة أن تأخذ بأقواله وبأقوال أخى المجنى عليه إسماعيل عبد الرحمن وصديقيه محمد شهبور وابراهيم بسيونى وتطرح أقوال الشهود الآخرين ومنهم عيسى عبد القادر عرض دون مبرر لهذا الترجيح. وهذا الخطأ ترتب عليه أن الطاعن دين بجريمة الضرب العمد المفضى إلى الموت فى حين أن الواقعة على النحو الوارد بمحاضر التحقيق إن صحت تكون جريمة قتل خطأ وأخيرا يرمى الحكم بأنه أخل بحقه فى الدفاع إذ لم تسمع المحكمة كافة شهود الحادث رغم طلبه مع أن بعضهم كانت شهادته فى التحقيق لمصلحة الطاعن وتتفق مع دفاعه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه ذكر عن تقرير الصفة التشريحية "أن الصفة التشريحية التى أجراها مفتش الصحة تبين منها أن الجثة لشاب فى حوالى الخامسة عشرة من عمره وبظاهر الجثة كدم رضى عند تقابل مفدمة الرأس بالجبهة من الجهة اليسرى 10 × 2 سم وكذلك كدم رضي بالمنطقة القطنية اليسرى وبنزع فروة الرأس وجد كسر بعظم مقدمة الجمجمة تحت الإصابة الأولى مباشرة ونزيف دموي بين عظام الجمجمة وأنسجة المخ تحت الكسر مباشرة ومن المرجح أن الوفاة نشأت بسبب النزيف الدموى بسبب الإصابة الأولى وما أحدثه من كسر وحيث إن الطبيب الشرعى استخرج الجثة وأعاد تشريحها وانتهى إلى موافقة مفتش الصحة على ما أورده فى تقريره وأن إصابة المجنى عليه تحدث من جسم صلب راض أيا كان نوعه ويجوز حدوثها من إلقاء قطعة حجر على المجنى عليه". ولما كان ما ورد فى تقرير الصفة التشريحية لا يختلف مع أقوال الشهود التى أوردها الحكم وعول عليها وكان غير صحيح ما يزعمه الطاعن من أن الحكم عول على الرواية التى أبداها الشاهد محمد عبد النبى الشوربجى فى الجلسة وذهب فيها إلى أنه رأي الطاعن يضرب المجنى عليه بقالب طوب بل أن الحكم أطرح هذه الرواية وقال فيها "إن الشاهد زعم بالجلسة أنه رأى الاعتداء ولكن المحكمة ترى أن ذلك تزيد منه فى الشهادة لأن أقواله فى جميع أدوار التحقيق تدل على أن الاعتداء كان قد انتهى أمره عند وصوله لمحل الحادث" لما كان ذلك وكان لمحكمة الموضوع أن تقدر أقوال الشهود وتأخذ بما تطمئن إليه منها دون ان تورد لذلك اسبابا، وكانت أقوال الشهود كما أوردها الحكم من شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التى استخلصتها المحكمة منها وهى وقوع الاعتداء من الطاعن عن عمد وإحداثه بالمجنى عليه الإصابة التى أفضت إلى وفاته، وكانت المحكمة إذا عولت على أقوال الشهود وأدانت الطاعن فى جريمة الضرب العمد المفضى إلى الموت قد أفادت ضمنا أنها اطرحت أقوال الشهود الذين أدلوا برواية تخالف ذلك، لما كان ذلك فإن ما يثيره الطاعن فى شأن ذلك كله يكون على غير اساس.
ومن حيث إنه فيما تيعلق بالوجه الأخير من الطعن فإنه يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن أصر فى جلسة 21 من نوفمبر سنة 1953 على مناقشة الشاهد الأول الذى لم يكن حاضر فاجابته المحكمة لهذا الطلب وأمرت باستمرار المرافعة لجلسة 23 من نوفمبر سنة 1953 لسماعه وقد سمع فعلا فى الجلسة الأخيرة وترافع محامى الطاعن دون أن يطلب سماع شهود آخرين. لما كان ذلك فإن هذا الوجه من الطعن يكن أيضا على غير أساس ويتعين رفضه.
ومن حيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.