أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 5 - صـ 432

جلسة 29 من مارس سنة 1954

المؤلفة من السيد رئيس المحكمة أحمد محمد حسن رئيسا، والسادة المستشارين: اسماعيل مجدى، ومصطفى حسن، وحسن داود، ومحمود إبراهيم أعضاء.

(146)
القضية رقم 150 سنة 24 القضائية

إثبات. استعراف الكلاب البوليسية. لا يصح الأخذ به كدليل أساسى على ثبوت التهمة.
إن استعراف الكلاب البوليسية لا يعدو أن يكون قرينة يصح الاستناد إليها فى تعزيز الأدلة القائمة فى الدعوى دون أن يؤخذ بها كدليل أساسى على ثبوت التهمة على المتهم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلا من: 1 - توفيق سيد أبو زيد و2 - صابر حسب الله عثمان (الطاعنين) و3 - سيد جاد أبو طالب بانهم المتهم الأول: توفيق سيد أبو زيد قتل عمدا أحمد محمد مصطفى بأن أطلق عليه عيارا ناريا قاصدا من ذلك قتله، فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية التى أودت بحياته، وقد اقترنت بهذه الجناية جناية أخرى هى أنه فى الزمان والمكان السالفى الذكر شرع وباقى المتهمين فى سرقة الماشيتين المبينتين بالمحضر والمملوكتين للمجنى عليه المذكور حالة كونه يجلى سلاحا ظاهرا (بندقية) وحالة كون المتهم الثانى يحمل سكينا وقد خاب أثر الجريمة بسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو مقاومة المجنى عليه لهم واستغاثة زوجته الأمر المنطبق على المواد 45 و46 و316 عقوبات، والمتهمان الثانى والثالث: صابر حسب الله عثمان وسيد جاد أبو طالب اشتركا بطريق الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول فى ارتكاب الجريمة سالفة الذكر بأن اتفقا معه على سرقة مواشى المجنى عليه وذهبا معه إلى منزله لشد أزره ووقعت جريمة القتل نتيجة محتملة لهذا الاتفاق وتلك المساعدة وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم: الأول بالمواد 234/ 2 عقوبات والثانى والثالث بالمواد 234/ 2 و40/ 2 - 3 و41 و43 عقوبات، فقررت بذلك، ومحكمة جنايات أسيوط قضت حضوريا عملا بالمواد 234/ 1 - 2 و45 و46 و316 من قانون العقوبات بالنسبة للمتهم الأول وبالمواد 40/ 2 - 3 و41 و43 من نفس القانون بالنسبة إلى المتهم الثانى، أولا: بمعاقبة المتهم الأول توفيق سيد أبو زيد بالشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة، وثانيا: بمعاقبة المتهم الثانى صابر حسب الله عثمان بالأشغال الشاقة عشر سنين، وثالثا: ببراءة المتهم الثالث سيد جاد أبو طالب وأعفت جميع المتمين من المصروفات الجنائية، فطعن الطاعنان فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

.. وحيث إن مما ينعاه الطاعن الثانى على الحكم المطعون فيه إذ دانه بجريمة القتل العمد المقترن بجناية أخرى قد أخطأ، ذلك بأن ابن القتيل شهد بأن المتهم الثالث الذى برئ كان يحمل السكين المضبوطة، وهو الذى قطع بها حبل الماشية، ولكن المحكمة دانت الطاعن الثانى على أساس أن الكلب البوليسى دل عليه، بعد أن شم السكين مع أن استعراف الكلب البوليسي الذى حصل فى هذا الحادث بعد أسبوعين من وقوعه يجب أن يؤخذ به فى أضيق الحدود لأن المدرب وحى إليه بلغة معينة، يضاف إلى هذا أن أقصى ما تستخدم فيه الكلاب البوليسية فى غير مصر وهو اقتفاء أثر الجناة لأن الاعتماد على حاسة الشم عند الكلاب هو أمر لم يصل العلم إلى إقراره فضلا عن أنه يجب توافر الثقة فى مدرب الكلاب من حيث الذمة والنزاهة خصوصا أنه لا يحلف اليمين.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة أسست حكمها بإدانة الطاعن الثانى بصفة أساسية على استعراف الكلب البوليسي عليه إذ شم السكين المضبوطة ثم أخرج هذا الطاعن من بين أشخاص عديدين، فقد قالت فى ذلك "إن الكلب أخذ يجذبه من ملابسه نابحا ولم يستطع المتهم المذكور أن يدفع ذلك بدفاع مقبول وتخرج المحكمة من ذلك بأن السكين المضبوطة هى للمتهم الثانى، وأن هذا المتهم كان موجودا فى مكان الحادث من بين مرتكبيه ولما كان استعراف الكلاب البوليسية لا يعدو أن يكون قرينة يصح الاستناد إليها فى تعزيز الأدلة القائمة فى الدعوى دون أن يؤخذ بها كدليل أساسى على ثبوت التهمة على المتهم - لما كان ذلك، وكان يبين من الحكم أن المحكمة إذ استندت على استعراف الكب البوليسي على المتهم الثانى قد قالت إن شهادة الغلام فاروق أحمد مصطفى ابن القتيل تعزز هذا الاستعراف مع أن شهادة الغلام المذكور فى الجلسة صريحة فى أنه وإن قرر أنه رأى المتهمين الثانى والثالث بمكان الحادث، إلا أنه قال إن الثالث هو الذى كان يحمل السكين وقطع بها حبل الماشية، كما أن المحكمة إذ أشارت إلى هذه الشهادة قد قالت فى أكثر من موضع من الحكم إن الشاهد المذكور قال إن السكين كانت مع أحد المتهمين مما قد يوحى بأن الشاهد المشار إليه لم يعين المتهم الذى قال إنه رأى معه السكين أو أن المحكمة لم تكن متنبهه إلى حقيقة ما شهد به فى هذا الشأن فى الجلسة مما يحتمل معه لو أنها قدرت شهادته على حقيقتها أن يتغير رأيها فيما قالته من أن شهادة الغلام جاءت معززة لاستعراف الكلب البوليسي - لما كان ذلك، فإن الحكم يكون مشوبا بفساد الاستدلال مما يعيبه ويستوجب نقضه، وذلك بغير حاجة إلى بحث باقى أوجه الطعن.
وحيث إن نقض الحكم بالنسبة إلى الطاعن الثانى يقتضى نقضه بالنسبة إلى الطاعن الأول أيضا نظرا لوحدة الواقعة مما يستوجب لحسن سير العدالة أن تكون إعادة نظر الدعوى بالنسبة لكلا الطاعنين.