أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 5 - صـ 600

جلسة 10 من مايو سنة 1954

برياسة السيد الأستاذ أحمد محمد حسن رئيس المحكمة، وحضور السادة مصطفى حسن، ومحمود اسماعيل، وأنيس غالى، ومصطفى كامل المستشارين.

(204)
القضية رقم 438 سنة 24 القضائية

أمر بحفظ. الشروط اللازم توافرها فيه. يجب أن يكون صريحا وثابتا بالكتابة. مثال.
الأصل فى أمر الحفظ أن يكون صريحا ومدونا بالكتابة والا يستفاد استنتاجا من تصرف أو إجراء آخر إلا إذا كان هذا التصرف أو الإجراء يترتب عليه حتما وبطريق اللزوم العقلى هذا الحفظ وإذن متى كانت النيابة العمومية لم تصدر أمرا كتابيا صريحا بحفظ الدعوى الجنائية بالنسبة إلى متهم بل كان كل ما صدر عنها هو اتهام غيره بارتكاب الجريمة فإن ذلك لا يفيد على وجه القطع واللزوم حفظ الدعوى بالنسبة له بالمعنى المفهوم فى القانون.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة هذا الطاعن بأنه أولا ضرب عمدا عبد الحميد عبد القوى طنطاوى بعصا على رأسه ويده ومواضع أخرى من جسمه فأحدث به الإصابات الموضحة بالتقرير الطبى وقد تخلف لديه من جراء إحدى إصابات رأسه عاهة مستديمة يستحيل برؤها هى فقد جزء من عظم الرأس مما يجعل المخ والسحايا اشد تأثرا بالإصابات البسيطة والتقلبات الجوية التى ما كانت لتؤثر عليه لو ظلت محمية بالعظام ويعرض المجنى عليه للاصابات والأنزفة السحائية المخية والصرع وغير ذلك من المضاعفات الخطرة على الحياة ولا يمكن تقدير مدى هذه العاهة الآن إذ يتوقف ذلك على ما قد يطرأ عليها مستقبلا من المضاعفات كما تختلف لديه من جراء إصابة يده عاهة مستديمة أخرى هى إعاقة بحركة ثنى الإصبع البنصر اليسرى مما يضعف من قوة قبضة اليد اليسرى ويقلل من كفاءته على العمل بنحو 5% ثانيا: ضرب عمدا عباس عبد المقصود فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبى ولا تحتاج لعلاج. وطلبت من قاضى الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادتين 240/1 و242/1 من قانون العقوبات، فقرر بذلك . وادعى بحق مدنى عبد الحميد عبد القوى وطلب الحكم له قبل المتهم بمبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف. ومحكمة جنايات الجيزة قضت حضوريا بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل سنة وبإلزامه بأن يدفع للمدعى بالحقوق المدنية قرشا صاغا على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف المدنية وذلك عملا بالمواد 240/1 و242/1 و32/1 و11 عقوبات. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض ... الخ.


المحكمة

.. وحيث إن مبنى الوجهين الأول والثانى هو أن النيابة العامة صرفت النظر عن اتهام الطاعن بجناية العاهة المستديمة لعدم ثبوتها فى حقه وقصرت اتهامها إياه على جنحة الضرب البسيط ووجهت تهمة العاهة إلى المتهم الأول، وأمر قاضى الإحالة بإحالة القضية إلى محكمة الجنايات للفصل فيها على هذا الأساس، غير أن المحكمة قضت بإدانة الطاعن فى تهمة الجناية رغم أن صرف النظر عن إسناد هذه التهمة إليه يعتبر بمثابة أمر بالحفظ مانع للمحكمة من محاكمته عنها، ويضيف الطاعن أن النيابة العامة حين أعيدت لها القضية من محكمة الجنايات لم تجر فيها تحقيقا كشف عن أمر جديد وقدمتها بحالتها إلى قاضى الإحالة اكتفاء بالتحقيقات التى تمت بالجلسة فكأنها بذلك قدمت الطاعن للمحاكمة بغير تحقيق وقد سايرها فى ذلك قاضى الإحالة وهذا الإجراء الخاطئ مبطل للحكم ومستوجب لنقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن النيابة العامة قدمت الطاعن إلى قاضى الإحالة لمحاكمته عن جريمة ضرب بموجب المادة 242 من قانون العقوبات، كما قدمت إليه عبده أبو الخير سليمان لمحاكمته عن جريمة إحداث عاهتين مستديمتين بالمجنى عليه فأحالتهما بهذا الوصف إلى محكمة الجنايات، وبعد أن سمعت المحكمة شهادة الشهود وطلبت النيابة توجيه تهمة جديدة إلى الطاعن هى إحداث إحدى العاهتين بالمجنى عليه فقررت المحكمة إعادة القضية للنيابة لعرضها على قاضى الإحالة بالنسبة إلى الطاعن عن هذه الجناية، وقامت النيابة بتنفيذ هذا القرار ثم أمر قاضى الإحالة بإحالة القضية إلى محكمة الجنايات لمحاكمة المتهمين المذكورين على مقتضى الوصف الجديد وبجلسة 25 من نوفمبر سنة 1953 قضت المحكمة بإدانة الطاعن بجنايتى العاهتين وجنحة الضرب مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات وبراءة عبده أبو الخير سليمان.
وحيث إن ما يثيره الطاعن فى هذا الوجه مردود عليه بأن الأصل فى أمر الحفظ أن يكون صريحا ومدونا بالكتابة ولا يستفاد استنتاجا من تصرف أو إجراء آخر إلا إذا كان هذا التصرف أو الإجراء يترتب عليه حتما وبطريق اللزوم العقلى هذا الحفظ إذا كانت النيابة لم تصدر أمرا كتابيا صريحا بحفظ الدعوى الجنائية بالنسبة إلى المتهم بل كان كل ما صدر عنها هو اتهام غيره بارتكاب الجريمة فإن ذلك لا يفيد على وجه القطع واللزوم حفظ الدعوى بالمعنى المقصود فى القانون - لما كان ذلك - وكانت الدعوى قد سبق تحقيقها بمعرفة النيابة العامة وشمل ذلك التحقيق الوقائع المسند إلى الطاعن فليس هناك ما يمنع من تقديمه للمحاكم بعد ذلك دون حاجة إلى تحقيق آخر.
وحيث إن مبنى الوجه الثالث هو أن الطاعن دفع فى التحقيقات بأنه كان فى حالة يخشى منها على حياته وهو تمسك منه بقيام حالة الدفاع الشرعى عن النفس ولكن الحكم اغفل الرد على هذا الدفاع.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على أوراق الدعوى أن الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع بقيام حالة الدفاع الشرعى لديه ولذى فليس له أن ينعى عليها عدم العرض لهذا الدفع.
وحيث إن حاصل الوجهين الرابع والخامس هو أن المجنى عليها قرر بالجلسة إن الطاعن ضربه ضربة واحدة لما كان قد وجدت به اصابات متعددة فكان على المحكمة أن تفند ذلك وتعلله حتى يسلم حكمها من التخاذل، هذا إلى أن المحكمة دانت الطاعن بجناية العاهة وبجنحة الضرب وطبقت المادة 32 من قانون العقوبات مع أن جريمة الجنحة قد سقطت بمضى أربع سنوات ونصف على وقوعها مما يمتنع معه تطبيق المادة المذكورة.
وحيث إن ما يثيره الطاعن فى هذين الوجهين مردود بأن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى أورد على ثبوت وقوع الجريمتين من الطاعن أدلة من شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التى رتبها عليها من هذا الأدلة التى استند إليها شهادة المجنى عليه فى التحقيق وبالجلسة بأن الطاعن ضربه ضربة بعصا على رأسه فخر على الأرض مغشيا عليه وما شهد به فؤاد عباس عبد المقصود من أنه رأى المجنى عليه ملقى على الأرض والطاعن ينهال عليه ضربا بالعصا، لما كان ذلك وكان الحكم قد استخلص استخلاصا سائغا من أقوال هذين الشاهدين أن الطاعن هو الذى أحدث بالمجنى عليه جميع الإصابات التى وجدت به فلا محل لما يثيره الطاعن فى طعنه من وجود تناقض فى الحكم بين أقوال المجنى عليه والتقرير الطبى، أما ما يثيره فى شأن تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات فلا مصلحة له فى إثارته ما دامت المحكمة لم تعاقبه إلا بالعقوبة المقررة لجناية العاهة المستديمة.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.