أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 5 - صـ 855

جلسة أول يوليه سنة 1954

برياسة السيد المستشار ابراهيم خليل، وحضور السادة: اسماعيل مجدى ومحمود اسماعيل وأنيس غالى ومصطفى كامل المستشارين.

(274)
القضية رقم 594 سنة 24 القضائية

(ا) حكم. تسبيه. إدانة المتهمين فى جناية القتل العمد. توفر نية القتل عند المتهمين. تعدد الإصابات. إثبات إنها كلها ساهمت فى الوفاة. عدم إمكان تعيين من أحدث الضربة أو الضربات التي سببت الوفاة. لا يعيب الحكم.
(ب) إثبات. الاعتماد على قول للشاهد أو المتهم دون قول آخر له. جوازه.
1 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد أثبت نقلا عن التقرير الطبى أن وفاة المجنى عليه نشأت عن الكسور متشعبة ومنخسفة بعظام الجمجمة فى مساحة كبيرة جدا وما صحبها من أعراض دماغية، كما أثبت الحكم أيضا أن الطاعنين أحدثا بالمجنى عليه تلك الإصابات بنية إزهاق روحه وأنهما معا انهالا على رأس المجنى عليه ضربا بالعصى الغليظة بوحشية وقسوة غير معهودة تدلان على تعمد القتل فإن كلا الطاعنين يكون مسئولا عن جريمة القتل العمد بغض النظر عن الضربة التى أحدثها ما دام الحكم قد أثبت أن كلا منهما قد ساهم فى ارتكاب الأفعال التى أحدثت الوفاة. وإذن فعدم إمكان تعيين من منهما هو الذى أحدث الضربة أو الضربات التى سببت الوفاة ليس من شأنه أن يعيب الحكم.
2 - لمحكمة الموضوع إن تأخذ من أقوال المتهم أو الشاهد بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ولا تثريب عليها إن هى لم تأخذ باعتراف أحد المتهمين وأقوال شهود الذين أيدوا هذا الاعتراف وأخذت بعدول المتهم المذكور عن اعترافه وبما شهد به بعض الشهود الآخرين، إذ العبرة فى ذلك كله بما تطمئن المحكمة إلى صحته ويتكون به اقتناعها مما يدخل فى حدود سلطتها التقديرية دون معقب عليها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين مع آخرين حكم عليهم بأنهما: قتلا عمدا سيد عبد الهادى محمد موسى بأن ضرباه بآلات راضة ثقيلة قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الإصابات الموضحة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته. وطلبت من قاضى الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات. فقرر بذلك ومحكمة جنايات بنى سويف قضت حضوريا عملا بمادة الاتهام بمعاقبة كل منهما بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنين. فطعن الطاعنان فى هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

.. وحيث إن مبنى الوجهين الأول والثانى هو أن الحكم المطعون فيه دان الطاعنين بجناية القتل العمد على أساس أنهما ضربا المجنى عليه بالعصى الغليظة فأحدثا به خمسة جروح مصحوبة بكسور منخسفة بعظام الرأس أدت إلى الوفاة فى حين أن وصف التهمة قد خلا من ظرف سبق الإصرار. وبذا يكون الحكم قد أخطأ فى عدم تحديد الضربة التى سببت الوفاة. وعدم تعيين الشخص الذى أحدث هذه الضربة وهذا التجهيل من شأنه إما تبرئة الطاعنين أو قصر مساءلتهما على أساس القدر المتيقن.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد أثبت نقلا عن التقرير الطبى أن وفاة المجنى عليه نشأت عن الكسور متشعبة ومنخسفة بعظام الجمجمة فى مساحة كبيرة جدا وما صحبها من أعراض دماغية، كما أثبت الحكم أيضا أن الطاعنين احدثا بالمجنى عليه تلك الإصابات بنية إزهاق روحه وأنهما معا انهالا على رأس المجنى عليه ضربا بالعصى الغليظة بوحشية وقسوة غير معهودة تدلان على تعمد القتل فإن كلا الطاعنين يكون مسئولا عن جريمة القتل العمد بغض النظر عن الضربة التى أحدثها ما دام الحكم قد أثبت أن كلا منهما قد ساهم فى ارتكاب الأفعال التى أحدثت الوفاة. وإذن فعدم إمكان تعيين من منهما هو الذى أحدث الضربة أو الضربات التى سببت الوفاة ليس من شأنه أن يعيب الحكم.
وحيث إن مبنى الوجه الثالث هو التخاذل فى أسباب الحكم إذ بينما يقول الحكم فى موضع - نقلا عن التقرير الطبى - إن بالمجنى عليه ثلاثة جروح قطعية وجرحين رضيين، بقول فى موضع آخر إن الطاعنين انهالا على المجنى عليه ضربا بالعصى الغليظة وهذا يخالف أيضا ما ورد فى البلاغ المقدم من عبد السميع أحمد من أن الضرب حدث بالبلطة والمساوق دون تحديد الآلة التى استعملها كل من الطاعنين هذا إلى أن المحكمة لم تبين الأسباب التى حملتها على الأخذ بأقوال عبد السميع المذكور وهى تتفق وما جاء بالبلاغ مع تعارض هذه الأقوال مع الكشف الطبى الذى أثبت أن الإصابات حدثت من آلة راضة، يضاف إلى ذلك أن المحكمة لم تبين فى حكمها علة أخذها بعدول المتهم الرابع عن اعترافه بالجريمة واعتبار هذا الاعتراف مكذوبا مما ترتب عليه اطراحها لشهادة الشاهدين أحمد عبد النبى سالم وعبد المنعم عثمان.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد اعتمد فى إدانة الطاعنين على ما جاء بتقرير الصفة التشريحية من أن الإصابات التى حدثت بالمجنى عليه هى إصابات رضية تحصل من المصادمة بأجسام صلبة راضة كالضرب بعصا أو ما أشبه. وكان الحكم - فى صدد التدليل على توافر نية القتل - قد استخلص من واقعة الدعوى ومن التقرير الطبى أن الطاعنين انهالا على رأس المجنى عليه ضربا بالعصى الغليظة فإن ما يثيره الطاعنان فى طعنهما من وجود تناقض فى أسباب الحكم لا يكون له محل. أما ما يثيرانه في شأن اعتراف المتهم الرابع فمردود بأن لمحكمة الموضوع أن تأخذ من أقوال المتهم أو الشاهد بما تطمئن إليه، وتطرح ما عداه، ولا تثريب عليها إن هى لم تأخذ باعتراف أحد المتهمين وأقوال شهوده الذين أيدوا هذا الاعتراف وأخذت بعدول المتهم المذكور عن اعترافه وبما شهد به بعض الشهود الآخرين، إذ العبرة فى ذلك كله بما تطمئن المحكمة إلى صحته ويتكون به اقتناعها مما يدخل فى حدود سلطتها التقديرية دون معقب عليها.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.