أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 5 - صـ 655

جلسة 17 من مايو سنة 1954

برياسة السيد الأستاذ أحمد محمد حسن رئيس المحكمة، وحضور السادة: إبراهيم خليل، واسماعيل مجدى، وحسن داود، ومصطفى كامل المستشارين.

(219)
القضية رقم 557 سنة 24 القضائية

دفاع شرعي. حكم. تسبيبه. بيانه بأسباب سائغة واقعة الدعوى بما تتوافر به الأركان القانونية للجريمة. اثباته على المتهم أنه هو الذى بدأ بالاعتداء على المجنى عليه. تمسك المتهم بحالة الدفاع الشرعى أمام محكمة النقض. ليس فى الحكم ما يدل على تمسكه بهذا الدفع أو أنه أسس عليه دفاعه أمام محكمة الموضوع. تأسيس الطعن على هذا الدفع. غير مقبول.
لما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر فيه الأركان القانونية للجريمة التى دين بها المتهم، وأورد على ثبوتها أدلة تسند إلى ما ورد بالتحقيقات ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها, وكان الحكم إذ استبعد ظرف سبق الإصرار والترصد فإنه أثبت على المتهم أنه هو الذى بدأ بالاعتداء على المجنى عليه، وكان ما يقوله المتهم من أن المجنى عليه هو الذى ابتدأه بالسب وتأهب للاعتداء عليه مما دفعه إلى رد الاعتداء ليس إلا جدلا فى واقعة الدعوى لا أساس له فى الحكم ولم يؤسس عليه دفاعه أمام المحكمة. لما كان ذلك، فإنه لا يقبل منه أن يؤسس عليه طعنه أو يثير أمام محكمة النقض عدم بحث محكمة الموضوع له.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلا من: 1 - أبو عجيله محمد شيحه (الطاعن) و2 - عبد الفتاح محمود حزين بأنهما فى 11 سبتمبر سنة 1952 الموافق 21 من ذى الحجة سنة 1371 بناحية الوقائية مركز الدلنجات من أعمال مديرية البحيرة المتهم الأول: ضرب عمدا زكى السيد حزين فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبى والتى نشأت عنها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هى فقد جزء من عظم القبوة بقطر 2 سم لا يملأ بنسيج عظمى بل يملأ بنسيج ليفى ما يعرضه لمضاعفات خطره منها التهابات السحايا وخراجات المخ ونوبات الصرع والجنون التى ما كان يتعرض لها لو كان المخ محميا بالعظام مما يعتبر عاهة مستديمة تقدر بحوال 7% وكان ذلك مع سبق الإصرار والترصد. والمتهم الثانى: اشترك مع المتهم الأول بطريق الاتفاق والتحريض والمساعدة على ارتكاب الجريمة السالفة بأن اتفق معه وحرضه على ارتكابها وساعده على ذلك فخرج معه حاملا عصا إلى مكان الحادث ليشد أزره فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق والتحريض وتلك المساعدة, وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمواد 40 و41 و240 من قانون العقوبات. فقررت بذلك وقد ادعى زكى السيد حزين بحق مدنى قبل المتهم. وطلب القضاء له بقرش صاغ واحد تعويضا مؤقتا ومحكمة جنايات دمنهور قضت حضوريا عملا بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات بالنسبة للمتهم الأول (الطاعن) أولا: بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنين وإلزامة بأن يدفع للمدعى بالحق المدنى زكى السيد حزين قرشا صاغا واحدا على سبيل التعويض والمصروفات المدنية ومبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة وقد اسبتعدت ظرفى الإصرار والترصد. ثانيا ببراءة المتهم الثانى مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية قبله فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض.. الخ.


المحكمة

.. وحيث إن الطاعن يقول فى طعنه إن الواقعة التى دين بها غير معاقب عليها، ذلك بأنه كان فى حالة دفاع شرعى عن نفسه، ولا يشترط لقيام هذه الحالة القانونية أن يكون المتهم قد اعترف بالواقعة أو تمسك أمام محكمة الموضوع بقيامها ما دام أن القانون لا يوجب أن يكون الاعتداء حقيقة واقعة بل يكفى لقيام هذا الحق أن تكون الظروف والملابسات تلقى فى روع المدافع لأسباب جائزة ومقبوله, أن هناك اعتداء جديا موجها إليه. والثابت فى واقعة الدعوى أن المجنى عليه هو الذى تحرش بالطاعن وابتدره بالسب لدى مروره أمام منزله وذهب للاعتداء عليه هو وزميله المتهم الثانى) رغبة منه فى الانتقام لما وقع منهما فى صبيحة نفس اليوم، والحكم المطعون فيه إذ نفى قيام حالة الدفاع الشرعى قد جاء قاصرا لأنه وقد استبعد الإصرار والترصد، وكان لزاما عليه أن يعنى ببيان ما قام بذهن الطاعن من تأهب المجنى عليه للاعتداء، وهل كان فى حالة دفاع شرعى أم تجاوز هذا الحق،وكان من واجب المحكمة أيضا أن تعنى بتحقيق دفاع الطاعن فى هذا الصدد، ذلك الدفاع الذى جاء أيضا على لسان المتهم الثانى الذى برئ واعترف به المجنى عليه نفسه، هذا إلى أن الحكم قد شابه القصور والتناقض إذ اعتمد فى إدانته على شهادة شاهد، لم يقرر برؤيته للاعتداء بل جاءت شهادته سماعية نقلية عن المجنى عليه. كذلك استند الحكم إلى أقوال المجنى عليه مع أنه لم يأخذ بها فى حق المتهم الذى برئ وأخذ باعتراف الطاعن فى محضر جمع الاستدلالات، فى حين أنه عدل عن ذلك الاعتراف، ولم تعر المحكمة هذا العدول إلتفاتا ولم تبين الأسباب التى بنت عليها إطراحها له.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر فيه الأركان القانونية للجريمة التى دين بها الطاعن، وأورد على ثبوتها أدلة تستند إلى ما ورد بالتحقيقات ون شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها. وإذا كان قد استبعد ظرف سبق الإصرار والترصد، فإنه أثبت على الطاعن أنه هو الذى بدأ الاعتداء على المجنى عليه، وما يقوله الطاعن فى طعنه من أن المجنى عليه هو الذى ابتدره بالسب، وكان متأهبا للاعتداء عليه مما دفعه إلى رد الاعتداء ليس إلا جدلا فى واقعة الدعوى لا أساس له فى الحكم، ولم يؤسس عليه دفاعه أمام المحكمة، ومن ثم فلا يقبل منه أن يؤسس عليه طعنه أو يثير عدم بحث محكمة الموضوع له أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، وكان للمحكمة أن تعتمد فى تكوين عقيدتها إلى الأقوال النقلية للشاهد، وأن تجزئ أقوال شاهد آخر فتأخذ بما تطمئن إليه، وتطرح ما عداه، ولما أن تعول على اعتراف المتهم فى أى مرحلة من مراحل التحقيق متى اطمأنت إلى صحته، فإن ما يثيره الطاعن لا يكون مقبولا.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.