أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 5 - صـ 660

جلسة 18 من مايو سنة 1954

برياسة السيد الأستاذ أحمد محمد حسن رئيس المحكمة، وحضور السادة : مصطفى حسن، وحسن داود ، وأنيس غالى ، ومصطفى كامل المستشارين.

(221)
القضية رقم 2093 سنة 23 القضائية

تهديد.خطاب تهديد. عباراته تحمل طابع الجد. القول بأن هذه العبارات غير جدية دون بيان وجه العدول عن ظاهر العبارات. قصور.
إذا كان يبين من الاطلاع على خطاب التهديد كما أورده قرار غرفة الاتهام المطعون فيه أن ظاهر عباراته تحمل طابع الجد لأن الدافع إلى توجيهه - كما ورد به - هو النزاع على أطيان وأن عبارات التهديد التى تكررت فى غير موضع من الخطاب المذكور صريحة فى مدلولها دالة بذاتها على التهديد بالقتل المصحوب بطلب مما من شأنه أن يمس بطمأنينة من توجه إلى وتتحقق به أركان جريمة التهديد بالكتابة المصحوب بطلب المنصوص عليها فى المادة 284 فقرة أولى من قانون العقوبات, فان القرار المطعون فيه إذ قضى بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى العمومية لمجرد القول بأن عبارات التهديد غير جدية وأنها قرينة أن تحمل محل لعب الأطفال وعبثهم لا محل الجد مما لا تتحقق به جريمة عمدية" دون أن تبين غرفة الاتهام وجه استنادها فى العدول ظاهر مدلول العبارات موضوع التهمة إلى القول بعدم جديتها، هذا القرار يكون منطويا على القصور مما لا تستبين معه محكمة النقض إن كانت نصوص القانون قد طبقت على الواقعة كما هى مثبتة به تطبيقا صحيحا أم لا. ولذا فإن هذا القرار يكون معيبا متعينا نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهما بأنهما: الأول هدد على عبد الهادى شعله وأم محمد سالم كتابة بارتكاب جريمة ضد النفس معاقب عليها بالقتل وكان التهديد مصحوبا بتكليف بأمر بأن أرسل إليهما خطابا بالبريد يتوعدهما فيه بالقتل ذبحا إن هما دخلا بلدة شلشلمون، والثانية اشتركت بطريق التحريض والاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول فى ارتكاب الجريمة سالفة الذكر بأن حرضته على ارتكابها واتفقت معه على ذلك وساعدته على الأعمال المسهلة لها فتمت الجريمة بناء على هذا التحريض وذلك الاتفاق وتلك المساعدة. وطلبت من قاضى التحقيق إحالتهما إلى غرفة الاتهام لإحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكتهما بالمواد 327/1 من قانون العقوبات للأول و 40 و41 و327/1 من نفس القانون للثانية. وقررت الغرفة حضوريا بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى العمومية. فطعن الأستاذ محمد أبو الفضل نائب نيابة السويس فى قرار غرفة الاتهام بطريق النقض ... الخ.


المحكمة

.. وحيث إن الطاعنة تنعى على أمر غرفة الاتهام المطعون فيه أنه إذا قضى بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى العمومية، قد أخطأ فى تطبيق القانون، إذا اعتبر العبارات الواردة فى خطاب التهديد غير جدية. وأنها أشبه بعبث الأطفال مع أن الألفاظ صريحة فى التهديد بالقتل، ومن المقرر أن القصد الجنائى فى جرائم التهديد هو القصد العام شأنه فى ذلك شأن الجرائم القولية جميعا وهو العلم بمعنى اللفظ إن كان صريحا والإحاطة بمراميه إن كان ملتبس فالقصد ملابس له حتى لقد قيل باستحقاق العقاب، ولو قصد بالتهديد المزاح متى طال أمده، ولم يحاول المازح أن يكشف عن قصده في الوقت المناسب, وليس فى إيكال تنفيذ الأمر المهدد به، وليس هذا إلى الأطفال دون الرجال على حد تعبير جطاب التهديد, ما ينفي جدية التهديد وإن كان قد يشك في إمكان تنفيذ الأمر المهدد به, وليس هذا الإمكان قصدا بل القصد هو إحاطة الجاني بمضمون عبارته وعلمه بأنهما تتضمن إكراها معنويا. وعلى فرض عدم جدية التهديد الموجه إلى المجنى عليه الأول ، فالثابت أن التهديد موجه إلى المجنى عليها الثانية صراحة فى قول المهدد "إن شاء الله حدبحك إن شاء الله" وهو قول المؤكد لتهديده المصر عليه بل المبيت على تنفيذه.
وحيث إنه لما كان يبين من الاطلاع على خطاب التهديد كما أورده القرار المطعون فيه، أن ظاهر عباراته تحمل طابع الجد لأن الدافع إلى توجيهه - كما ورد به - هو النزاع على أطيان وأن عبارات التهديد التى تكررت فى غير موضع من الخطاب المذكور صريحة فى مدلولها دالة بذاتها على التهديد بالقتل المصحوب بطلب مما من شأنه أن يمس بطمأنينة من توجه إلى وتتحقق به أركان جريمة التهديد بالكتابة المصحوب بطلب المنصوص عليها فى المادة 284 فقرة أولى من قانون العقوبات. لما كان ذلك فان القرار المطعون فيه, إذ قضى بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى العمومية لمجرد القول بأن "عبارات التهديد غير جدية وأنها قمينة بأن تحمل محل لعب الأطفال وعبثهم لا محل الجد مما لا تتحقق به جريمة عمدية" دون أن تبين غرفة الاتهام وجه استنادها فى العدول ظاهر مدلول العبارات موضوع التهمة إلى القول بعدم جديتها - هذا القرار يكون منطويا على القصور مما لا تستبين معه هذه المحكمة إن كانت نصوص القانون قد طبقت على الواقعة كما هى مثبتة به تطبيقا صحيحا أم لا ولذا فإن هذا القرار يكون معيبا متعينا نقضه.