أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 5 - صـ 688

جلسة 24 من مايو سنة 1954

برياسة السيد الأستاذ أحمد محمد حسن رئيس المحكمة، وحضور السادة اسماعيل مجدى ومصطفى حسن، وحسن داود، وأنيس غالى المستشارين.

(229)
القضية رقم 571 سنة 24 القضائية

(ا) دفاع. ادعاء المتهم أنه طلب من المحكمة مناقشة الطبيب الشرعى وطبيب المستشفى. عدم ثبوت ذلك بمحضر الجلسة. لا يحق له أن ينعى على الحكم أنه لم يحقق ذلك الدفاع.
(ب) إثبات. سلطة محكمة الموضوع فى تكوين عقيدتها مما فى الدعوى من أدلة وعناصر. دفاع موضوعى. لا يستلزم ردا صريحا. الرد على أقوال شهود النفى. لا يلزم.
1 - لما كان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن طلب من المحكمة دعوة الطبيب الشرعى وطبيب المستشفى لمناقشتها فى تقريرها، فليس له أن يعيب عليها فى طعنه أنها لم تقم بإجراء ذلك.
2 - لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطئمن إليه من أدلة وعناصر. وهى غير كافية بتتبع دفاع المتهم فى كل جزئية يثيرها أو بالرد على ما شهد به شهود النفى إذ يكون ردها على ذلك واطراحها أقوال أولئك الشهود مستفادين من قضائها بالإدانة للأدلة التى بينتها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه شرع فى قتل أحمد محمد إبراهيم سعد عمدا بأن أطلق عليه عيارا ناريا قاصدا قتله فأحدث به الإصابات المبينة بالكشف الطبى وقد أوقفت الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو إسعاف المجنى عليه بالعلاج وكان ذلك مع سبق الإصرار والترصد، وطلبت إلى قاضى الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات بالمواد 45 و46 و230 و231 من قانون العقوبات فقرر بذلك. وقد ادعى أحمد محمد ابراهيم بحق مدنى قبل المتهم وطلب القضاء له عليه بمبلغ 1000 جنيه بصفة تعويض. ومحكمة جنايات شبين الكوم قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة عبد الله محمد العيسوى صفر بالسجن لمدة خمس سنين وإلزامه بأن يدفع للمدعى المدنى أحمد محمد ابراهيم سعد 400 جنيه تعويضا والمصاريف المدنية. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.. الخ.


المحكمة

.. وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه جاء قاصرا إذا لم يرد على دفاع الطاعن بأن التهمة ملفقة عليه وأنه لا يعقل أن يرتكب الحادث نهارا فى الطريق أمام نائب العمدة وشيخ البلد هذا إلى عدم وجود آثار دماء فى مكان الحادث وأن المحكمة أخطأت فى ردها على ما دفع به من أن التقرير الطبى فى حقيقته يثبت أن إصابة المجنى عليه حصلت من أسفل إلى أعلى مما لا يتفق مع القول بأن الضارب كان وافقا المجنى عليه جلسا وأنه لا عبرة بما قاله الطبيب الشرعى فى نهاية تقريره من أن من الجائز حصول الإصابة بالوضع الذى قرره المجنى عليه إذ أن ذلك لا يتفق مع وصف الإصابة كما أن المحكمة لم تناقش الطبيب الشرعى ولا طبيب المستشفى فى تقريرهما إذ هما لم يواجها ما تمسك به الدفاع من أن الإصابة من أسفل إلى أعلى وأن ما قيل من ثنى المجنى عليه فخذه لا يمكن ماديا أن ينتج عنه أن الإصابة تكون من أسفل إلى أعلى، ويضيف الطاعن أن المحكمة لم ترد على إنكاره ملكية الطافية التى أدعت الشاهدة أنها نزعتها من فوق رأسه عندما أخذت عليه سبيله بل أخذت بشهادة تلك الشاهدة قضية مسلمة ولم تضم استعراف الكلب البوليسي على الطاقية أو تشير إليه كما لم ترد على ما تمسك به من أقوال شهود النفى تنفى التهمة عنه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى وأورد على ثبوتها فى حق الطاعن أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها - ولما كان الحكم قد رد على دفاع الطاعن الذى عاد إلى ترديده فى طعنه بشأن كيفية حصول إصابة المجنى عليه وفنده فقال إنه "لا جدوى من إنكار المتهم التهمة المسندة إليه وزعمه بأن الحادث لا يمكن أن يحدث على الصورة التى صور بها مناسبا شبة فى التقرير الطبى المؤرخ سبتمر سنة 1948 وبلاغ الحادث فإن ما جاء بهذا التقرير من أن الإصابة نتيجة طلق نارى باتجاه من أسفل والخلف واليمين لأعلى والأمام واليسار قد تكلفت العبارة التالية فى هذا التقرير بيان أن ذلك إنما يكون فى حالة ما إذا كان المصاب فى وضعه الطبيعى ولذلك عقب فى نهايته بأنه من الجائز حصول الإصابة بالوضع الذى قرره المجنى عليه وهو ما أشار إليه طبيب ثانى مستشفى بنها المؤرخ يوينه سنة 1947 بأن يكون المجنى عليه جالسا وفخذه مثنى قليلا"، ولما كان ما أورده الحكم سائغا فى النقل ومقبولا فى بيان كيفية حصول الإصابة ولا تثريب على المحكمة فيما اقتنعت به من إمكان حصولها على الصورة التى قررها المجنى عليه، وكان لا يبين من محضر الجلسة أن الطاعن طلب إلى المحكمة دعوى الطبيبين لمناقشتهما حتى يعيب عليهما فى طعنه أنها لم تقم بإجراء ذلك - وكان الحكم لم يعتمد فى شأن الطاقية التى قدمتها الشاهدة على محضر استعراف الكلب البوليسي عليها بل عول فى ذلك على ما شهدت به تلك الشاهدة من أنها أخذت على الطاعن سبيله عند هروبه وتمكنت من خطف الطافية من فوق رأسه - ولما كان للمحكمة حرية تكوين عقيدتها من أقوال الشاهدة والأخذ بها فيما قالته من ذلك ما دامت قد اطمأنت وصدقتها فيما روته - وكانت المحكمة غير مكلفة بعد ذلك بتتبع دفاع المتهم فى كل جزئية يثيرها أو بالرد على ما شهد به شهود النفى إذ يكون ردها على ذلك واطراحها أقوال أولئك الشهود ومستفادين من قضائها الإدانة للأدلة التى بينّتها - ولما كان ذلك فإن ما ينعاه الطاعن لا يكون إلا مجادلة فى واقعة الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما لا يقبل أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضعا.