أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 5 - صـ 910

جلسة 6 من يوليه سنة 1954

برياسة السيد الأستاذ أحمد محمد حسن رئيس المحكمة: وحضور السادة اسماعيل مجدى وحسن داود، ومحمود ابراهيم اسماعيل، ومصطفى كامل المستشارين.

(288)
القضية رقم 653 سنة 24 القضائية

(ا) دفاع شرعى. نفيه بناء على أسباب مؤدية إليه. مثال.
(ب) قتل عمد. نية القتل. بيانها فى الحكم. مثال.
1 - إذا كان الحكم حين تعرض لدفاع الطاعن من أنه كان فى حالة دفاع شرعى عن نفسه رد عليه بقوله "أن الطاعن هو الذى سعى للشر وبدأ بالعدوان وأنه ثبت للمحكمة من شهادة الشهود كذب هذا الدفاع، كما أن المحكمة ترى من الصعب تصور شخص يعتدى عليه بطلقين ناريين ويكون له من الشجاعة وهو فى مثل موقف المتهم أن يهجم على ضاربه ويكيل له ضربات بالسكين مثل الذى شوهدت بالمتهم الأول" - فان ما أورده الحكم يكفى لنفى هذه الحالة.
2 - إذا كان الحكم قد استظهر نية القتل بقوله " إن هذه النية متوفرة من تعدد الضربات والآلة المستعلمة وشدة الضربات ونفاذها ومكانها كما هو واضح من التقارير الطبية" - فانه يكون قد استدل على قيام هذه النية لدى الطاعن بأدلة مقبولة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلا من : 1 - زيدان عثمان عبد العليم و2 - عبيد عبد الهادى على (الطاعن) بأنهما فى يوم 2 رجب سنة 1370 الموافق 8 أبريل سنة 1951 بناحية قصر رشوان مركز طامية مديرية الفيوم: شرع كل منها فى قتل الآخر عمدا بأن أطلق الأول على الثانى ثلاثة أعيرية نارية قاصدا من ذلك قتله، والثانى طعن الأول بآلة حادة (مطواة) فى رقبته وجسمه عدة مرات قاصدا من ذلك قتله فحدثت بهما الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرداتهما فيه وهو اسعافهما بالعلاج. وطلبت من قاضى الإحالة أن يحيلهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمواد 45 و46 و234/1 من قانون العقوبات. فقرر بذلك ومحكمة جنايات الفيوم قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام بالنسبة إلى المتهم الثانى ( الطاعن) أولا بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنين. وثانيا: ببراءة زيدان عثمان عبد العليم مما أسند إليه. فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض .. الخ.


المحكمة

.. وحيث إن الطاعن ينعى فى أوجه طعنه على الحكم المطعون فيه فساد الاستدلالات والقصور فضلا عن الخطأ فى تطبيق القانون، وذلك لأن أقوال الشهود والتقارير الطبية التى اعتمدت عليها المحكمة فى تصوير الوقائع لا تكفى للاقتناع بمدى ما تضمنه استنتاجها من تجن على المنطق والعقل. كما أن المحكمة كذبت دفاع الطاعن من أنه كان حسن النية وأنه أصيب أولا بالفرد من يد المتهم الأول فدافع عن نفسه بطعنه بالمطواه - مع أنه ليس فى أقوال الشهود كما أثبتها الحكم ما يؤدى إلى هذا الاستنتاج فضلا عن أن المحكمة رفضت الأخذ بما دفع به الطاعن من أنه كان فى حالة دفاع شرعى لمجرد قولها إن شهادة الشهود تكذبه مع أن شهادتهم مقطوعة الصلة بهذه النتيجة وليس صحيحا فى المنطق ما قالته المحكمة من أنها ترى من الصعب تصوير شخص يعتدى عليه بطلقين ناريين ويكون له من الشجاعة أن يهجم على الضارب ويطعنه بسكين. وبذلك تكون المحكمة عند رفضها الدفاع الشرعى لم تؤيد هذا الرفض بدليل. ولقد صورت المحكمة الواقعة فى بدايتها فى صورة مشاجرة بين الطاعن والمتهم الأول مما مفاده أن الطاعن لم يكن منتويا قتل المتهم الأول ثم قالت بعد ذلك إن نية القتل متوافرة لدى الطاعن مما يؤكد أن تلك النية لم تنشأ إلا بعد تطور المشاجرة ولكنها لم تفسر كيف نشأت هذه النية فجأة لديه، وما ساقته المحكمة فى ذلك لا يؤيد قيامها - وأخطأ الحكم فى تطبيق القانون حين اعتبر المتهم الأول فى حالة دفاع شرعى اعتمادا على أن الطاعن هو الذى بدأ بالعدوان مع أنها لم تتبين الظروف التى تفيد توافر شروط الدفاع الشرعى فى حق المتهم الأول الذى برأته ولم تبحث حدود هذا الحق ومدى احترام المتهم الأول لها لأنها أخطأت فهم القانون واعتقدت أن المادة 249 من قانون العقوبات تمنح رخصة فى القتل العمد لا يحدها حد، وإصابة الطاعن فى ظهره بعيار ينتفى معها القول بأن المتهم الأول كان يدفع عن نفسه عدوان لأن موضعها يدل على أن الطاعن كان يجرى وقت الإصابة مما يدل على انها كانت من قبيل الانتقام.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى واستخلص من عناصرها بحصولها على الصورة التى انتهى إليها وهى أن الطاعن هو الذى سعى للشر وبدأ بالعدوان وأنه ذهب إلى المتهم الأول فى حقله وتماسك معه ثم بدأه بالطعن بآلة حادة (مطواة) وأوقعه على الأرض واستمر فى الاعتداء عليه اعتداء عليه شديدا بقصد القضاء على حياته وقتله فأحدث به الإصابات المبينة بالتقارير الطبية وبعضها نافذ للرئة وكان المتهم الأول أثناء ذلك يحاول الإمساك بالمطواة بيده اليسرى. وللدفاع عن نفسه أمسك بيده الأخرى فردا كان يحمله وأطلقه على الطاعن الخ. ثم تعرض الحكم إلى دفاع الطاعن - وحاصله أن المتهم الاول هو الذى بدأ باطلاق النار عليه وأنه إذ اعتدى عليه بالمطواة كان فى حالة دفاع شرعى عن نفسه ورد عليه بما يفنده من الأسباب ومنها أن الطاعن " هو الذى سعى للشر وبدأ بالعدوان وأنه ثبت للمحكمة من شهادة الشهود كذب هذا الدفاع كما أن المحكمة ترى من الصعب تصوير شخص يعتدى عليه بطلقين ناريين ويكون له من الشجاعة وهو فى مثل موقف المتهم أن يهجم على ضاربه ويكيل له ضربات بالسكين مثل التى شوهدت بالمتهم الأول". لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل واستدل على قيامها لدى الطاعن بأدلة مقبولة فى قوله "إن هذه النية متوفرة من تعدد الضربات والآلة المستعملة وشدة الضربات ونفاذها ومكانها كما هو واضح من التقارير الطبية" وكان لا مصلحة للطاعن فى النعى على الحكم اعتباره المتهم الأول فى حالة دفاع شرعى ، فإن ما يثيره الطاعن فى طعنه لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا فى كيفية وقوع الحادث وما استخلصته المحكمة من الأدلة على وقوع الاعتداء من الطاعن بالكيفية التى بينتها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.