أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 5 - صـ 792

جلسة 21 من يونيه سنة 1954

برياسة السيد الأستاذ أحمد محمد حسن رئيس المحكمة، وحضور السادة : ابراهيم خليل، مصطفى حسن، وحسن داود، وأنيس غالى المستشارين.

(257)
القضية رقم 754 سنة 24 القضائية

(ا) تلبس. إلقاء المتهم بالمخدر على مشهد من ضابط البوليس. هذا تخل منه بارادته عما يحوزه من مخدر. إدانته بناء على الدليل المستمد من ضبط المخدر صحيحة.
(ب) شهود نفى. تبرير اطراح شهادتهم. غير لازم.
1 - إذا كان الثابت مما هو وارد فى الحكم المطعون فيه أن ضبط المخدر الذى دان الحكم الطاعنة باحرازه لم يكن وليد تفتيش وقع عليها وإنما كان ذلك نتيجة لتخليها عنه طواعية واختيار بإلقائها إياه على مشهد من الضابط الذى كان يقوم وقتئذ بتنفيذ الأمر الصادر من النيابة بتفتيش منزل زوجها, فلا يحق لها من بعد والجريمة متلبس بها أن تطعن فى صحة الضبط أو صفة من أجراه.
2 - لمحكمة الموضوع - فى حدود سلطتها التقديرية - أن تطرح أقوال شهود النفى دون أن تكون ملزمة بالرد عليها صراحة اكتفاء بما تورده من أدلة الثبوت في حكمها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنه أحرزت المواد المخدرة المبينة بالمحضر بصفة الاتجار بدون مسوغ قانونى وطلبت عقابها بالمواد 1 و2 و 35/ 6ب و40 و 41 و45 من القانون رقم 21 لسنة 1928 وفى أثناء نظر الدعوى أمام محكمة زفتى الجزئية دفع الحاضر مع المتهمة ببطلان أمر التفتيش وما ترتب عليه من إجراءات. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمادة 304 من قانون الإجراءات ببراءة المتهم مما أسند إليها والمصادرة. استأنفت النيابة هذا الحكم وفى أثناء نظر الدعوى أمام محكمة طنطا الابتدائية دفع الحاضر مع المتهمة بما سبق أن دفع به أمام محكمة أول درجة، والمحكمة المذكورة بعد أن أتمت سماعها قضت حضوريا وباجماع الآراء بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المستأنف وبرفض الدفوع المقدمة من المتهمة وبحبس المتهمة سنة واحدة مع الشغل وتغريمها مائتى جنيه والمصادرة بلا مصاريف جنائية.
فطعن الاستاذ محمد عبد المنعم ناصف المحامى الوكيل عن الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

.. وحيث إن الطاعنة تبنى الوجه الأول من أوجه طعنها على بطلان الحكم المطعون فيه لعدم تحريره والتوقيع عليه فى الثمانية الأيام التالية لصدوره بدون مسوغ يبرر تأخير التوقيع الأمر المخالف للمادة (312) من قانون الإجراءات الجنائية.
وحيث إن الشارع إذ نص فى المادة 312 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه يجب التوقيع على الحكم فى خلال ثمانية أيام من تاريخ صدوره بقدر الإمكان فانه قد نص كذلك فى الفقرة الأخيرة من هذه المادة على أنه لا يجوز تأخير توقيع الحكم عن الثمانية الأيام إلا لأسباب قوية - لما كان ذلك، وكان القانون لم يرتب البطلان على تجاوز ميعاد الثمانية الأيام، فان هذا الوجه لا يكون له أساس.
وحيث إن باقى أوجه الطعن عدا الأخير تتحصل فى أن المحكمة إذ رفضت الدفع ببطلان التفتيش قائلة بجدية تحريات ضباط المباحث قد أخطأت لأن التحريات هى المطلوب إقامة الدليل على جديتها بغض النظر عن النتيجة ما دام التفتيش قد وقع باطلا. وقد استبعد الحكم سريان حكم المادة (91) من قانون الإجراءات الجنائية التى تشترط إجراء تحقيق مفتوح قبل إصدار الأمر بالتفتيش معتمدا فى ذلك على نصوص قانون المرافعات وعلى أن أمر التفتيش صدر فى ظل قانون تحقيق الجنايات مع أنه لا يرجع إلى قانون المرافعات إلا فى أحوال خاصة ولأن قوانين الإجراءات تسرى على الماضى إذا كانت أصلح للمتهم - كذلك رفضت المحكمة الدفع ببطلان أمر التفتيش لعدم ختمه بالخاتم الرسمى، مع أن المادة 95 من قانون تحقيق الجنايات وكذلك المادة 127 من قانون الإجراءات الجنائية نصتا على وجوب ختم الأمر بالخاتم الرسمى. كذلك رفض الحكم الدفع ببطلان أمر النيابة لعدم تحريره بواسطة كاتب مع أنه إذا كان لوكيل النيابة أن يتخذ أى إجراء بنفسه فلا يعدو أن يكون مجرد جمع استدلالات ويجب إعادة إثباته فى المحضر الذى يحرره الكاتب بعد ذلك ورفضت المحكمة أيضا الدفع بأن ضابط المباحث الذى باشر التفتيش لم يكن من مأمورى الضبط القضائى من تاريخ حصول الواقعة (13 من أغسطس سنة 1951) معتمدة على تأويل للمادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية تأويلا لا تحتمله ودون أن تبين سندها فيما ذهب إليه إذ قالت إن مفتشى المباحث الذين أضيفوا إلى المادة 23 من القانون المذكور إنما هم المفتشون التابعون لإدراة المباحث الجنائية بوزارة الداخلية أما ضباط المباحث الذى أجرى التفتيش فلا يخرج عن كونه أحد ضباط المركز الخاضعين لرؤسائهم مع أنه لا يغير من هذا الوضع أن رجال المباحث ضبط لأن القانون لا يعط صفة الضبط القضائى إلا لوظيفة الشخص وليس لرتبته، فضلا عن أن ضباط المباحث ليسوا من معاونى البوليس أو الملاحظين المنصوص عليهم فى المادة 4 من قانون تحقيق الجنايات. هذا وتضيف الطاعنة أنها لم تكن فى حالة من حالات التلبس حتى ولو سلم جدلا أنها ألقت المخدر أمام الضابط أثناء محادثته لها، لأن التلبس فى هذه الحالة يكون الضابط هو الذى خلفه بفعله بدخول المنزل، وهو لا يملك تفتيشه. هذا فضلا عما أثاره الضابط فى قلب الطاعنة من رعب، والقضاء مستقرا على أن مثل هذه الحالة لا تتوافر فيها صفة التلبس.
وحيث إنه وإن كان الحكم المطعون فيه قد تعرض لهذه الدفوع وقضى برفضها إلا أنه لا جدوى للطاعنة مما تثيره منها فى طعنها ما دام أن الثابت مما هو وارد فى الحكم المطعون فيه أن ضبط المخدر الذى دانها الحكم بإحرازه لم يكن وليد تفتيش وقع عليها وإنما كان ذلك نتيجة لتخليها عن طواعية واختيار بإلقائها إياه على مشهد من الضابط الذى كان يقوم وقتئذ بتنفيذ الأمر الصادر من النيابة بتفتيش منزل زوج الطاعنة، فلا يحق لها من بعد، والجريمة متلبس بها، أن تطعن فى صحة الضبط أو فى صفة من أجراه, بما يثيره مما سلف بيانه - لما كان ذلك، فان هذه الأوجه من الطعن لا تقوم على أساس.
وحيث إن مبنى الوجه الأخير من الطعن هو أن الحكم جاء قاصرا لأن ما ذكره بشأن عدم الاطمئنان لأقوال شهود النفى لا يمكن أن يؤدى إلى ما قاله، إذ كون الشهود يجاورون منزل الطاعنة ومن أهل بلدتها ليس دليلا على كذب الشهادة بل على العكس يدل على صدقها لأنه لا يستطيع أجنبى أن يشهد برؤية الضابط وهو يدخل المنزل أو رؤية مكان جلوس الطاعنة، أما قول المحكمة أن الطاعنة استشهدت بهم بعد وقت طويل فمردود بأنها استشهدت بفهيم عبد الهادى فى محضر استجواب النيابة، وهو الذى قرر أنه كان موجودا أمام المنزل وأن الضابط لم يجد شيئا مع الطاعنة وسمعت أقواله فى محضر حرره معاون الإدارة وأصر على أقواله أمام المحكمة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى وساق على ثبوتها أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها - لما كان ذلك وكان لمحكمة الموضوع - فى حدود سلطتها التقديرية - أن تطرح أقوال شهود النفى دون أن تكون ملزمة بالرد عليها صراحة اكتفاء بما تورده من أدلة الثبوت فى حكمها، فإنها وقد تعرضت لشهادة شهود النفى وقالت:" أنها تلتفت عن أقوالهم لعدم اطمئنانها إليهم" لا يجوز مناقشته حكمها فى عدم تعويله عليها ولذا فإن ما تثيره الطاعنة فى هذا الوجه لا يكون له محل إذ هو فى حقيقته جدل فى واقعة الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.