أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 5 - صـ 811

جلسة 22 من يونيه سنة 1954

برياسة السيد الأستاذ أحمد حسن رئيس المحكمة، وحضور السادة : ابراهيم خليل، واسماعيل مجدى وحسن داود، ومصطفى كامل المستشارين.

(262)
القضية رقم 556 سنة 24 القضائية

(ا) قتل عمد. نية القتل. استظهارها فى الحكم. مثال.
(ب) إثبات. شاهد نفى. سلطة المحكمة فى تقدير شهادته.
1 - إذا كان الحكم قد تحدث عن نية القتل واستظهرها فى قوله " وحيث إنه عن نية القتل فالثابت مما تقدم أن المتهم لا تخير المتهم لارتكاب الجريمة وقتا كان المجنى عليه فيه نائما وجثم فوقه حتى حتى يشل حركته إذا ما استيقظ وطعنه ثلاث طعنات بآلة قاتلة هى سكين وفى إحدى هذه الطعنات أغمد المتهم سكينه فى جدار الصدر الأيسر للمجنى عليه فوق حلمة الثدى الأيسر تماما فنفذت الطعنة إلى تجويف الصدر الأيسر وأصابت مقتلا من المجنى عليه وذلك يدل على أن المتهم قصد إزهاق روح المجنى عليه فتوافر فى حقه القصد الجنائى الخاص" - فإن ما قاله الحكم من ذلك سائغ، أما مجرد عدم قول المجنى عليه إن نية الطاعن كان منصرفة إلى القتل أو قوله إنه لا يعرف قصد الجانى فإنه ليس من شأنه أن يفيد حرية المحكمة فى استخلاص ذلك القصد من كافة ظروف الدعوى.
2 - إذا كانت المحكمة قد تعرضت لشهادة شاهدة النفى وأيدت عدم اطمئنانها إليها فلا تجوز مناقشة حكمها فى عدم تعويله عليها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه شرع فى قتل البدرى التهامى السيد عثمان عمدا مع سبق الإصرار على ذلك بأن عقد النية على قتله وأعد لذلك سلاحا قاتلا "سكينا" وتوجه لمنزله وطعنه حال نومه عدة مرات فى صدره وعضده الأيسر قاصدا قتله فأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبى الشرعى، وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو إسعاف المجنى عليه بالعلاج. وطلبت عقابه من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 40/ 2 - 3 و 41 و45 و46 و231 عقوبات. فقررت بذلك. ومحكمة جنايات سوهاج قضت حضوريا عملا بالمواد 45 و46 و230 و231 مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات.
فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

.. وحيث إن مبنى الطعن هو أن المحكمة إذ دانت قد أخطأت فى تطبيق القانون، وذلك أنه ضرب المجنى عليه فأحدث به إصابات استدعى علاجها واحدا وعشرين يوما فالواقعة إذن جنحة ضرب ولاسيما أن المجنى عليه لم يذكر سواء فى التحقيق أو فى محضر الجلسة أن نية الطاعن كانت منصرفة إلى القتل بل قال أنه لم ير الآلة التى استعملها الطاعن فى ضربه إن كانت سكينا أو مطواة ولم يكن النزاع بينهما هاما إلى درجة تدعو إلى القتل. هذا إلى أن المحكمة لم تحقق دفاع الطاعن وهو وجود ضغائن بين عائلة المجنى عليه وبين عائلة أخرى تسكن بلدة الشويش ومن السهل انتقال أحد أفراد هذه العائلة لينتقم منه فى حين يعتر ذلك مستحيلا ماديا وعقلا من الطاعن أذ يفصل نهر النيل بين مكان المتهم والمجنى عليه ولحصول حادث سطو على أحدى المراكب مما جعل الإدارة تمنع الانتقال بين المكانين ليلا كذلك فإن الوقائع الثابتة لا تؤدى عقلا إلى ما استخلصته المحكمة منها إذ يستحيل عقلا أن يتمكن نائم مستغرق فى النوم من رؤية الضارب له وقت الفجر. هذا فضلا عن أن شهادة شاهدى النفى كانت صريحة وقاطعة فى استحالة حصول الحادث من الطاعن.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به الأركان القانونية لجريمة الشروع فى القتل العمد مع سبق الإصرار التى دان الطاعن بها وأورد على ذلك أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها وتعرض لأوجه الدفاع التى أثارها الطاعن ورد عليه بما يفندها ثم تحدث عن نية القتل واستظهرها فى قوله: "وحيث إنه عن نية القتل فالثابت مما تقدم أن المتهم تخير لارتكاب الجريمة وقتا كان المتهم فيه نائما وجثم فوقه حتى يشل حركته إذا ما استيقظ وطعنه ثلاث طعنات بآلة قاتلة هى سكين وفى إحدى هذه الطعنات أغمد المتهم سكينه فى جدار الصدر الأيسر للمجنى عليه فوق حلمة الثدى الأيسر تماما فنفذت الطعنة إلى تجويف الصدر الأيسر وأصابت مقتلا من المجنى عليه وذلك يدل على أن المتهم قصد إزهاق روح المجنى عليه فتوافر فى حقه القصد الجنائى الخاص". لما كان ما قاله الحكم من ذلك سائغا وكان مجرد عدم قول المجنى عليه إن نية الطاعن كانت منصرفة إلى القتل أو قوله إنه لا يعرف قصد الجانى ليس من شأنه أن يقيد حرية المحكمة فى استخلاص ذلك القصد من كافة ظروف الدعوى وكانت المحكمة إذ تعرضت فى حكمها لشهادة شاهدى النفى وأبدت عدم اطمئنانها إليها فلا يجوز مناقشته حكمها فى عدم تعويله عليها - وكان لا يبين من الاطلاع على محضر الجلسة أن الطاعن أو محاميه طلبا إلى المحكمة تحقيق الدفاع المشار إليه فى وجه الطعن. لما كان كل ذلك، فإن ما ينعاه الطاعن مما تقدم لا يكون سوى جدل فى واقعة الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما يستقل به قاضى الموضوع ولا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.