أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة الأولى - من 27 أكتوبر سنة 1949 لغاية 22 يونيو سنة 1950 - صـ 82

جلسة 8 من ديسمبر سنة 1949

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وحضور حضرات أصحاب العزة: عبد العزيز محمد بك ومحمد علي رشدي بك وعبد المعطي خيال بك ومحمد نجيب أحمد بك المستشارين .

(23)
القضية رقم 35 سنة 18 القضائية

ا - رسوم الدعوى . تقديرها . رئيس الدائرة التي فصلت في الدعوى هو المختص بالتقدير مهما كانت قيمة الرسم . المعارضة في هذا التقدير ترفع إلى الدائرة . الحكم الصادر في المعارضة .متى يجوز استئنافه ؟
ب - رسوم . المنازعة في كون الرسم نسبياً أو ثابتاً . لا تعتبر منازعة في أساس الالتزام بالرسم .
1 - القاضي أو رئيس المحكمة التي أصدرت الحكم، هو المختص بتقدير رسم الدعوى التي فصلت فيها المحكمة ولو كانت دعوى قسمة يربى الرسم المستحق فيها على نصاب المحكمة . ويقصد برئيس المحكمة هنا رئيس الدائرة التي أصدرت الحكم . والمعارضة في هذا التقدير ترفع إلى الدائرة التي أصدر رئيسها الأمر، مدنية كانت أو تجارية، ابتدائية أو بوصفها محكمة ثاني درجة .
ولئن كان الحكم الصادر في المعارضة جائزاً استئنافه بمقتضى المادة 19 من القانون رقم 90 لسنة 1944 الخاص بالرسوم، إلا أن نص هذه المادة لا يجيز الاستئناف إذا كان الحكم صادراً من دائرة قضت بوصفها محكمة الدرجة الثانية في المعارضة في أمر تقدير الرسم في دعوى سبق أن فصلت هي فيها بوصفها ذاك لا في نزاع حول أساس الالتزام بالرسم ومداه أو الوفاء به مما أشارت المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 90 لسنة 1944 بأن الفصل فيه يكون بسلوك إجراءات المرافعات العادية لا بالمعارضة في الأمر .
2 - النزاع الدائر حول كون الرسم الذي يصح لقلم الكتاب اقتضاؤه هو رسم ثابت نسبي لا يعتبر نزاعاً حول أساس الالتزام بالرسم ومداه أو الوفاء به .


الوقائع

في يوم 26 من فبراير سنة 1948 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف مصر الصادر يوم 31 من ديسمبر سنة 1947 في الاستئناف رقم 864 س ق 64، وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع نقض الحكم المطعون فيه والحكم برفض الدفع بعدم جواز الاستئناف وبقبوله وإحالة الدعوى على محكمة استئناف مصر وإلزام المطعون عليهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة الخ الخ .


المحكمة

ومن حيث إن سببي الطعن يتحصلان في أن الحكم المطعون فيه، إذ قضى بعدم جواز الاستئناف المرفوع من الطاعن عن الحكم الصادر من محكمة المنصورة الكلية في 25 من مايو سنة 1947 تأسيساً على أن هذا الحكم قد صدر من المحكمة المذكورة انتهائياً لأنه صدر منها بوصفها محكمة ثاني درجة - إذ تقضي بذلك فقد أخطأ وخالف الواقع: ( أولاً ) لأن الطاعن - خلافاً لما قرره الحكم - إنما رفع دعواه لمحكمة المنصورة الكلية بوصفها محكمة ابتدائية أي محكمة أول درجة، كما تدل على ذلك صحيفة دعواه، وقد قضت فيها هي على هذا الاعتبار ( ثانياً )، أن الحكم المطعون فيه لم يفرق بين حالة النزاع في تقدير الرسوم وحالة النزاع في استحقاقها، وهي تفرقة واجبة إذ إعمال المادة 18 من القانون رقم 90 سنة 1944 الخاص بالرسوم قاصر على حالة التقدير فقط، أما النزاع في استحقاق الرسوم فهو خصومة قضائية وإن كانت تعرض في شكل معارضة، إلا أنها تعرض على المحكمة في حدود الاختصاص القضائي المقرر في قانون المرافعات فترفع إلى المحكمة الكلية أو الجزئية حسب القيمة المتنازع عليها، وإن النزاع في خصوصية الدعوى يقوم على الاستحقاق إذ هو يدور حول البحث فيما إذا كان الرسم المستحق هو رسم ثابت أو نسبي، ولما كانت قيمة الرسوم تربو على 700 جنيه كان النزاع على استحقاقها من اختصاص محكمة المنصورة الابتدائية، والحكم الذي يصدر منها يكون جائزاً استئنافه - بل يكون الحكم كذلك حتى لو فرض أنه صدر في مسألة تقدير لأن الدعوى المتنازع على قيمة الرسم فيها هي دعوى قسمة أعيان مشتركة .
والمحكمة المختصة بنظر دعوى القسمة لا تملك الفصل نهائياً في النزاع على استحقاق رسم تزيد قيمته على اختصاصها النهائي .
ومن حيث إن هذين السببين مردودان بأن القاضي أو رئيس المحكمة التي أصدرت الحكم هو المختص بتقدير رسم الدعوى التي فصلت فيها المحكمة، حتى لو كانت الدعوى دعوى قسمة يربو الرسم المستحق فيها على نصاب المحكمة، ويقصد برئيس المحكمة رئيس الدائرة التي أصدرت الحكم . ذلك لأن تقدير الرسوم متفرع عن الأصل المقضي فيه وترفع المعارضة في هذا التقدير إلى الدائرة التي أصدر رئيسها الأمر، مدنية كانت أم تجارية، ابتدائية أو بوصفها محكمة ثاني درجة . وقد كان الحكم الذي يصدر غير قابل للطعن بطريق الاستئناف حتى لو كان صادراً من القاضي الجزئي أو من دائرة قضت في النزاع الأصلي بوصفها محكمة أول درجة وكان مقدار الرسم يدخل في النصاب الجائز استئنافه وذلك إعمالاً لنص المادة 48 من لائحة الرسوم الصادرة في سنة 1897، ولكن هذا النص عدل بمقتضى المادة 19 من القانون رقم 90 سنة 1944 وصار الاستئناف في هذه الصورة جائزاً، ولكن نص المادة المذكورة لا ينطوي على إطلاق لا تسوغه النصوص العامة وذلك لجواز الاستئناف في صورة صدور الحكم في المعارضة من دائرة قضت في النزاع الأصلي بوصفها محكمة ثاني درجة، والواقع في الدعوى أن الطاعن استأنف حكماً صادراً في دعوى قسمة من محكمة شربين الجزئية، وقد طرح هذا الاستئناف على محكمة المنصورة الابتدائية برقه 519 سنة 1946 فقضت فيه برفضه وتأييد الحكم المستأنف مع إلزام المستأنف ( الطاعن ) بالمصروفات فقدم المستأنف عليه ( المطعون عليه الأول ) عريضة إلى رئيس محكمة المنصورة الابتدائية وصفه فيها "برئيس الدائرة المدنية الأولى المستأنفة" يطلب فيها تقدير المصروفات المحكوم بها على الطاعن، فأصدر رئيس المحكمة أمره بتقديرها بمبلغ 698 جنيهاً و670 مليماً، ولما أعلن هذا الأمر للطاعن عارض فيه لما تذرع به في صحيفة المعارضة من أن هذا التقدير "خاطئ لا يتفق مع حقيقة التقدير الواجب"، وأن الرسوم الواجب هو رسم ثابت لا رسم نسبي، وكلف الطاعن خصومه بالحضور أمام محكمة المنصورة الابتدائية الوطنية "أمام الدائرة الأولى المدنية" لسماعهم الحكم بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع بتعديل أمر التقدير وجعله قاصراً على مبلغ خمسة جنيهات . وقد قضت المحكمة في 25 من مايو سنة 1947 بقبول المعارضة شكلاً، ورفضها موضوعاً وكل هذا يقطع: ( أولاً ) بأن محكمة المنصورة حينما قضت بوصفها محكمة ثاني درجة تفصل في معارضة في أمر تقدير رسم مستحق على دعوى سبق أن فصلت هي فيها بهذا الوصف . ولا محل للتحدي بخلو الحكم من وصف الهيئة التي أصدرته إذ كل ما سبق بيانه يقطع في أنها هيئة استئنافية . (وثانياً ) بأن النزاع الذي أثاره الطاعن في معارضته أمام محكمة المنصورة إنما كان منحصراً في تقدير الرسوم مما تختص بالفصل فيه المحكمة التي أصدر رئيسها أمر التقدير دون غيرها إذ كان يدور حول كون الرسم الذي يصح لقلم الكتاب اقتضاؤه هو رسم ثابت أو نسبي، فلم يكن نزاعاً حول "أساس الالتزام بالرسم ومداه أو الوفاء به" مما أشارت المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 90 سنة 1944 بأن سبيل الفصل فيه هو إجراءات المرافعات العادية لا المعارضة في الأمر .
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه .