أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 5 - صـ 817

جلسة 22 من يونيه سنة 1954

برياسة السيد الأستاذ أحمد حسن رئيس المحكمة، وحضور السادة: ابراهيم خليل، واسماعيل مجدى أنيس غالى، ومصطفى كامل المستشارين.

(264)
القضية رقم 565 سنة 24 القضائية

(أ) دفاع. طلب ضم ملف قضية الدعوى. عدم تمسك المدافع عن المتهم بهذا الطلب فى الجلسات اللاحقة وعدم إثارته فى المرافعة. النعى على الحكم عدم إجابة هذا الطلب. فى غير محله.
(ب) جريمة. الباعث عليها. ليس ركنا من أركانها. عدم تحدث المحكمة عنه. لا خطأ.
(ج) شهادة. الشاهد الذى يؤدى اليمين عند مباشرة الوظيفة. لا لزوم لتحليفه فى كل قضية يحضر للشهادة فيها.
1 - متى كان المدافع عن المتهم قد طلب فى إحدى الجلسات ضم ملف قضية لتطلع المحكمة عليه قبل الفصل فى الدعوى ثم تدوالت الدعوى بعد ذلك عدة جلسات وترافع المحامى فى آخر جلسة دون أن يعاود طلب الضم أو يتمسك به فى مرافعته مما يفيد تنازله عنه - فليس للمتهم أن ينعى على المحكمة عدم المحكمة عدم إجابة هذا الطلب.
2 - الباعث على ارتكاب الجريمة ليس عنصرا من عناصرها والمحكمة ليست مكلفة باستظهاره.
3 - من أدى يمينا عند مباشرته لوظيفته يغنى عن تحليفه فى كل قضية يحضر فيها أمام المحاكم. وإذن فإنه لا يعيب الحكم أن يكون الطبيب الشرعى قد أدلى بشهادته أمام المحكمة دون حلف اليمين.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه ضرب عمدا أحمد على العواد فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبى والتى تخلفت لديه من جرائها عاهة مستديمة هى فقد عظمى بالمنطقة الجدارية بالجبهة اليمنى دائري الشكل قطره 2.5 سم عرض حياته للخطر وتجعله عرضه للتأثر بالتغييرات الجوية والإصابات البسيطة التى تقع على هذا الجزء الغير محمى بالعظام وللمضاعفات الدماغية كالصرع والجنون وخراجات المخ مما يقلل من كفاءته على العمل بنحو 12% إلى 15% وطلبت إلى قاضى الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته طبقا للمادة 240/ 1 من قانون العقوبات فقرر به لك وادعى أحمد على العواد بحق مدنى قدره 400 جنيه على سبيل التعويض قبل المتهم ومحكمة جنايات اسكندرية قضت حضوريا عملا بمادة الاتهام بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنين وإلزامه بأن يدفع لأحمد على العواد مبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض والمصروفات المدنية المناسبة و500 قرش مقابل أتعاب المحاماة. فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض.. الخ.


المحكمة

.. ومن حيث إن الطاعن يرمى الحكم المطعون فيه بالقصور والتناقض والخطأ فى فهم الواقع وإغفال الرد على دفاع الطاعن والخطأ فى تطبيق القانون ويقول فى الوجه الأول من الطعن إن الدافع على الجريمة معدوم فى واقعة الدعوى بل إن المجنى عليه كان يحاول منع التعدى على شقيق الطاعن ووالده محمد حسنى أحمد خليل ردا على اعتداء الطاعن على محمد أحمد خليل وقد شهد بهذه الحقيقة المجنى عليه وأخوه محمد أحمد عواد وشيخ الخفراء ولكن الحكم أغفلها ولم يشر إليها كما أغفل الحقائق الآتية مع أهميتها فى الدعوى، 1 - أن المجنى عليه اتهم والد الطاعن بالاعتداء عليه ونفى التهمة عن الطاعن فى التحقيقات وعدوله عن اتهام والد الطاعن فى الجلسة كان مدفوعا إليه بالمصلحة الخاصة باعتباره مدعيا بحق مدنى وبتحريض من أعداء الطاعن ووالده من شهود الإثبات. و2 - أن شيخ الخفراء محمود عمار وقد كان موجودا فى مكان الحادث وكان يسير بجوار المجنى عليه يقتادان حسنى أحمد خليل للنقطة قرر أنه لم يشاهد الاعتداء على المجنى عليه وأن الطاعن لم يكن موجودا فى مكان الحادث وأن الذى كان موجودا أخوه عبد الرؤوف، 3 - اتهم الطاعن مصرف محمد أحمد خليل وهو ما حفز حسنى أحمد خليل للتسلح بعصا والذهاب لدكان الطاعن ورد الاعتداء وقد قدم الطاعن للمحاكمة عن هذا الاعتداء وطلب محاميه ضم الجنحة الخاصة به 785 سنة 1949 رشيد فرفضت المحكمة طلب الضم، 4 - تبين من أقوال حسنى أحمد خليل أنه حينما ذهب إلى دكان أنيس خليل لم يجد عنده إلا عبد الرؤوف أنيس خليل وكان يحمل عصا والدكان مغلقا وأنه انهال بهذه العصا ضربا على يد المجنى عليه ثم حضر والد وضرب المجنى عليه على جسمه ورأسه مما يدل عن أن الطاعن لم يشترك فى ضرب المجنى عليه، 5 - أن التبليغ عن الحادث تأخر ساعتين مع أن المسافة بين مكان وقوع الجريمة والنقطة لا يتجاوز مائتى متر ولم يقم به حسنى أحمد خليل الذى يقول أنه شاهد الاعتداء قبل ذهابه للنقطة بل قام به شقيق المجنى عليه محمد على عواد، 6 - جرح الطاعن أقوال الشاهدين جوهر تاج الدين خليل تكتك بالخصومات القائمة بينهما وبين والد الطاعن وقدم أدلة رسمية تثبت بعضها واستدل على البعض الآخر بما ورد فى أقوال أحمد خليل ولم ترد المحكمة على كل ذلك، ويقول فى الوجه الثانى من طعنه إن الحكم حصل وقائع الدعوى على أن المجنى عليه أصيب بضربة واحدة على رأسه من الخلف وتمسك الدفاع عن الطاعن بأن المجنى عليه أصيب بضربات متعددة على الرأس ضاربين لم يكونوا خلف المجنى عليه ولكن كانوا فى مواضع أخرى أقرب ما تكون فى المواجهة ودلل الدفاع على ذلك بأقوال المجنى عليه وبأقوال حسنى أحمد خليل وبتقرير الطبيب الشرعى بشرى عبد الحميد والدكتور عرفان الأنصارى ولو أنه لم يعن إلا بالإصابة التى أحدثت العاهة المستديمة، وأرادت النيابة الاستفسار من الدكتور بشرى عبد الحميد عما إذا كانت إصابات الرأس نشأت عن ضربة واحدة أو ضربات متعددة فتولى الرد الدكتور محمد كامل خليفة معولا على ما ورد فى تقرير الدكتور عرفان الأنصارى متجاهلا تقرير الدكتور بشرى عبد الحميد ونقل فى تقريره جميع ما ذكره الدكتور عرفان الإنصارى وانتهى إلى القول بأن معالم الإصابة تغيرت وأنه لا يمكنه الحكم من آثار الإصابة عما إذا كانت العاهة نتيجة إصابة واحدة أو أكثر من حيث موقف الضارب من المضروب جاء تقريرا الدكتورين الأنصارى وبشرى عبد الحميد صريحين فى أن اتجاه الإصابة من الأمام للخلف فلما استدعت المحكمة الدكتور محمد كامل خليفه لمناقشته قرر أن الضارب كان خلف المجنى عليه ولو كان أمامه لوقعت الإصابة فى الناحية اليسرى من الرأس وهذا يخالف المعقول إذ لا يوجد ما يمنع أن تقع الضربة على يمين الرأس إذا كان الضارب أمام المضروب يضاف إلى ذلك الحقيقة المادية المستظهرة من طبيعة رأس المجنى عليه وشكلها الهرمى وأن العصا جسم مستقيم لا يمكن أن ينحنى عند الضرب بحيث لا يمكن أن تصيب العصا المحنى عليه فى جبهته من شخص يقف خلفه وكل هذه الحقائق تكذب أقوال شاهدى الإثبات وتؤيد وجهة نظر الدفاع وعدم أخذ المحكمة بهذ الدفاع وتعويلها على أقوال الطبيب الشرعى الذى لم يحلف اليمين كشاهد مع تناقضها مع المعقول تناقضا يعيب حكمها ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن محامى الطاعن طلب بجلسة 20 أبريل سنة 1950 ضم الجنحة 785 سنة 1949 رشيد فلم تجبه المحكمة لهذا الطلب ثم تداولت الدعوى بعد ذلك عدة جلسات حتى نظرت فى جلسة 12 ديسمبر سنة 1953 وترافع فيها المحامى الطاعن دون أن يعاود طلب الضم أو يتمسك به فى مرافعته ولما كان سكوت محامى الطاعن عن إعادة طلب ضم الجنحة المذكورة ومرافعته فى الدعوى دون أن يشير إلى هذا الطلب يفيد تنازله عنه ولما كان الباعث على ارتكاب الجريمة ليس عنصرا من عناصرها وليست المحكمة مكلفة باستظهاره ولما كان للمحكمة أن تعول على رواية شاهد بعينها دون غيرها من الروايات وكانت قد استظهرت فى حكمها وقوع جريمة العاهة المستديمة من الطاعن ودللت عليها بأدلة سائغة مقبولة حصلتها من أوراق الدعوى ومن أقوال الشهود فيها فإن ما يثيره الطاعن من نقاش حول أقوال هؤلاء الشهود وما يدعيه من خصومات بينهم وبين الطاعن ووالده هو فى الواقع مجادلة منه فى تقدير أدلة الدعوى مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالوجه الثانى من الطعن فإنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه استظهر من التقارير الطبية ومن مناقشة الطبيب الشرعى فى الجلسة استظهارا سائغا أن العاهة التى تخلفت بالمجنى عليه نشأت عن ضربة واحدة اصابته من شخص كان يقف خلفه كما قال شهود الاثبات فى الدعوى واطمأن لما انتهى إليه واطرح بذلك كل ما كان قد أثاره محامى الطاعن من جدل حول هذا الموضوع، وكان لا يقدح فى سلامة النتيجة التى انتهى إليها الحكم ألا يكون الطبيب الشرعى قد حلف اليمين أمام المحكمة ما دام قد أدى يمينا عند مباشرته لوظيفته يغنى عن تحليفه فى كل قضيه يحضر فيها أمام المحاكم. لما كان ذلك فإنه هذا الوجه من الطعن يكون أيضا على غير أساس ويتعين رفضه. ومن حيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.