أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 5 - صـ 821

جلسة 22 من يونيه سنة 1954

برياسة السيد الأستاذ أحمد حسن رئيس المحكمة، وحضور السادة: ابراهيم خليل، واسماعيل مجدى أنيس غالى، ومصطفى كامل المستشارين.

(265)
القضية رقم 567 سنة 24 القضائية

(ا) إثبات. شاهد. تجزئة أقواله جائزة شهود نفى تبرير اطراح شهادتهم. غير لازم.
(ب) سبق الاصرار. إثباته بأدلة مؤدية إليه. مثال.
1 - لمحكمة الموضوع فى سبيل تكوين عقيدتها أن تأخذ من أقوال الشاهد بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، وهى ليست ملزمة بالرد صراحة على ما شهد به شهود النفى ما دامت بينت رأيها ضمنا بأخذها بأدلة الثبوت التى بينتها فى الحكم.
2 - إذا كان الحكم حين تحدث عن ظرف سبق الاصرار قال "إن سبق الاصرار ثابت لدى المتهمين الأول والثانى من توجههما معا إلى منزل المجنى عليه مسلحين أولهما بسكين ثقيلة وثانيهما بعصا ومناداتهما عليه حتى إذا خرج لهما اعتديا عليه مباشرة دون أن يسبق الاعتداء حديث أو مشادة الأمر الذى يدل على أنهما ذهبا لمنزل المجنى عليه عاقدين العزم ومبيتين النية على الاعتداء عليه تدفعهم إلى هذا الضغينة السابقة والتى يرجع تاريخها إلى شهور سابقة وهى الخاصة بالاعتداء على قريبهم...... وإصابته بعاهة مستديمة واتهام المجنى عليه وآخرين من ذوى قرابته في ذلك الاعتداء" - فإن ما قالته المحكمة من ذلك يكون سائغا مؤديا إلى ما انتهت إليه من قيام ظرف سبق الاصرار.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم بناحية الشيخ مكرم مركز سوهاج مديرية جرجا المتهمان الأول والثانى: ضربا أحمد عبد الرحمن إسماعيل عمدا مع سبق الاصرار فأحدثا به الإصابات المبينة بالتقرير الطبى والتى تخلف لديه من جرائها عاهتا مستديمتان ويستحيل برؤهما هما: 1 - فقد بعظمة قبوة الرأس لا ينظر ملؤه بنسيج عظمة يعتبر وجوده مصدر خطر مستمر على حياة المصاب إذ قد يعرضه مستقبلا لمؤثرات ما كان ليحس بها وهو سليم كالصدمات البسيطة والتأثيرات الجوية هذا فضلا عما قد يطرأ عليه مستقبلا من المضاعفات الخطرة كالالتهابات السحائية والمخية والأمراض العصبية والصرع والجنون وهذه العاهة تقلل من كفاءة المصاب على العمل ونظرا لخطورة ما قد ينجم عن هذه العاهة من مضاعفات قد تؤدى بحياة المصاب لذلك فإنه ليس من المتيسر تحديد مدى هذه العاهة بنسبة مؤية، 2 - فقد عظم قبوة الرأس لا ينتظر امتلاؤه بنسيج عظمى واقى ويعتبر وجوده مصدر خطر مستمر على حياة المصاب إذ قد يعرضه مستقبلا لمؤثرات ما كان ليحس بها وهو سليم كالصدمات البسيطة والتأثيرات الجوية، هذا فضلا عما قد يطرأ عليه مستقبلا من مضاعفات خطيرة كالالتهابات السحائية والمخية والأمراض العصبية والصرع والجنون وهذه العاهة تقلل من كفاءة المصاب على العمل غير أنه نظرا لخطورة ما قد ينجم عنها من مضاعفات قد تودى بحياة المصاب لذل فإنه ليس من المتيسر تحديد مدى هذه العاهة بنسبة مؤية. المتهم الثالث: ضرب على إسماعيل على عمدا فأحدث به الإصابتين الموصوفتين بالتقرير الطبى والتى تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هى فقد عظمى بقبوة الرأس فى منطقة الجدارى الأيمن لا ينتطر امتلاؤه بنسيج عظمى واق ويعتبر وجوده مصدر خطر مستمر على حياة المصاب إذ قد يعرضه مستقبلا لمؤثرات ما كان ليحس بها وهو سليم كالصدمات البسيطة والتأثيرات الجوية هذا فضلا عما قد يطرأ عليه مستقبلا من مضاعفات خطرة كالالتهابات السحائية والمخية والأمراض العصبية والصرع والجنون وهذه العاهة تقلل من كفاءته على العمل غير أنه نظرا لخطورة ما قد ينجم عنها من مضاعفات قد تودى بحياته لذلك فإنه ليس من المتيسر تحديد مداها بنسبة مئوية. المتهم الرابع: ضرب أحمد على إسماعيل عمدا فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبى والتى تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هى فقد بعظم قبوة الرأس لا ينتظر ملؤه بنسيج عظمى واق ويعتبر وجوده مصدر خطر مستمر على حياة المصاب إذ قد يعرضه مستقبلا لمؤثرات ما كان ليحس بها وهو سليم كالصدمات البسيطة التأثيرات الجوية هذا فضلا عما قد يطرأ عليه مستقبلا من مضاعفات خطرة كالالتهابات السحائية والمخية والأمراض العصبية والصرع والجنون وهذه العاهة تقلل من كفاءة المصاب على العمل غير أنه نظرا لخطورة ما قد ينجم عنها من مضاعفات قد تودى بحياته فإنه ليس من المتيسر تحديد مداها بنسبة مؤية. وطلبت من قاضى الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمادة 240/ 1 - 2 من قانون العقوبات فقرر بذلك فى 24 من أبريل سنة 1951 وادعى كل من أحمد عبد الرحمن إسماعيل بحق مدنى قدره 100 جنيه قبل المتهمين الأول والثانى بالتضامن وعلى إسماعيل على بمبلغ 100 جنيه قبل المتهم الثالث وأحمد على إسماعيل بمبلغ 100 جنيه قبل المتهم الرابع. ومحكمة جنايات سوهاج قضت حضوريا عملا بمادة الاتهام أولا - بمعاقبة المتهم الأول محمد عبد الكريم عثمان بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنين وبمعاقبة المتهم الثانى الصاوى حماد نصر بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنين وبإلزام المتهمين المذكورين متضامنين بأن يدفعا للمدعى بالحق المدنى أحمد عبد الرحمن إسماعيل مبلغ مائة جنية والمصاريف المدنية. وثانيا: بمعاقبة المتهم الثالث محمد يوسف عبد الرحمن بالسجن لمدة 3 سنين وبإلزامه بأن يدفع للمدعى بالحق المدنى على إسماعيل مبلغ مائة جنيه والمصاريف المدنية. وثالثا: بمعاقبة المتهم الرابع محمد على عبد الرحمن بالسجن لمدة ثلاث سنين وبإلزامه بأن يدفع للمدعى بالحق المدنى مبلغ مائة جنية والمصاريف المدينة. فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض.. الخ.


المحكمة

.. وحيث إن حاصل الوجهين الأول والثالث هو أن المجنى عليهم قرروا فى جلسة المحاكمة أن الحادث وقع وقت الغروب خلافا لما قرروه فى التحقيقات من أنه وقع بعد الغروب، وما قرره العمدة من أنه وقع بعد العشاء وقد أخذت المحكمة بهذا القول الأخير وقالت إن المجنى عليهم وإن خالفوا الحقيقة فيما قرروه بالجلسة ليصوروا وقوع الحادث فى ضوء النهار إلا أن وقوع الحادث بعد العشاء لا يمنعهم من رؤية الجناة وهذا القول منها ينطوى على التناقض الذي يعيب الحكم. هذا إلى أن كلا من الطاعنين تقدم بدفاعه واستشهد على صحته بشهود نفى أيدوه غير أن المحكمة لم تعرض لهذا الدفاع ولم ترد عليه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى وأورد على ثبوتها فى حق الطاعنين أدلة من شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها ثم تعرض لأقوال المجنى عليهم بصدد الوقت الذى وقع فيه الحادث فى التحقيقات الابتدائية من أن الوقت كان بعد الغروب وما قرره العمدة من أنه سمع الصياح وقت الحادث بعد العشاء واطرح قول المجنى عليهم فى جلسة المحاكمة بأن الاعتداء وقع عليهم وقت الغروب وعقب على ذلك بقوله: "إن وقوع الحادث بعد العشاء لا يمنع المجنى عليهم من أن يميزوا الأشخاص المعتدين الذين كانوا على مقربة منهم وعلى مدى طول الآلة المستعملة وهى السكين الثقيلة ومثل هذه المسافة البسيطة تجعل المصابين يتحققون تماما من شخصية المعتدين عليهم وأن قول المجنى عليهم بالجلسة بأن الحادث حصل فى الغروب كان الغرض منه أن يصوروا الواقعة على أنها حدثت ولا يزال ضوء النهار موجودا ومثل هذه المبالغة لا تقلل من قيمة أقوالهم وترى هذه المحكمة أنهم تحققوا من أشخاص الجناة بالرغم من حصول الحادث بعد الغروب وفى وقت العشاء أو بعده بقليل". وما قاله الحكم من ذلك واستند إليه فى إثبات إمكان رؤية المتهيمن والتعرف على اشخاصهم سائغ ولا تتناقض فيه إذ للمحكمة فى سبيل تكوين عقيدتها أن تأخذ من أقوال الشاهد بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه. لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع ليست ملزمة بالرد صراحة على ما شهد به شهود النفى ما دامت بينت رأيها فيه ضمنا بأخذها بأدلة الثبوت التى بينتها فى الحكم، فإن ما يثيره الطاعنون فى هذين الوجهين لا يكون له محل.
وحيث إن مبنى الوجه الثانى هو أن الطاعن الثانى دفع بعدم توفر ظرف سبق الإصرار لأن المشاجرة حدثت عرضا بسبب اعتداء فريق المجنى عليهم على السيد أحمد عثمان قريب الطاعن الأول ولا صله لهذه المشاجرة بواقعة الاعتداء على عبد الحميد أبو زيد ابن عم المجنى عليهم وابن عم الطاعنين فى الوقت نفسه، ولكن الحكم لم يرد على هذا الدفاع ولم يبين الدليل الذى استخلص منه توفر ظرف سبق الإصرار.
وحيث إن الحكم حين تحدث عن ظرف سبق الإصرار قال:" إن سبق الإصرار ثابت لدى المتهمين الأول والثانى من توجههما معا إلى منزل أحمد عبد الرحمن اسماعيل مسلحين أولهما بسكين ثقيلة وثانيهما بعصا ومناداتهما عليه حتى إذا خرج لهما اعتديا عليه مباشرة دون أن يسبق الاعتداء عليه حديث أو مشادة الأمر الذى يدل على أنهما ذهبا لمنزل المجنى عليه عاقدين العزم ومبيتين النية على الاعتداء عليه تدفعهم إلى هذه الضغينة السابقة والتى يرجع تاريخها إلى شهور سابقة وهى الخاصة بالاعتداء على قريبهم عبد الحميد أبو زيد وإصابته بعاهة مستديمة واتهام المجنى عليه وآخرين من ذوى قرابته من ذلك الاعتداء" ولما كان ما قالته المحكمة من ذلك سائغا ومؤديا إلى ما انتهت إليه من قيام ظرف سبق الاصرار فإن ما يثيره الطاعن لا يكون مقبولا.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.