أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 5 - صـ 837

جلسة 30 من يونيه سنة 1954

برياسة السيد الأستاذ أحمد محمد حسن رئيس المحكمة، وحضور السادة: ابراهيم خليل، واسماعيل مجدى، ومحمود إسماعيل، ومصطفى كامل المستشارين.

(269)
القضية رقم 566 سنة 24 القضائية

(ا) إجراءات. نيابة عامة. ثبوت تمثيلها فى الجلسة. عدم اشتمال الحكم على اسم ممثل النيابة سهوا لا بطلان.
(ب) ارتباط. تقدير توافره. موضوعى. فصل الجناية عن الجنحة. حق المتهم فى مناقشة الأدلة بأكملها بما فيها واقعة الجنحة التى فصلت.
(ج) نقض. طعن. سبب جديد. دعوى مدنية. ترك المدعى دعواه. عدم التمسك به لدى محكمة الموضوع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
1 - متى كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن وكيلا للنائب العام كان حاضرا وترافع فى القضية غير أن اسمه لم يثبت بالمحضر، وكان الطاعن لا يدعى أن النيابة لم تكن ممثلة عند نظر الدعوى تمثيلا صحيحا، فإن عدم اشتمال الحكم على اسمه سهوا لا يترتب عليه البطلان.
2 - تقدير الارتباط المنصوص عليه فى المادة 32 من قانون العقوبات متعلق بموضوع الدعوى، ولمحكمة الجنايات إذا ما أحيلت إليها جنحة مع جناية للفصل فيهما معا حق فصل الجناية عن الجنحة متى لم يكن بينهما ارتباط غير قابل للتجزئة وهذا الفصل لا يحول دون مناقشة المتهم لأدلة الدعوى بأكملها بما فيها واقعة الجنحة التى فصلت.
3 - لما كانت المادة 261 من قانون الإجراءات الجنائية قد اشترطت لاعتبار المدعى بالحق المدنى تاركا لدعواه أن يكون غيابه بعد إعلانه لشخصه ودون قيام عذر تقبله المحكمة، وكان ترك المرافعة فى هذه الصورة هو من المسائل التى تستلزم تحقيقا موضوعيا، وكان المتهم لم يتمسك بترك المدعى لدعواه أمام المحكمة الموضوع - فلا يسوغ له أن يثيره لأول مرة لدى محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحدث عمدا بجورجى مرزوق سعد الإصابات بالمبينة بالتقرير الطبى الشرعى والتى تخلف لديه بسببها عاهة مستديمة هى فقد جزء من عظم قبوة الجمجمة ولكنه بسيطة فى الكلام وتقلل هذه العاهة من قوة احتمال على العمل بنحو 15%. وطلبت من غرفة الاتهام إحالة المتهم المذكور إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات، فقررت بذلك فى 27 من يونيه سنة 1953 (لم يذكر بالمحضر ولا بصدر الحكم المطعون فيه مبلغ التعويض الذى يطلبه المدعى بالحق المدنى). ومحكمة جنايات المنيا قضت حضوريا عملا بمادة الاتهام بمعاقبة ناجى عبد الحميد أحمد إبراهيم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبالزامه بأن يدفع إلى المدعى بالحق المدنى مبلغ خمسين جنيها والمصروفات المدنية المناسبة. فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض...... الخ.


المحكمة

.. وحيث إن الطاعن يبنى الوجه الأول على بطلان الحكم المطعون فيه، لخلوه من اسم وكيل النيابة مع أن المادة 269 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على وجوب حضور وكيل النيابة جلسات المحاكمة، وكذلك توجب المادة 276 اشتمال محضر الجلسة على هذا البيان، وقد خلا محضر الجلسة المحرر بتاريخ 10 من ديسمبر سنة 1953 منه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن وكيلا للنائب العام كان حاضا وترافع فى القضية غير أنه اسمه لم يثبت بالمحضر. ولما كان الطاعن لا يدعى أن النيابة لم تكن ممثلة عند نظر الدعوى تمثيلا صحيحا، فلا محل لما يثيره الطاعن فى هذا الوجه.
وحيث إن حاصل الوجهين الثاني والثالث ما ينعاه الطاعن من أن الحكم المطعون فيه جاء مشوبا ببطلان الاجراءات والقصور، ذلك بأن النيابة قدمت متهمين اثنين للمحاكمة ولم يحضر المتهم الثانى بالجلسة لعدم إعلانه، ولم تلتفت المحكمة إلى ذلك، ولا يغير من الأمر أن تكون المحكمة قد فصلت الجناية عن الجنحة، لأنها لم تبد سببا مقبولا يبرر هذا الفصل ولا سيما أن الارتباط قائم بين فعل الجناية وفعل الجناية وفعل الجنحة لأنهما وقعا على المجنى عليه واحد ولا احتمال أن تكون الضربة التى تسبب إلى المتهم بالجنحة هى التى سببت العاهة.
وحيث إنه لما كان تقدير الارتباط المنصوص عليه فى المادة 32 من قانون العقوبات متعلقا بموضوع الدعوى وكان لمحكمة الجنايات إذا ما أحيلت إليها جنحة مع جناية الفصل فيهما معا، حق فصل الجناية عن الجنحة متى لم يكن بينهما ارتباط غير قابل للتجزئة، وكان هذا الفصل لا يحول دون مناقشة الطاعن لأدلة الدعوى بأكملها بما فيها واقعة الجنحة التى فصلت، فإن هذا الوجه لا يكون سديدا.
وحيث إن مبنى الوجه الرابع أن الحكم المطعون فيه قضي بالتعويض للمجنى عليه مع أن هذا الأخير كان قد ترك دعواه المدنية لعدم حضوره أمام المحكمة، ولعدم إبدائه طلبات ما، وبذلك يكون القضاء بالتعويض مخالفا للقانون.
وحيث إن المادة 261 من قانون الإجراءات الجنائية إذ نصت على أنه "يعتبر تركا للدعوى عدم حضور المدعى أمام المحكمة بغير عذر مقبول بعد إعلانه لشخصه أو عدم إرساله وكيلا عنه وكذلك عدم إبدائه طلبات بالجلسة" فقد اشترطت أن يكون غياب المدعى بالحقوق المدنية بعد إعلانه لشخصه ودون قيام عذر تقبله المحكمة ولذا فإن ترك المرافعة بالصورة المنصوص عليها فى المادة 261 المذكورة هو من المسائل التى تستلزم تحقيقا موضوعيا، ولما كان يبين من الاطلاع على محضر الجلسة أن الدفاع عن الطاعن لم يتمسك بما يثيره فى وجه طعنه أمام محكمة الموضوع، فليس له أن يثيره لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن مبنى الوجهين الخامس والسادس أن الحكم المطعون فيه، مشوب بالقصور والخطأ فى الاستدلال فقد جاء البلاغ ينسب الاعتداء إلى أربعة أشخاص ولم يحضر المجنى عليه بالجلسة واستندت المحكمة إلى شهادته فى التحقيق مع أنه سئل بعد الحادث بستة أيام وكان قد ذكر أمام قاضى التحقيق أن الطاعن ضربه على رأسه مرتين فى حين أن الثابت بالتقرير الطبى أن برأسه إصابة واحدة كما أن الشاهد إسحق مبارك الذى اعتمدت المحكمة على أقواله لم يشهد أمامها بأكثر من أنه علم من الموجودين أن الطاعن وأخاه هما الضاربان للمجنى عليه، هذا فضلا عن أن الدفاع عن الطاعن طلب براءته لشيوع التهمة ومن باب الاحتياط أخذه بالقدر المتيقن وقد خلا الحكم من الرد على هذا الدفاع.
وحيث إن الحكم قد بين واقعة جناية العاهة المستديمة التى عاقب الطاعن عليها بجميع عناصرها القانونية وذكر الأدلة التى استخلصت منها المحكمة فى منطق سليم أن الطاعن هو الذى ضرب المجنى عليه فى رأسه فأحدث به العاهة، ومتى كان الأمر كذلك، فإنه لا يعيب الحكم أنه لم يتعقب دفاع الطاعن بشأن شيوع التهمة وطلب أخذه بالقدر التيقن عما وقع منه، ويرد عليه صراحة ما دام الرد على ما قاله مستفادا من الحكم بالإدانه لأدلة الثبوت التى أوردها الحكم، ومن ثم يكون ما أورده الطاعن فى هذين الوجهين محاولة الفتح باب المناقشة فى وقائع الدعوى وأدلة الثبوت فيها مما لا شأن لمحكمة النقض به.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.