أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 5 - صـ 251

جلسة 14 من يونيه سنة 1954

برياسة السيد الأستاذ أحمد محمد حسن رئيس المحكمة، وحضور السادة: اسماعيل مجدى، ومصفطى حسن وأنيس غالى، ومصطفى كامل المستشارين.

(251)
القضية رقم 631 سنة 24 القضائية

(ا) إثبات. الاعتماد على قول للشاهد دون قول آخر له جوازه.
(ب) إثبات. سلطة المحكمة فى اطراح أية ورقة لا تطمئن إليها بما فى ذلك الشهادات الطبية.
1 - لمحكمة الموضوع أن تعوّل على أقوال الشاهد فى أية مرحلة من مراحل الدعوى ولول خالف ما قرره فى مرحلة أخرى.
2 - لمحكمة الموضوع بما لها من سلطة تقدير وقائع الدعوى أن تطرح أية ورقة لا تراها جديرة بثقتها. فإذا كان لا يبين من محضر الجلسة أن الطاعن طلب إلى المحكمة استدعاء الطبيب الذى حرر الشهادة الطبية المقدمة منه لمناقشتها فإن ما يثيره الطاعن فى شأن اطراح هذه الشهادة وعدم سماع الطبيب لا يكون مقبولا.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه ضب حسن أبو زيد محمد على فأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبى والتى تخلف لديه بسببها عاهة مستديمة يستحيل برؤها وهى فقد جزء من عظام الجبهة من الجهة اليمنى من شأنه أن يحرم المخ من جزاء من وقايتة الطبيعية مما يجعله عرضه للتأثر بالصدمات الطفيفة والتقلبات الجوية التى ما كان ليتأثر بها فيما لو كان المخ محميا بأكمله بالعظام مما قد يطرأ عنها مستقبلا من مضاعفات خطيرة كالصرع والجنون والشلل والالتهابات السحائية مما يقلل من كفاءته على العمل بما لا يمكن تقديره نظرا لخطورة ما قد ينشا من المضاعفات المذكورة.
وطلبت من غرفة الاتهام إحالته على محكمة الجنايات لمعاقبته بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات. فقررت بذلك ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضوريا عملا بمادة الاتهام بمعاقبة المتهم محمد أحمد مزمل بالسجن لمدة خمس سنين.
فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإدانة الطاعن لم يرد على ما دافع به من أنه لا يعرف المجنى عليه، وأنه ليس معقولا أن يكون المجنى عليه واقفا بين أهل بدلته, فيهاجمه الطاعن ويعتدى عليه بالضرب ثم ينصرف دون أن يصاب بأذى.
وحيث إن الحكم المطعون فيه، إذ استند فى إدانة الطاعن إلى شهادة المجنى عليه، قد أورد من مؤداها ما يتفق وما استخلصته المحكمة منها. ولما كان ما ينعاه الطاعن على الحكم فى هذا الوجه لا يعدو أن يكون مجادلة فى قيمة الدليل الذى أخذت به محكمة الموضوع، فإنه لا يكون مقبولا.
وحيث إن مبنى الوجه الثانى من الطعن هو أن الحكم استند فى إدانة الطاعن إلى أقوال الشاهد محمد على عبيد فى التحقيق واعتبرها قاطعة فى أنه رأى الحادث، مع أن هذا الشاهد قرر فى التحقيق، أنه لا يعرف الطاعن من قبل، وإنما سمع شخصا من أهل بلدته يناديه باسمه، ويحرضه على ضرب المجنى عليه وشهد بالجلسة بأنه لم ير الطاعن يضرب المجنى عليه، مما يشوب الحكم بالخطأ فى الاسناد.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على مفردات الدعوى، أن ذلك الشاهد شهد فى محضر تحقيق النيابة بما أخذ به الحكم من أنه رأى الطاعن يضرب المجنى عليه - ولما كان لمحكمة أن تعول على أقوال الشاهد فى أية مرحلة من مراحل الدعوى ولو خالف ما قرره فى مرحلة أخرى، فإن ما ينعاه الطاعن فى هذا الوجه يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن يقول فى الوجه الأخير من الطعن إنه دافع بأنه كان مريضا يعالج بالقاهرة فى تاريخ الحادث، وقدم للمحكمة شهادة من الطبيب المعالج بأنه كان يعالجه بها فى المدة ما بين 10 مارس و28 مارس سنة 1953. فقالت المحكمة إن مثل هذه الشهادة تكتنفها الشكوك والريب، فلم تجر العادة أن يعطى الاطباء لمرضاهم شهادة تدل على نوع المرض ومدة العلاج فى الأحوال التى لا يكون المريض فى حاجة إليها. ويقول الطاعن إن ما قاله الحكم من غير ذلك غير سليم إذ أن من الجائز أن يكون قد استصدر الشهادة من الطبيب إثر علمه باتهامه فى الحادث، فكان على المحكمة أن تأمر باعلان الطبيب لسماع أقواله بعد حلف اليمين.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد اشار للشهادة الطبية المقدمة من الطاعن بما يدل على أن المحكمة لم تطئمن إليها. ولما كان للمحكمة بما لها من سلطة تقدير وقائع الدعوى أن تطرح أية ورقة لا تراها جديرة بثقتها، وكان لا يبين من محضر الجلسة أن الطاعن طلب إلى المحكمة استدعاء الطبيب الذى حرر الشهادة لمناقشته. لما كان ذلك، فإن ما يثيره على الصورة المتقدمة فى شأن اطراج الشهادة وعدم سماع الطبيب، لا يكون مقبولا.
وحيث إن لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.