أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 5 - صـ 841

جلسة 30 من يونيه سنة 1954

برياسة السيد الأستاذ أحمد محمد حسن رئيس المحكمة، وحضور السادة : اسماعيل مجدى، ومحمود اسماعيل، وأنيس غالى، ومصطفى كامل المستشارين.

(270)
القضية رقم 645 سنة 24 القضائية

(ا) دفاع. طلبات . عدم إصرار المتهم على طلب إجراء معين. ليس له أن ينعى على المحكمة أنها لم تقم بهذا الإجراء.
(ب) إثبات. الأخذ بأقوال شاهد بالنسبة إلى متهم معين وعدم الأخذ بها بالنسبة إلى متهم آخر. جوازه.
(ج) الإعفاء من العقاب الحالة المرضية المعروفة باسم الشخصية السيكوباتية لا تعتبر جنون يعفى من العقاب.
1 - إذا كان المتهم قد طلب من المحكمة استدعاء الطبيب الشرعى لمناقشته وأجابته المحكمة إلى ذلك إلا أنه فى الجلسة التى نظرت فيها الدعوى وتخلف الطبيب عن حضورها لم يتمسك بضرورة حضوره ومناقشته، فليس له بعد أن ينعى على المحكمة أنها لم تقم بإجراء سكت هو أمامها عن المطالبة بتنفيذه.
2 - لمحكمة الموضوع وهى بسبيل تكوين عقيدتها فى الدعوى أن تأخذ بقول الشاهد بالنسبة لبعض المتهمين دون البعض الآخر، إذ الأمر فى ذلك مرجعه إلى اطمئنانها.
3 - إن الجنون أو العاهة فى العقل اللذين أشارت إليهما المادة 62 من قانون العقوبات دون غيرها ورتبت عليهما الإعفاء من العقاب هما اللذان يجعلان الجانى وقت ارتكاب الجريمة فاقدا للشعور أو الاختيار فى عمله، أما المصاب بالحالة المرضية المعروفة باسم الشخصية السيكوباتية فإنه لا يعتبر فى عرف القانون مجنونا.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين قضى ببراءتهم بأنهم قتلوا حسنية على عمارة الشهيرة بسلوى عمدا ومع سبق الإصرار بأن اتفقوا فيما بينهم على قتلها فأوثقوا أكتافها بحبل أعدوه لهذا الغرض كما اعتدوا عليها بالضرب وبكيها بالنار فى مواضع حساسة من جسمها ثم كتموا أنفاسها بسد فتح الفم والأنف بقطعة من القماش قاصدين من ذلك قتلها فأصيب بالإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياتها. وطلبت من قاضى الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمادتين 230 و231 من قانون العقوبات. فقرر ذلك، ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضوريا عملا بمادتى الاتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة محمد ابراهيم المصرى بالأشغال الشاقة المؤبدة فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض . .... الخ.


المحكمة

.. وحيث إن الطعن يتحصل فيما ييأتى: 1 - قررت المحكمة تأجيل القضية لمناقشة الطبيب الشرعى فيما طلب الدفاع مناقشته فيه، وقد حضر الطبيب فى الجلسة التالية ولم تناقشه المحكمة وأجلت القضية، ثم نظرتها بعد ذلك، دون أن تجرى هذه المناقشة 2 - ندبت المحكمة خبيرا نفسيا قدم تقريرا انتهى فيه إلى أنه مصاب بالسوك السيكوباتي، وأن مسئوليته جزئية، فلم تأخذ المحكمة بهذا التقرير وقالت فى ردها عليه، إنها ترى من حالة المتهم البادية أمامها، أنه ليس مصابا بجنون ولا بعاهة فى العقل من قبيل موانع العقاب المبينة فى المادة 62 من قانون العقوبات وفاتها أن هذه المادة تفرق بين حالة الجنون وحالة العاهة العقلية وأن العاهة هى الاختلال الجزئى فى ملكة التفكير ورأى الخبير الفنى ضرورى فى إثبات وجودها وتقديرها. 3 - دانت المحكمة الطاعن اعتمادا على أقوال والدته، رغم اطراحها لشهادتها بالنسبة للمتهمين الآخرين الذين برأتهم من التهمة.
وحيث إنه عن الوجه الأول فإن الطاعن وإن كان قد طلب من المحكمة استدعاء الطبيب الشرعى لمناقشته وأجابته المحكمة إلى ذلك إلا أنه فى الجلسة التى نظرت فيها الدعوى وتخلف الطبيب عن حضورها لم يتمسك بضرورة حضوره ومناقشته، فليس له بعد أن ينعى على المحكمة أنها لم تقم بإجراء سكت هو أمامها عن المطالبة بتنفيذه.
وحيث إنه عن الوجه الأخير فقد دانت المحكمة الطاعن بجناية القتل العمد مع سبق الإصرار، استنادا إلى اعترافه بذلك فى تحقيق النيابة وشهادة أمه عليه، ولما كان لمحكمة الموضوع وهى بسبيل تكوين عقيدتها فى الدعوى أن تأخذ بقول الشاهد بالنسبة لبعض المتهمين، دون البعض الآخر، إذ الأمر فى ذلك مرجعه إلى اطمئنانها فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الوجه لا يكون له محل.
وحيث إنه عن الوجه الثاني فإنه يبين من الحكم أن الخبير النفس قال فى تقريره إن الطاعن مصاب بالحالة المرضية المعروفة باسم "الشخصية السيكوباتية" ورأى أن صاحبها لا يعتبر فى عرف القانون مجنونا أو مريض العقل ولكنه من الناحية العلمية مريض مرضا نفسيا ولذا فهو يرى من العدالة أن يؤاخذ مثله مؤاخذة الشخص الرشيد، ولما كان الجنون أو العاهة فى العقل اللذان أشارت إليهما المادة 62من قانون العقوبات دون غيرهما ورتبت عليهما الإعفاء من العقاب هما اللذان يجعلان الجنانى وقت ارتكاب الجريمة فاقدا للشعور أو الاختيار فى عمله، فإن المحكمة إذ لم تر فى ظروف الدعوى ما يبرر النزول بالعقوبة إلى أدنى من الحد الذى نزلت إليه لا تكون قد خالفت القانون فى شئ ومن ثم يكون الطعن على غير أساس فى موضوعه، متعينا رفضه.