أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 5 - صـ 443

جلسة أول أبريل سنة 1954

برياسة السيد الأستاذ أحمد محمد حسن رئيس المحكمة، وحضور السادة الأساتذة: اسماعيل مجدى ومصطفى حسن وحسن داود ومحمود ابراهيم اسماعيل المستشارين.

(150)
القضية رقم 50 سنة 23 القضائية

عفو شامل. الجريمة السياسية التى هدف المرسوم بقانون رقم 241 لسنة 1952 إلى شمولها بالعفو.
إن المشرع قد حدد معنى الجريمة السياسية التى هدف المرسوم بقانون رقم 241 لسنة 1952 إلى شمولها بالعفو فقال إنها التى تكون قد ارتكبت لسبب أو لغرض سياسى. وإذن فمتى كان الحكم إذ دان المطعون ضده بجريمة القذف قد أثبت عليه أنه نشر بمجلة المرصاد الطبية التى يرأس تحريرها صورة برقية كان قد بعث بها إلى رئيس مجلس الوزراء قذف فيها فى حق وزير الصحة "وقتئذ " ووكيل تلك الوزارة، أسند إليهما فيها ارتكاب جرائم الرشوة وإتيان الفاحشة مع زوجات الأطباء من أجل ترقيتهم وتعتمها بأنهما مذنبان هبطا بمستوى الأخلاق والنزاهة وسمعة الحكم إلى الحضيض - فإنه لا يمكن عد هذه الجريمة من قبيل الجرائم السياسية التى عناها ذلك المرسوم بقانون، لأنها تخرج عن الحدود التى وضعها لها، إذ أن القذف الموجه للوزير ووكيل الوزارة تضمن إسناد ارتكاب جرائم خلقية، ونعتا المجنى عليهما بالهبوط بمستوى الأخلاق، وما دام لا يبين أن جريمة القذف قد ارتكبت فى حقهما لسبب أو لغرض سياسى، ولا يكفى لاعتبارها سياسية أن يكون المطعون ضده قد أشار فى البرقية التى تضمنت عبارات القذف قد ارتكبت فى حقها لسبب أو لغرض سياسي، و لا يكفى لاعتبارها سياسة أن يكون المطعون ضده قد أشار فى البرقية التى تضمنت عبارات القذف إلى سمعة الحكم ما دام الباعث عنده أو الغرض الذى رمى إليه منها لم يكن فى ذاته سياسيا بالمعنى الذى قصد إليه قانون العفو، إذ ليس فى ظروف الواقعة كما أثبتها الحكم الموضوعى ما يدل على أن القذف وجه إلى الوزير السابق للنيل من مركزه السابق للنيل من مركزه السياسي أو أن المطعون ضده كان يسمى إلى هدف سياسى.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده (الدكتور ابراهيم عازر) بأنه بدائرة قسم شبرا محافظة القاهرة: قذف علنا فى حق الدكتور نجيب إسكندر باشا وزير الصحة السابق والدكتور محمد نظيف وكيل وزارة الصحة بسبب أداء وظيفتها بأن أسند إليهما مع سوء النية أمورا أو كانت صادقة لأوجبت عقابهما بالعقوبات المقررة قانون واحتقارهما عند أهل وطنهما وذلك بأن نشر بمجلة المرصاد الطبية التى يرأس تحريرها صورة برقية كان قد بعث بها إلى رفعة رئيس مجلس الوزراء رماهما فيها بارتكاب جرائم وإتيان الفاحشة مع زوجات الأطباء من أجل ترقيتهم ونعتهما بأنهما مذنبان هبطا بمستوى الأخلاق والنزاهة وسمعة الحكم إلى الحضيض. وقدمته النيابة إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 171 و 302/ 1 و303/ 2 و307 من قانون العقوبات. وطلبت بإحدى جلسات المحاكمة إضافة المادتين 200/ 1 و308 من نفس القانون إلى المواد المذكورة.
ومحكمة جنايات مصر قضت حضوريا عملا بالمواد 171 و302/ 2 و307 و308 و200/ 1 من قانون العقوبات مع تطبيق المادتين 55 و56 من نفس القانون بمعاقبة الدكتور إبراهيم عازر بالحبس مع الشغل مدة ستة شهور وبتغريمه مبلغ مائتين وخمسين جنيها مصريا وأمرت بوقف التنفيذ لمدة خمس سنين تبدأ من اليوم، وقضت بتعطيل مجلة المرصاد مدة سنة واحدة تبدأ من اليوم وأعفته من المصاريف.
فقدم المتهم المذكور تظلما إلى النائب العام لعدم إدراج اسمه فى كشوف من شملهم العفو وقيد التظلم برقم 11 سنة 1952 - فأحاله إلى محكمة جنايات القاهرة التى قضت فيه حضوريا بتاريخ 5 من مايو سنة 1953 بقبول تظلمه شكلا وفى الموضوع بانطباق العفو الشامل بمقتضى المرسوم بقانون رقم 241 سنة 1952 على ما أسند إلى المتظلم فى القضية رقم 5840 سنة 1950 جنح شبرا "9 صحافة سنة 1950 كلى" وبإدراج اسمه فى كشف من شملهم العفو المذكور.
فطعن الأستاذ محمد البكرى على رئيس نيابة جنوب القاهرة فى مدة الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

.. وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق قانون العفو بقبوله تظلم المطعون ضده وبإدراج اسمه فى كشف من شملهم ذلك القانون بالعفو عنهم، وذلك لأن الحكم الموضوعى قضى بإدانة المطعون ضده تطبيقا للمادة 308 من قانون العقوبات لارتكابه جريمة قذف تضمن طعنا فى عرض الأفراد ولم يكن الدافع إلى ارتكاب الجريمة - ولو أنها ضد وزير - ساسيا ومن باب أولى لم تكن جريمة القذف الموجهة إلى الوكيل سياسية. وقد كان المطعون ضده يهدف إلى النيل من كرامة الأطباء وعائلاتهم والإساءة إليهم، وحيث إن الحكم المطعون فيه إذ قضى بقبول تظلم المطعون ضده وبإدارج اسمه فى كشف من شملهم العفو أسس قضاءه على أن المطعون ضده لم يكن مدفوعا إلى القذف فى حق المجنى عليهم بدافع شخصي، بل كان ناقدا يتصدى للكتابة والنشر فى مجلة المرصاد الطبية على سبيل الدفاع عن المصلحة العامة ونزاهة الحكم وكرامة المهنة الطبية وأنه اتضح من أوراق الدعوى أن أحداثا خطيرة وكانت قد وقعت فى وزارة الصحة فى ذلك العهد مما استوجب إجراء التحقيق، وأعقب ذلك نقل مدير مكتب الوزير وغيره من الموظفين المتعلقة بهم وقائع القذف.
وحيث إنه تبين من الحكم الصادر من محكمة الجنايات بإدانة المطعون ضده بجريمة القذف المعاقب عليه بالمواد 171 و302/ 2 و307 و308 من قانون العقوبات أنه أثبت على المطعون ضده أنه نشر بمجلة المرصاد الطبية التى يرأس تحريرها صورة برقية, كان قد بعث بها إلى رئيس مجلس الوزراء قذف فيها فى حق وزير الصحة "وقتتذ" ووكيل تلك الوزارة أسند إليهما فيها ارتكاب جرائم الرشوة وإتيان الفاحشة مع زوجات الأطباء من أجل ترقيتهم ونعتهما بأنهما مذنبان هبطا بمستوى الأخلاق والنزاهة وسمعة الحكم إلى الحضيض - ولما كان قد سبق لهذه المحكمة أن بينت فى أحكامها فى الطعون المرفوعة عن تطبيق المرسوم بقانون رقم 241 لسنة 1952 بالعفو عن الجرائم التى ارتكبت لسبب أو لغرض سياسى أن المشرع قد حدد معنى الجريمة السياسية التى هدف هذا المرسوم بقانون إلى شمولها بالعفو فقال إنها التى تكون قد ارتكبت لسبب أو لغرض سياسي، ولما كانت الجريمة موضوع هذا الطعن لا يمكن عدها من قبيل الجرائم السياسية التى عناها لذلك المرسوم بقانون لأنها تخرج عن الحدود التى وضعها لها. إذ يبين من حكم محكمة الجنايات أن القذف الموجه للوزير ووكيل الوزارة، تضمن إسناد ارتكاب جرائم خلقية من نوع المشار إليه فيما تقدم ونعتا للمجنى عليهما بالهبوط بمستوى الأخلاق وما دام لا يبين منه أن جريمة القذف قد ارتكبت في حقهما لسبب أو لغرض سياسي, ولا يكفي لاعتبارها سياسية أن يكون المطعون ضده قد أشار في البرقية التي تضمنت عبارات القذف إلى سمعة الحكم ما دام الباعث عنده أو الغرض الذى رمى إليه منها لم يكن فى ذاته سياسيا بالمعنى الذى قصد إليه قانون العفو إذ ليس فى ظروف الواقعة كما أثبتها الحكم الموضوعى ما يدل على أن القذف وجه إلى الوزير السابق للنيل من مركزه السياسى أو أن المطعون ضده كان يسعى إلى هدف سياسي - كذلك لا يكفى القول بأن الجريمة ارتكبت للدفاع عن كرامة المهنة الطبية لعدها سياسية فى حكم ذلك القانون، هذا إلى أن القذف لم يوجه إلى الوزير السابق وحده، بل وجه كذلك إلى وكيل الوزارة فيما يهيمن عليه من شؤونها الإدارية ولم يكن ذلك تأهبا للطعن على الوزير السابق أو تسهيلا له إذ لا يبين من الحكم أن المطعون ضده، اتخذ من الطعن فى الوكيل سبيلا للطعن على الوزير لسبب أو لغرض سياسى، بل وجه القذف لكل منهما عن أمور تتعلق بسير العمل الإدارى فى الوزارة - لما كان ذلك فإن الحكم إذ قضى باعتبار جريمة المطعون ضده سياسة، وبقبول تظلمه على ذلك الأساس يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه والقضاء برفض التظلم المقدم من المطعون ضده.