أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 5 - صـ 775

جلسة 16 من يونيه سنة 1954

برياسة السيد الأستاذ أحمد حسن رئيس المحكمة، وحضور السادة: اسماعيل مجدى، ومصطفى حسن، وأنيس غالى، ومصطفى كامل المستشارين.

(254)
القضية رقم 65 سنة 24 القضائية

(ا) إثبات. محكمة الموضوع. سلطتها فى تكوين عقيدتها. الاعتماد على قول الشاهد دون قول آخر له. جوازه. شاهد. تجزئة أقواله. جائزة.
(ب) إثبات. تقدير أدلة الدعوى. سلطة المحكمة فى ذلك.
(ج) قتل عمد. نية القتل. بيانها فى الحكم. مثال.
(د) دفاع شرعى عدم التمسك به. الوقائع كما أثبتها الحكم لا تفيد قيامه الطعن على الحكم بمقولة إنه أغفل البحث في قيامه. لا يصح.
1 - لمحكمة الموضوع أن تعول على رواية شاهد بذاتها دون غيرها من الروايات متى اطمأنت إليها. كما أن من حقها تجزئة أقوال الشهود والأخذ بما تطمئن إليه منها واطراح ما لا ترتاح إليه.
2 - إن تقدير الدليل مسألة موضوعية مرجعها اقتناع المحكمة أو عدم اقتناعها وأن مطالبة المحكمة باتباع قاعدة ثابته تطبقها على كل الوقائع وتتبعها مع كل الشهود هو مصادرة لحريتها الأساسية فى وزن عناصر الإثبات المختلفة وتقديرها على الوجه الذى يرتاح إليه ضميرها.
3 - إذ كان الحكم قد دل على توافر نية القتل عن الطاعن بقوله "وحيث إن نية القتل ثابتة تماما قبل المتهمين ثبوتها لا يحتمل الشك من خروجهم هم وآخرون من أقاربهم وأهليتهم من منازلهم على أثر الشجار الذى حصل قبيل الغروب يحمل كل منهم سلاحا ناريا معبأ بالذخيرة وأخذوا يطلقون مقذوفاتها على خصومهم قاصدين إزهاق أرواحهم فمات من مات وأصيب الآخرون بالإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى والتى كانت تودى بحياتهم أولا مداركتهم بالعلاج وكان الدافع على ذلك الشجار التافه الذى حدث بين..... و بين..... والذى حرك فيهم كوامن الحقد والغضب للحزازات القديمة بأقدموا على فعلتهم غير عابئين بنتجية أعمالهم أو مقدرين لما يترتب عليها من مسئوليات" - فإن ما قاله الحكم كاف لإثبات توافر نية القتل عند الطاعن.
4 - إذا كانت واقعة الحادث كما حصلها الحكم من أقوال المجنى عليه تنفى قيام حالة الدفاع الشرعى عند الطاعن وتدل على أنه اعتدى على المجنى عليه أثناء ما كان يستدير محاولا الهرب من أمامه، وكان الطاعن لم يثر فى دفاعه أمام المحكمة أنه كان فى حالة دفاع شرعى عن النفس فليس له أن يطعن على الحكم بمقولة إنه أغفل البحث في قيامها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة 1 - محمد ابراهيم فارس و2 - عبد الغفار عبد الغفار يونس و3 - الشعراوى يوسف عويس و4 - فريد يوسف عويس (الطاعنين الأول والثانى) و5 - يوسف عويس فارس و 6 - عبد الحليم يوسف عويس و 7 - سالم السيد عبد الواحد (الطاعنين الثالث والرابع) بأنهم فى 30 من يونيه سنة 1951 (الموافق 26 من رمضان سنة 1370 بناحية زفتى مركزها مديرية الغربية. المتهم الأول قتل عمد نول عبد الشكور عويس بأن أطلق عليها أربعة أعيرة نارية قاصد قتلها فاحدث بها الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى والتى أودت بحياتها. المتهم الثانى - شرع فى قتل زينب محمود عويس عمدا بأن أطلق عليها عيارا ناريا قاصدا قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الطبى الشرعى وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو تدارك المجنى عليها بالعلاج. المتهمان الثالث والرابع. شرعا فى قتل عبد الغنى محمود عويس بأن أطلقا عليه عيارين نارين قاصدين قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهما فيه هو تدارك المجنى عليه بالعلاج. المتهم الخامس - شرع عمدا فى قتل محمد محمود عويس بأن أطلق عليه عياراً ناريا قاصدا قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لاراته فيه هو تدارك المجنى عليه بالعلاج. المتهم السادس - شرع فى قتل عبد العاطى محمود عويس بأن أطلق عليه عيارا ناريا قاصدا قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادة المتهم فيه هو تدارك المجنى عليه بالعلاج المتهم السابع - شرع فى قتل عوض سلامة عوض بأن أطلق عليه عيارا ناريا قاصدا قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو إسعاف المجنى عليه بالعلاج وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 45 و46 و234/ 1 من قانون العقوبات. فقررت بذلك. وقد ادعى كل من عبد الشكور محمد عويس بصفته والد نوال عبد الشكور ووهيبه عثمان الحبيان (والدتها) وزينب محمود عويس ومحمد محمود عويس وعبد الغنى محمود عويس وعبد العاطى محمود عويس وعوض سلامة، بحق مدنى قبل جميع المتهمين متضامنين وطللبوا القضاء لهم بمبلغ ألف جنيه تعويضا. ومحكمة جنايات طنطا قضت حضوريا - عملا بمواد الاتهام بالنسبة إلى المتهمين الثالث والرابع والسادس والسابع "الطاعنين". أولا - بمعاقبة كل منهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنين وبإلزام الشعرواى يوسف عويس وفريد يوسف عويس بأن يدفعا متضامنين لعبد الغنى محمود عويس مائة جنية على سبيل التعويض والمصروفات المدنية المناسبة وإلزام عبد الحليم يوسف عويس بأن يدفع لعبد العاطى محمود عويس مبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض والمصروفات المدنية المناسبة وبإلزام سالم السيد عبد الواحد بأن يدفع لعوض سلامه عوض مبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض والمصروفات المدنية المناسبة وقدرت مبلغ ألف قرش مقابل أتعاب محاماة لهؤلاء المدعين بالحق المدنى. وثانيا - ببراءة كل من محمد إبراهيم فارس وبعد القادر عبد الغفار عويس، ويوسف عويس فارس مما أسند إليهم مع رفض الدعوى المدنية قبلهم وإلزام مدعيها بباقى المصروفات.
فطعن الطاعنون فى هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

.. وحيث إن الطاعنين الثلاثة الأول يرمون الحكم المطعون فيه بالتناقض وفساد التدليل والغموض. ويقولون فى الوجه الأول من الطعن إن الحكم عول فى إدانة الطاعنين الأول والثانى على أقوال المجنى عليه عبد الغنى محمود عويس وعلى تأييد التقرير الطبى لها تأييدا تاما وجاء فى أسبابه أن المجنى عليه المذكور شهد بأن الشعرواى عند إطلاق النار عليه كان فى مواجهته وإلى يمينه وفريد يوسف اقفا بجواره وأن نتيجة التقرير الطبى تدل على أن العيار الأول الذى أصاب الفخذ الأيمن أطلق من ضارب على يمن المجنى عليه وعلى أن العيار الثانى الذى أصبا الذراع اليمنى والوجه أطلق عليه من ضارب فى مواجهته وليس فى رواية عبد الغنى محمود عويس فى الجلسة ما يشير إلى موقف الطاعنين منه وقت إصابته. أما روايته فى تحقيق النيابة فتنحصر فى قوله بأن الشعراوى كان واقفا فى الجنب ووجهه فى وجهه على اليمين وفريد كان واقف بجواره وضرب العيار الذى أصاب الذراع وعبارته غامضة لا توضح موقف فريد يوسف منه وقت إصابته يضاف إلى ذلك أمر أن أولهما أن الدفاع عن الطاعنين تمسك فى المرافعة بأن إصابات المجنى عليه كلها تحدث من عيار واحد نظر لأن الأعضاء المصابة كلها فى جانب واحد من الجسم وهو الجانب الأيمن ولان نوع السلاح الذى أطلق المقذوف واحد وهو سلاح معمر بعدة مقذوفات كأسلحة الصيد العادية. ولأمر الثانى أن الحكم اعتبر الاتهام ضد الطاعنين مؤيدا بشهادة شيخ البلد خليل ابراهيم سعده من أنه انتقل عقب الحادث وشاهد المصابين فأخبره عبد الغنى عويس أن الشعرواى عويس أطلق عليه النار وهو نفس القول الذى ذكره فى التحقيق ومع ذلك فأن الحكم لم يلتفت إلى ما أثاره الدفاع من إصابة المجنى عليه من عيار واحد واعتبر ما قاله شيخ البلدة خليل إبراهيم سعده معززا لاتهام الطاعنين فى حين أن أقواله لا تمس إلا الطاعن الأول وتؤيد وجه النظر الدفاع من حصول الإصابات كلها من عيار واحد. ويقولون فى الوجه الثانى من الطعن إن الحكم عول فى إدانة الطاعن الثالث عبد الحليم يوسف عويس على أقوال المجنى عليه عبد العاطى محمود عويس وتأييد التقرير الطبى لها وجاء فى أقوال عبد العاطى المذكور فى تحقيق النيابة "أنا كنت أجرى فراح ضاربنى بالعيار وكان وجهى لناحية الغرب ووجه لناحية الشرق وهو كان جاى يجرى ناحية الشرق وأنا ناحية الغرب وضربنى بالعيار" وقدر المسافة بينه وبين ضاربه بحوالى ستة أمتار وقال فى الجلسة إن العيار أصابه فى رجلة اليمنى وكان وجهه مقابل وجه الضارب وهو قادم من قبلي غربى والمجنى عليه قادم من بحرى ومتجه إلى الغرب. ويتضح من رواية المجنى عليه إن الضارب كان فى مواجهته فى حين أن التقرير الطبى يفيد أن الضارب له كان على يمينه على خلاف ما يصوره المجنى عليه. ويقولون فى الوجه الثالث إن الحكم أخذ برواية عبد الغنى محمود عويس من أنه أثناء عودته من المرور سمع صوت عيار نارى فاتجه إلى مصدره ووجد أخته زينب مصابة بالجرن وكذلك أخاه محمد كما رأى يوسف عويس وولديه الشعراوى فريد يحملون بنادق فطلب منهم الانصراف ولما رفضوا أطلقوا عيارين فى الهواء إرهابا لهم فعاجلة الشعراوى بعيار فى فخذه الأيمن وثنى عليه فريد بعيار آخر فى ذراعه اليمنى، أخذ الحكم بهذه الرواية مع أنه كان قبل ذلك قد تناول التهمة الخاصة بالشروع فى قتل زينب محمود عويس فكذب تصويرها بأنها أصيبت فى البداية وقبل أن يجتمع الفريقان وقال إنها أصبيت بعد أن تقابل الجمعان وفى وقت اختلط فيه الحابل بالنابل فتعذر عليها معرفة محدث إصاباتها. ورواية عبد الغنى مبنية على إصابة أخته زينب وقعت فى البداية. ومتى كان الأمر كذلك فإن التقرير فى إصابته يكون مرهونا بنفس المصير وتكون إصابته قد وقعت نتيجة الجمعين واختلاط الحابل بالنابل. ويقولون فى الوجه الرابع من الطعن إن الحكم وقع فى تناقض إذ أخذ بشهادة عبد العاطى محمود عويس ضد الطاعن الثالث على ما فيها من المخالفة لنتيجة التقرير الطبى وفى نفس الوقت كذب الشاهد المذكور فى أكثر من موطن روايته فقد كذبه فيما يختص باصابة أخته زينب واتهامه لعبد القادر عبد الغفار عويس بالشروع في قتلها وفيما يختص باصابة نوال عبد الشكور عويس واتهام محمد إبراهيم فارس فى قتلها.
ومن حيث إن الطاعن الأخير يرمى الحكم المطعون فيه بفساد الاستدلال والقصور. ويقول فى الوجه الأول من طعنه إن الحكم دانة فى جريمة الشروع فى قتل عوض سلامة عمدا تأسيسا على أقوال المجنى عليه المذكور وتأييد التقرير الطبى لها مع أن أقوال المجنى عليه وأوراق الدعوى لا تؤدى لإثبات التهمة إذ أنه بعد أن قرر فى تحقيقات النيابة أن الطاعن هو الضارب له واستشهد على ذلك بعبد العاطى محمد عويس الذى صادقه فى تحقيقات النيابة جاء المجنى عليه فى الجلسة وقال إنه لا يجزم إذا كان الطاعن هو الذى أصابه أم غيره وتجاهل عبد العاطى محمود عويس فى شهادته بالجلسة إصابة المجنى عليه المذكور فلم يقل عنها شيئا وهناك شاهد حضر المعركة من بدايتها إلى نهايتها وهو عبد الشكور محمود عويس وقد شهد فى تحقيقات النيابة وفى الجلسة أنه لم ير من أصاب عوض سلامة وقال الحكم بتطابق التقرير الطبى الشرعى مع أقوال المجنى عليه من أن الأمر الثابت أهما متناقضان فبينما قول المجنى عليه إنه أصيب بعد أن استدار أى من الخلف إذا بالتقرير الطبى يفيد أن الضارب كان على يمين المضروب وإذا جاز التعويل على أقوال المجنى عليه وهى تدل على أنه أصيب من الخلف فيكون مؤداها أنه لم ير الضارب، ولم يعن الحكم بايراد الوسيلة التى استطاع بها المجنى عليه على الرغم من ذلك أن يرى الضارب حتى تتفق النتائج مع المقدمات. ويقول فى الوجه الثانى من الطعن إن الحكم لم يدلل على توافر نية القتل عند الطاعن تدليلا كافيا وما قاله عنها حديث ما دام مجمل لا أصل له فى الأوراق الدعوى ولم يتبادل الطاعن بنوع خاص فهو لا صلة له بعائلة عويس ولم تبين المحكمة ما هى الصلة التى تربطه بفريق يوسف عويس حتى يخرج مع هذا الفريق على أثر الشجار الذى حصل بين زينب عويس وبين عديلة وأخيها عبد القادر بقصد ارتكاب الجريمة، ويضاف إلى ذلك أن المجنى عليه شهد أنه ذهب نحو الطاعن فما اقترب منه صاح قائلا " أنت جاى ليه يابن....... " وأطلق عليه عيارا ناريا واحد أصابه فى رجله فلم تتعرض المحكمة لهذا الوضع وأثره على نية القتل حين يختار الطاعن رجل المجنى عليه هدفا له مع أن جسمه كان مكشوفا له مما يدل على عدم توافر نية القتل وعلى أن الطاعن كان فى مرحلة دفاع شرعى عن نفسه وأنه كان يحاول إبعاد المجنى عليه حتى لا يناله أذى منه.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالوجه الأول من طعن المتهمين الثلاثة الأول فإن الحكم المطعون فيه قال فى التدليل على ثبوت التهمة:" وشهد عبد الغنى عويس الخفير النظامى ...... وإذ ذاك عاجله الشعرواى يوسف المتهم الثالث بعيار نارى أصابه فى فخذه الأيمن وثنى عليه المتهم الرابع فريد يوسف بعيار آخر أطلقه عليه فأصابه فى ذراعه اليمنى وكان الشعراوى فى مواجهته وإلى يمينه عندما أطلق النار عليه وفريد يوسف واقفا بجواره وقد تأيدت أقوال المجنى عليه فى خصوص إصابته بالتقرير الطبى الشرعى الذى ثبت فيه أنه وجد مصابا بجرح نارى فتحة دخول بأسفل الوجه الوحشى للعضد الأيمن طوله 1.5 سنتيمترا واتجاهه رأسى ويشاهد من خلفه وأعلاه بنحو 3 سنتيمترا جرح خروج قطره سنتيمتر وشوهدت بعض وحدات النمش البارودى حول جرد الدخول ويظهر الساعد الأيمن والوجه ومقدم العنق كما وجد مصابا بثلاثة جروح نارية فتحات دخول بالنصف السفلى للوجه الوحشى والفخذ الأيمن تتراوح أقطارها بين 1 و 1.5 سنتيمترا والمسافة بين أعلى وأسفل إصابة 1 سنتيمتر ولوحظ وجود بعض وحدات من النمش البارودى الأسود اللون حولها ووحشية الركبة اليمنى كما لوحظ وجود جرح نارى بمقدم الركبة اليمنى طوله 4 سنتيمترات وعرضه 1.5 سنتيمترا واتجاهه من الوحشية للانسية والمسافة بين مستوى هذا الجرح وأعلى جرح بالفخذ الأيمن 20 سنتيمترا وانتهى الطبيب الشرعى فى نتيجة تقريره إلى أن إصابات المذكور المشاهدة بالذراع اليمنى ومقدم العنق تحدث من عيار نارى أطلق عليه من سلاح معمر بعدة مقذوفات نارية كأسلحة الصيد العادية وكان مطلق هذا العيار وقتئذ فى مواجهته والمسافة بينهما لا تتجاوز بضعة أمتار وأما الإصابات المشاهدة بفخذه الأيمن وركبته اليمنى فتحدث من عيار نارى أطلق عليه من سلاح معمر بعدة مقذوفات كأسلحة الصيد العادية وكان مطلق هذا العيار وقتئذ على يمينه والمسافة بينهما لا تتجاوز بضعة أمتار فنتيجة هذا التقرير تؤيد تماما رواية المجنى عليه عبد الغنى عويس فى جملتها وتفصيلها سواء من ناحية تحديد مواضع إصابته وعدد الأعيرة التى أطلقت عليه وموقف المتهمين الثالث والرابع (الطاعنين الأول والثانى) منه عندما أطلقاها عليه". ولما كان التقرير الطبى يدل على أن المجنى عليه أصيب من عيارين وكان ما أثبته الحكم نقلا عن التقرير الطبى وأخذ بأقوال المجنى عليه من حصول إصابات هذا الأخير من عيارين أطلقا من اتجاهين مختلفين يعتبر ردا ضمنيا على ما ذهب إليه الدفاع عن الطاعنين فى مرافعته من حصول الإصابات من عيار واحد وكان ما قاله الحكم عن تأييد هذه الوقائع بشهادة ابراهيم خليل سعدة شيخ البلد يسنتد إلى أساس أورده الحكم وهو ما قاله الشاهد المذكور من أنه انتقل إلى المصابين عقب الحادث وسأل المجنى عليه عبد الغنى عويس فأخبره أن الشعراوى أطلق عليه النار، وكان الخلاف بين أقوال هذا الشاهد والنتيجة التى انتهى إليها الحكم من إدانة الطاعنين لا يعتبر تناقضا يعيبه ما دامت المحكمة فى حدود سلطتها الموضوعية قد استنتجت من باقى أدلة الدعوى ما ارتاح إليه ضميرها لإدانة الطاعن الثانى. لما كان ذلك فان هذا الوجه من الطعن يكون على غير أساس ويتعين رفضه.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالوجه الثانى من الطعن فانه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه قال بصدد إدانة الطاعن الثالث " وشهد عبد العاطى محمود عويس باسباب الحادث بما لا يخرج عما سلف ذكره منها. ورأى المتهمين مجتمعين هناك وعندما رآه عبد الحليم يوسف الشعراوى المتهم السادس أطلق عليه عيار ناريا أصابه فى رجله اليمنى.. وذكر أن المسافة بينه وبين عبد الحليم يوسف عندما أطلق عليه العيار كانت حوالى ستة أمتار وأن عبد الحليم كان قادما يجرى من الجهة الغربية متجها إلى الجهة الشرقية وكان هو آتيا من الجهة المضادة من الناحية الشرقية قاصدا إلى الناحية الغربية وقد جاء التقرير الطبى الشرعى مؤيدا لرواية هذا المجنى عليه أيضا إذ ثبت منه أنه وجد مصابا بجرح نارى فتحة دخول بالوجه الخلفى الوحشى للساق الأيمن عن اتصال ربعه السفى بما يعلوه مستدير الشكل قطره 0.75 سنتيمترا ويقابله جرح خروج بقطر مماثل بالوجه الخلفى الانسي لنفس الساق أسف مستوى جرح الدخول بمقدار 2 سنتيمترا ويدل شكل الإصابة وما أورد فحص الأشعة أن إصابته حدثت نتيجة مقذوف عيار نارى كرصاصة ذات سرعة عالية أو متوسطة اطلقت من سلاح نارى كالأسلحة المستعملة فى الجيوش وأخترقت الساق الايمن باتجاه من اليمين إلى اليسار بميل بسيط لأسفل أى أن مطلق هذا العيار كان وقتئذ على يمين المصاب والمسافة بينهما قد تصل إلى بضعة أو عدة أمتار". ولما كان للمحكمة أن تعول على رواية شاهد بذاتها دون غيرها من الروايات التى نقلها الحكم عن المجنى عليه وكان تصوير المجنى لعيه فى هذه الرواية لموقف الطاعن منه وقت إطلاق العيار النارى عليه وبعده عنه يتسع لأن يكون الطاعن على يمينه وهما يجريان فى اتجاهين متضادين أحدهما على بعد نحو ستة أمتار من الآخر. لما كان ذلك فإن هذا الوجه من الطعن يكون على غير أساس ويتعين رفضه.
ومن حيث إن الوجه الثالث من الطعن مردود بأن أقوال عبد الغنى محمود عويس كما أوردها الحكم المطعون فيه لا تفيد أن أخته زينب أصيبت في بداية الحادث ولا يمكن استنتاج ذلك من قوله إنه لما وصل لمحل الحادث بعد سماع الطلقات النارية وجدها مصابة فقد ذكر أيضا أنه وجد أخاه محمد مصابا كذلك ووجد يوسف عويس وولديه الشعراوى وفريد يحملون بنادق وان تقدير الدليل مسألة موضوعية مرجعها اقتناع المحكمة أو عدم اقتناعها وأن مطالبة المحكمة باتباع قاعدة ثابتة تطبقها على كل الوقائع وتتبعها مع كل الشهود وهو مصادرة لحريتها الأساسية فى وزن عناصر الاثبات المختلفة وتقيرها على الوجه الذى يرتاح إليه ضميرها.
وحيث إن الوجه الرابع من الطعن مردود كذلك بما لمحكمة الموضوع من حق فى تجزئة أقوال الشهود والأخذ بما تطمئن إليه منها واطراح ما لا ترتاح إليه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول طعن المتهمين الثلاثة الأول شكلا ورفضه موضوعا.
وحيث إنه فيما يتعلق بالوجه الأول من طعن الطاعن الأخير فإنه لما كان يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه ذكر فى سبيل التدليل على ثبوت التهمة على هذا الطاعن ما يأتى " وشهد عوض سلامة أنه أثناء جلوسه مع عبد العاطى محمود عويس أمام منزل هذا الأخير سمعا قبل الغروب صوت عيارين ناريين فقصدا إلى مكان الحادث حيه وجدا زينب محمود عويس ونوال عبد الشكور عويس مصابتين وراقدتين على الأرض....... وإذ ذاك أقبل المتهم السادس سالم السيد عبد الواحد حاملا بندقية وسبه بقوله (رايح فين يابن الكلب) ثم أطلق عليه عيار ناريا أصابه فى رجله اليمنى أثناء أن كان يستدير ليهرب وأكد أنه تحقق منه و أن أحدا آخر لم يطلق النار سواه فى اللحظة التى أصيب فيها وقد جاء فى التقرير الطبى عن هذا المجنى عليه أنه وجد مصابا بثلاثة جروح نارية تقع بالنصف السفلى للوجه الوحشى للساق الأيمن قطره (5) سنتيمترات والمسافة بين أعلى وأسفل إصابة 16 سنتيمترات كما ولحظ وجود جرح مشابه بطرف الإصبع الأصغر للقدم اليمنى وأوردت الأشعة سلامة العظام ووجود ظلال معدنية تشبه الرش المشطور بالنصف السفلى للساق الأيمن ويشير شكل الإصابات وما أوراه فحص الأشعى إلى أنها نتيجة عيار نارى أطلق على المجنى عليه من سلاح نارى معمر بالرش وكان مطلق هذا العيار وقتئذ على يمينه والمسافة بينهما قد تصل إلى بضعة أو عدة أمتار وظاهر بأن هذه النتيجة تتفق والتصوير الذى صور به المجنى عليه الحادث. وقد تأيدت الوقائع المتقدمة وتعززت بما شهد به خليل إبراهيم سعدة شيخ بلدة كفر شبرا فلوج من أنه انتقل عقب الحادث وسأل المصابين..... كما أخبره عوض سلامة عوض أن الذى أطلق عليه النار هو سالم السيد عبد الواحد". لما كان لمحكمة الموضوع أن تعوّل على رواية بعينها ولو أبداها فى التحقيقات دون غيرها من الروايات متى اطمأنت إليها وكان الطاعن لا يجال فى صحة الرواية التى نقلها الحكم عن المجنى عليه وكانت هذه الرواية تتضمن أن هذا الأخير رأى الطاعن وتحقق منه وأنه أطلق عليه عيارا ناريا أصابه فى رجله اليمنى أثناء أن كان يستدير وكان تصوير المجنى عليه لموقف الضارب منه وقت اطلاع العيار النارى عليه على ما أوره الحكم يتسع لتحقق الوضع الوارد فى التقرير الطبى من أن الضارب كان على يمين المجنى عليه وقت اطلاق العيار النارى عليه ولا يحتمل الجدل الذى يثيره الطاعن. لما كان ذلك فإن هذا الوجه من الطعن يكون على غير أساس ويتعين رفضه.
وحيث إنه فيما يتعلق بالوجه الثانى من الطعن فإنه لما كان يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه دلل على توافر نية القتل عند الطاعن بقوله " وحيث إن نية القتل ثابتة تماما قبل الشعراوى يوسف فريد يوسف وعبد الحليم يوسف وسالم السيد عبد الواحد ثبوتا لا يحتمل الشك من خروجهم هم وآخرون نم أقاربهم وأهليتهم من منازلهم على أثر الشجار الذى حصل قبيل الغروب يحمل كل منهم سلاحا ناريا معبأ بالذخيرة وأخذوا يطلقون مقذوفاتها على خصومهم من فريق عائلة محمود عويس قاصدين ازهاق أوراحهم فمات منهم من مات وأصيب الآخرون بالإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى والتى كادت تودي بحياتهم لولا مداركتهم بالعلاج وكان الدافع لهم على ذلك الشجار التافه الذى حدث بين زينب عويس وبين عديلة وأخيها عبد القادر عبد القادر عويس والذى حرك فيهم كوامن الحقد والغضب للحزازات القديمة فأقدموا على فعلتهم غير عابئين بنتيجة أعمالهم أو مقدرين لما يترتب عليها من مسئوليات."
ولما كان ما قاله الحكم كافيا لإثبات توافر نية القتل عند الطاعن وكان الحكم قد ذكر أن من بين الأسباب الحادث تحرير محضرين للإهمال فى نقاوة دودة القطن أحدهما ضد الطاعن والآخر ضد فريد يوسف بمعرفة معاون الزراعة فاعتقدا أن المسئول عن ذلك هو عبد العاطى محمود عويس ابن صاحب العزبة المعين ملاحظا لأعمال نقاوة الدودة، لما كان ما قاله الحكم بهذا الخصوص له أصل فى أقوال عبد العاطى محمود عويس وكانت واقعة الحادث كما حصلها الحكم من أقوال عوض سلامة تنفى قيام حالة الدفاع الشرعى عند الطاعن وتدل على أن الطاعن اعتدى على المجنى عليه أثناء ما كان يستدير محاولا الهرب من أمامه وكان الطاعن لم يثر فى دفاعه أمام المحكمة أنه كان فى حالة دفاع شرعى عن النفس، لما كان ذلك فإن هذا الوجه من الطعن يكون على غير أساس ويتعين رفضه.
وحيث إنه لكل ما تقدم يكون طعن الطاعنين على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.