أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 6 - صـ 738

جلسة 4 من إبريل سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ مصطفى فاضل المستشار، وبحضور السادة الأساتذة: حسن داود، ومحمود ابراهيم إسماعيل، وإسحق عبد السيد ومحمود محمد مجاهد المستشارين.

(240)
القضية رقم 81 سنة 25 القضائية

دفاع. حضور محام مع المتهم فى الجناية. واجب قانون امتناع المحامى الحاضر عن الدفاع وطلبه التأجيل حتى يحضر المحامى الأصيل ويطلع على ما جد من تحقيق ومعاينة. عدم إجابة هذا الطلب والفصل فى الدعوى بدون ندب محام آخر للدفاع عن المتهم. إخلال بحق الدفاع.
إن القانون قد أوجب حضور محام مع المتهم فى الجناية، وإذن فإذا كانت المحكمة بعد أن امتنع المحامى الحاضر عن إبداء الدفاع، وطلب التأجيل وأصر عليه حتى يحضر محامى المتهم الأصيل، قد رأت عدم إجابته إلى طلبه ولم تندب محاميا آخر يطلع على أوراق الدعوى ويترافع بما يراه محققا لمصلحة المتهم فيما جد من تحقيق ومعاينة، بل فصلت فيها بإدانة المتهم دون أن تتيح له الفرصة لإبداء دفاعه كاملا - فإن هذا التصرف من جانبها ينطوى على إخلال بحق المتهم فى الدفاع يعيب حكمها بما يستوجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: قتل عمدا السيد احمد عراقى بأن انتوى قتله وأعد لذلك سلاحا ناريا "بندقية" وأطلق عليه عيارا ناريا قاصدا قتله. فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية و التى أودت بحياته.
وكان ذلك مع سبق الإصرار، وطلبت إلى قاضى الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادتين 230 و231 من قانون العقوبات - فقرر بذلك، وقد ادعت زوجة القتيل عديله محمد أحمد بحق مدنى قبل المتهم وطلبت أن يحكم لها بمبلغ مائة جنيه مصرى تعويضا. ومحكمة جنايات كفر الشيخ قضت حضوريا عملا بمادتى الاتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وبإلزامه بأن يدفع للمدعية بالحق المدنى "عديله محمد احمد" مبلغ مائة جنيه والمصاريف المدنية وألف قرش مقابل أتعاب المحاماة فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض … الخ.


المحكمة

… وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أن المحكمة أخلت بحقه فى الدفاع ذلك بأنها بعد أن انتقلت للمعاينة وأجرت تحقيقا تكميليا مثل الطاعن فيها الأستاذ مرقص بطرس المحامى طبت من الدفاع إبداء ملاحظات على المعاينة والتحقيق التكميلي فطلب منها الأستاذ مرقص بطرس التأجيل لحضور الأستاذ فتحى الشرقاوى المحامى الآخر للطاعن لمرضه وقدم لها شهادة داله على مرضه فرأت التأجيل لجلسة 15 يونيه سنة 1954 لهذا السبب وفى هذه الجلسة لم يحضر الأستاذ الشرقاوى لمرضه ولم ير الأستاذ مرقص أن يقوم بالدفاع عن الطاعن خصوصا بعد ما ستجد من معاينة وتحقيق تاركا للمحامي الأصلي التعليق علي هذا كله، وعلي ما استجد بعد عدول المحكمة عن قرارها بضم القضايا التى طلب الدفاع ضمها وإعلان الشهود، وطلب من المحكمة التأجيل ولكنها لم تؤجل القضية، ولم تندب محاميا أخر ليقوم بواجب الدفاع عن الطاعن، بل فصلت فى الدعوى بعد أن وقف الطاعن وحده أمامها بلا محام.
وحيث إنه يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن المحكمة بعد أن سمعت مرافعات الخصوم فى الدعوى أجرت معاينة على مكان الحادث بناء على طلب الدفاع وذلك بتاريخ 12 من يونيه سنة 1954، وبعد أن انتهت من إثبات المعاينة حددت جلسة اليوم التالى ليبدى كل من الدفاع عن المدعين بالحقوق المدنية والطاعن ملاحظتهم ونبهت المحكمة على كل من يوسف يوسف الشهاوى و شيخ البلد والسيد اسماعيل شلبى شيخ الخفراء بالحضور فى هذا الموعد للجلسة، وفى هذا اليوم سمعت أقوال اثنين من الشهود ثم أثبتت ملاحظة هذا نصها "وهنا طلبت المحكمة من الأستاذ مرقص بطرس محامى المتهم إبداء ملاحظاته على المعاينة إن كان لديه ملاحظات. فقال إن المتهم مصر على أن محاميه الموكل عنه أخيرا هو الأستاذ فتحى الشرقاوى ويصر على ضرورة إطلاعه على محضر المعاينة الذى تم أمس، وعلى أقوال الشاهدين اللذين سمعا اليوم وذلك تحقيقا لدفاع المتهم التمس التأجيل حتى يحضر الأستاذ فتحى الشرقاوى محامى المتهم الذى منعه مرضه من الحضور أمس، وأصر الأستاذ مرقص بطرس على ما أبداه اليوم" وقد قررت المحكمة استمرار المرافعة لجلسة 15 من يونيه سنة 1954 ليبدى محامى الطاعن ملاحظاته على المعاينة التى أجرتها المحكمة إن كانت لديه ملاحظات عليها وأمرت بالقبض على الطاعن وحبسه على ذمة القضية. وبجلسة 15 من يونيه سنة 1954 حضر الطاعن ومعه الأستاذ مرقص بطرس الذى قال إن الأستاذ الشرقاوى مريض ولم يمكنه الحضور وأن الطاعن يصر على أن يترافع عن الأستاذ الشرقاوى الذى يهمه الاطلاع على محضر المعاينة والرسم الكروكى لمكان الحادث الذى تم بمعرفة المحكمة. وقد أثبتت بمحضر الجلسة بعد ذلك ما يأتي" والمحكمة سألت الأستاذ مرقص بطرس المحامى الحاضر مع المتهم هل لديه ملاحظات لإبدائها على المعاينة التى عملت فقال اترك حق ذلك إلى الأستاذ فتحى الشرقاوى المحامى الذى درس الدعوى وباشرها من فجر التحقيق وقدم شهادة مرضية تفيد مرض الأستاذ فتحى الشرقاوى وطلب التأجيل لهذا السبب. وقال الأستاذ مرقص بطرس المحامى إنه يهمه كذلك سماع شهادة الشاهدين عبد العزيز وعبد الحليم ناصف. فوجهت إليه المحكمة أن طلب سماع هذين الشاهدين كان بناء على طلبها هى، وأصر الأستاذ مرقص بطرس على التأجيل وصمم على طلباته. "ثم قررت المحكمة إقفال باب المرافعة وإصدار الحكم بعد المداولة. ثم أصدرت حكمها بعد ذلك. ولما كان يبين مما تقدم أن الطاعن تمسك بحضور محاميه الأستاذ فتحى الشرقاوى لإبداء ملاحظاته على المعاينة بعد أن يطلع عليها، وعلى ماجد من تحقيقات، وأن المحكمة وإن أجابت هذا الطلب أول مرة، فأجلت نظر الدعوى إلى جلسة 15 من يونيه سنة 1954 لحضور الأستاذ الشرقاوى مما يدل على اقتناعها بوجهة نظر الطاعن. إلا أنه لما لم يحضر بجلسة 15 من يونيه المذكور لم تر التأجيل مرة أخرى لمرضه، على الرغم من حضور الأستاذ مرقص بطرس وإصراره على ذلك وتقديمه شهادة دالة على مرض الأستاذ الشرقاوى وعدم مرافعته. لما كان ذلك، وكان القانون قد أوجب حضور محام مع المتهم فى الجناية، وكانت المحكمة بعد أن امتنع المحامى الحاضر عن إبداء الدفاع وطلب التأجيل وأصر عليه حتى يحضر محامى الطاعن الأصيل، ورأت عدم إجابته إلى طلبه، لم تندب محاميا آخر يطلع على أوراق الدعوى ويترافع فيها بما يراه محققا لمصلحة المتهم فيما جد من تحقيق ومعاينة، بل فصلت فيها بإدانة الطاعن دون أن تتيح له الفرصة لإبداء دفاعه كاملا - فإن هذا التصرف من جانبها ينطوى على إخلال بحق الطاعن فى الدفاع يعيب حكمها بما يستوجب نقضه. وذلك دون حاجة لبحث باقى أوجه الطعن.