أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة الأولى - من 27 أكتوبر سنة 1949 لغاية 22 يونيو سنة 1950 - صـ 102

جلسة 15 من ديسمبر سنة 1949

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وحضور حضرات أصحاب العزة: عبد العزيز محمد بك ومحمد علي رشدي بك وعبد المعطي خيال بك وعبد الحميد وشاحي بك المستشارين .

(30)
القضية رقم 50 سنة 18 القضائية

ا - بيع بات في ظاهر نصوصه . إثبات أنه يستر رهناً حيازياً جائز بكل الطرق إقرار صادر بعد العقد بأربع سنوات اعتباره ورقة ضد للعقد . يصح . يكفي توافر المعاصرة الذهنية بينه وبين العقد .
ب - بيع وفاء . نفاذ مفعوله كبيع بمجرد التعاقد وإن تعلق على شرط فاسخ ورقة تدل عبارتها على أن البيع لا يكون نافذاً في مدة الوفاء . اعتبارها شرط تمليك في نهاية الأجل المحدد للوفاء . اعتبار سائغ . حكم . تسبيبه .
1 - إنه وفقاً للمادة 399 من القانون المدني يجوز للبائع أن يثبت بأي طريق من طرق الإثبات أن العقد وإن كان بحسب نصوصه الظاهرة بيعاً باتاً فإنه في حقيقة الأمر يستر رهناً حيازياً . وإذن فإذا كان الحكم قد استخلص من شهادة الشهود الذين سمعتهم المحكمة أن الإقرار الصادر بعد العقد محل الدعوى بحوالي أربع سنوات إنما ينصب على هذا العقد واستنتج من عباراته أن الطرفين في ذلك العقد إنما قصدا به في الحقيقة أن يكون ساتراً لرهن حيازي فإنه لا يكون قد أخطأ، إذ يكفي في اعتبار الإقرار المذكور ورقة ضد توافر المعاصرة الذهنية التي تربطه بالعقد وإن اختلف تاريخهما .
2 - إذا كانت الورقة المختلف على تكييفها - هل هي ورقة ضد عن العقد المتنازع على حقيقة المقصود منه أم هي وعد بالبيع - مذكوراً فيها أنه " إذا مضى الميعاد المحدد ولم يدفع المبلغ فيكون البيع نافذ المفعول "، فهذا يدل على أن البيع لا يكون نافذ المفعول في مدة الوفاء، وليس هذا شأن بيع الوفاء الحقيقي الذي ينفذ مفعوله كبيع بمجرد التعاقد وإن تعلق على شرط فاسخ، وإذن فاعتبار تلك الورقة متضمنة شرط تمليك الدائن للأطيان مقابل الدين في نهاية الأجل المحدد للوفاء، هو اعتبار تسوغه عبارتها وليس فيه مسخ لمدلولها .


الوقائع

في يوم 22 من مارس سنة 1948 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف أسيوط الصادر يوم 28 من يناير سنة 1948 في الاستئناف رقم 949 س ق 20، وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن قبول الطعن شكلاً ونقض الحكم المطعون فيه والحكم في موضوع الدعوى برفض دعوى المطعون عليه وإلزامه بمصروفات مراحل التقاضي الثلاث ومقابل أتعاب المحاماة عنها - واحتياطياً إحالة الدعوى على محكمة استئناف أسيوط وإلزام المطعون عليه بصفته بمصروفات الطعن ومقابل أتعاب المحاماة الخ الخ .


المحكمة

ومن حيث إنه بنى على ثلاثة أسباب حاصل أولها أن الحكم المطعون فيه إذا اعتبر عقد البيع المؤرخ في 14 من سبتمبر سنة 1924 بيعاً وفائياً ساتراً لرهن ورتب على هذا الاعتبار بطلانه عملاً بالمادة 339 من القانون المدني فقد أخطأ في تطبيق الفانون، ذلك أن البيع المذكور صدر باتاً منجزاً وأن الإقرار المؤرخ في 12 من ديسمبر سنة 1928 الذي قال عنه الحكم إنه كشف عن حقيقة التعاقد السابق لم يكن معاصراً لعقد البيع ولا يعدو أن يكون وعداً بالبيع .
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأنه وفقاً للمادة 339 من القانون المدني يجوز للبائع أن يثبت بأي طريق من طرق الإثبات أن العقد وإن كان بحسب نصوصه الظاهرة بيعاً باتاً إلا أنه في حقيقة الأمر يستر رهناً حيازياً . ولما كان الحكم قد استخلص من شهادة الشهود الذين سمعتهم المحكمة أن الإقرار المشار إليه إنما ينصب على عقد البيع سالف الذكر واستنتج من عباراته أن الطرفين في عقد 14 من سبتمبر سنة 1924 إنما قصدا به في الحقيقة أن يكون ساتراً لرهن حيازي، وكان يكفي في اعتبار هذا الإقرار ورقة ضد توافر المعاصرة الذهنية التي تربط الورقة بالعقد ولو اختلف تاريخها - لما كان ذلك، كان لا محل لما ينعاه الطاعن على الحكم من خطأ في تطبيق القانون .
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم باطل من وجهين الأول لقصور أسبابه والآخر لتناقضه مع ما جاء بالحكم التمهيدي الصادر من محكمة أول درجة في 23 من مارس سنة 1944 . أما وجه القصور فلأنه أغفل الرد على دفاع الطاعن بأن عقد البيع سالف الذكر صدر باتاً وأن الإقرار المشار إليه لا ينصب عليه لخلوه من بيان العقار المبيع ومن الإشارة إلى تاريخ عقد البيع المقصود ولاختلاف تاريخه عن تاريخ العقد المذكور . أما التناقض فلأن الحكم التمهيدي اعتبر الإقرار المشار إليه مبدأ ثبوت بالكتابة لا دليلاً كاملاً ولذلك أحال القضية على التحقيق ليثبت المطعون عليه أن هذا الإقرار إنما ينصب على البيع سالف الذكر، وقد عجز عن هذا الإثبات فكان لزاماً على المحكمة أن تقضي برفض دعواه .
ومن حيث إن الوجه الأول من هذا السبب مردود بأن الحكم بعد أن ذكر مضمون أقوال شهود الطرفين قال " إنه يستنتج من ذلك ( يقصد أقوال الشهود ) ومن مطابقة مقدار الأطيان ومقدار المبلغ الوارد بالعقد المذكور لمقدار الأطيان ومقدار المبلغ الوارد بالورقة أن ورقة الضد هي عن عقد البيع وأنهما متصلان بمعاملة واحدة ولا بد من تفسير المقصود من التصرف بالرجوع إليهما معاً، ثم ناقش عبارة الضد وفسرها بأنها تكشف عن أن عقد 14 من سبتمبر سنة 1924 هو في حقيقته ساتر لرهن - وهذه الأسباب من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم . أما الوجه الثاني فمردود كذلك بأن الحكم إنما أقام قضاءه على تفسير ورقة الضد المشار إليها باعتبارها كاشفة لحقيقة نية المتعاقدين بعد أن استنتج استنتاجاً سائغاً من أقوال الشهود منضمة إلى القرائن الأخرى السابق إيرادها أنها تنصب على عقد البيع سالف الذكر وبذلك ينتفي التناقض .
ومن حيث إن السبب الثالث يتحصل في أن الحكم فسر الإقرار المشار إليه بما لا تحتمله عبارته .
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن الحكم قال في هذا الخصوص " إن المدعى عليه يقول إن هذه الورقة ليست ورقة وإنما هي وعد بالبيع ولكن عبارتها لا تدل على البيع إذ جاء بها: ( من خصوص الفدانين المباعين لي من المقدس بطرس عبد المسيح من المنشأة بمبلغ 200 جنيه مصري قد أعطيته ميعاداً لمدة سنتين من تاريخه إذا أحضر المبلغ المذكور أرفع يدي عن الأطيان وإذا مضى الميعاد ولم يدفع المبلغ فيكون البيع نافذ المفعول )، ومن هذا يبين أن يده موقوتة بإحضار الدين وأنه ليس له غير يد مجردة هي عين الحيازة التي للمرتهن، ولو كان مالكاً لعبر بألفاظ التمليك لا بألفاظ إنهاء الرهن وهي رفع اليد عن المرهون كما أن عبارة ( إذا مضى الميعاد المحدد ولم يدفع المبلغ فيكون البيع نافذ المفعول ) تدل على أن البيع لا يكون نافذ المفعول في مدة الوفاء وليس هذا شأن بيع الوفاء الحقيقي .
إذ ينفذ مفعوله كبيع بمجرد التعاقد وإن تعلق على شرط فاسخ . أما العبارة فتتضمن شرط تملك الدائن للأطيان مقابل الدين في نهاية الأجل المحدد للوفاء " . ولما كان هذا الذي قاله الحكم تفسيراً سائغاً لعبارة الإقرار كان النعي عليه بالمسخ لا مبرره له .
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه .