أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة الأولى - من 27 أكتوبر سنة 1949 لغاية 22 يونيو سنة 1950 - صـ 114

جلسة 22 من ديسمبر سنة 1949

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وحضور حضرات أصحاب العزة: عبد العزيز محمد بك ومحمد علي رشدي بك وعبد المعطي خيال بك ومحمد نجيب أحمد بك المستشارين .

(34)
القضية رقم 23 سنة 18 القضائية

إجارة . بيع العين المؤجرة . ينقل الحقوق والالتزامات المتولدة من عقد الإجارة من ذمة المؤجر البائع إلى ذمة المشتري . علم المستأجر بانتقال الملكية إلى المشتري . ذمته لا تبرأ من الأجرة إلا بالوفاء بها للمشتري سواء أكانت الإجارة من البائع أم ممن تلقى عنه حق الاغتلال ( متقاسم مهايأة ) . إلزام الشفيع بريع العين المشفوعة من تاريخ علمه بشراء المشفوع منه حتى تاريخ دفعه ثمنها . صحيح .
بيع العين المؤجرة، وإن كان لا يفسخ عقد الإجارة الثابت تاريخه رسمياً قبل البيع، إلا أنه ينقل بحكم القانون الحقوق والالتزامات المتولدة من هذا العقد من ذمة المؤجر البائع إلى ذمة المشتري بحيث يقوم مقام المؤجر في هذه الحقوق والالتزامات جميعاً . ومن ثم فمتى علم المستأجر بانتقال ملكية العين إلى مشتر جديد فإن ذمته لا تبرأ من أجرتها إلا بالوفاء بها إلى هذا المشتري . ويستوي أن يكون مستأجر العين قد استأجرها من مالكها الذي باعها أو استأجرها من شخص آخر تلقى عن المالك البائع حق اغتلالها بمقتضى عقد قسمة مهايأة . ذلك أن هذا العقد لا يولد إلا حقوقاً شخصية، ومن ثم لا يسري بغير نص في حق المشتري الذي سجل عقده . ويترتب على ذلك أن ذمة المستأجر من المتقاسم مهايأة لا تبرأ من دين الأجرة إلا بالوفاء به إلى المشتري . وإذن فالحكم القاضي بإلزام الشفيع، الذي كان مستأجراً للعين التي حكم له بأخذها بالشفعة بعقد ثابت التاريخ، بريع العين المشفوعة من تاريخ علمه بشراء المشفوع منه المسجل عقده حتى تاريخ دفعه ثمنها تنفيذاً لحكم الشفعة هو حكم صائب .


الوقائع

في يوم 14 من فبراير سنة 1948 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر يوم 10 من ديسمبر سنة 1947 في الاستئنافين رقمي 815 س ق 63 و301 س ق 64 وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن قبول الطعن شكلاً والحكم موضوعاً: ( أولاً ) بنقض الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلزام الشيخ إبراهيم محمد زيدان بأن يدفع للشيخ أحمد حسن الزهيري مبلغ 317 مليماً و170 جنيهاً تعديلاً للحكم المستأنف ( ثانياً ) الحكم في الاستئناف رقم 815 س ق 63 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى الريع وملحقات الثمن جميعاً واحتياطياً الحكم بنقض الحكم الاستئنافي وإعادة القضية للفصل فيها من دائرة أخرى، ( ثالثاً ) إلزام المطعون عليه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن جميع مراحل التقاضي الخ الخ .


المحكمة

ومن حيث إن واقعة الدعوى فيما تعلق منها بالطعن تتحصل في أن المطعون عليه اشترى من السيدة ارزينا سجاداه 3ف 4ط 10س بعقد رمسي تاريخه 23 من ديسمبر سنة 1936، وأن الطاعن طلب تملك هذه العين بالشفعة وحكم له بها في 29 من أبريل سنة 1942 مقابل الثمن وملحقاته القانونية وأنه عرض في 31 من أغسطس سنة 1942 على يد محضر مبلغ 44 مليماً و201 جنيهاً على المطعون عليه الذي تسلمه وأعطى عنه مخالصة ثم طالب الطاعن بباقي ملحقات الثمن وبريع العين المشفوعة من وقت علم الطاعن بشرائه حتى تاريخ عرضه الثمن، باعتبار أن الطاعن كان يده عليها في هذه المدة .
ومن حيث إن الطعن بني على ستة أسباب، حاصل الأربعة الأولى منها هو أن الحكم المطعون فيه إذ قرر أن العين المشفوعة لا تدخل فيما استأجره الطاعن قد استند في ذلك إلى دليل ممسوخ، وخالف الثابت في الأوراق والمستندات، كما أنه قد جهل الإجراءات الواقعية التي أمرت بها محكمة أول درجة من تكليف خبير الدعوى المرة معاينة العين المشفوعة وتحديد ما إذا كانت تدخل أو لا تدخل فيما استأجره الطاعن، كما أنه لم يورد ما انتهى إليه تقرير الخبير في هذا الشأن .
ومن حيث إن هذا الذي ينعاه الطاعن على الحكم ليس من شأنه أن يؤثر في النتيجة السليمة التي انتهى إليها ولا في الأسباب التي أقيم عليها، كما سيجيء بعد .
ومن حيث إن حاصل السبب الخامس هو مخالفة الحكم للقانون، إذ طبق على واقعة الدعوى القاعدة المنصوص عليها في المادتين 145 و146 من القانون المدني القديم، في حين أن الطاعن كان يضع يده على العين المبيعة بسبب شرعي هو استئجارها بعقد ثابت التاريخ في 26 من نوفمبر سنة 1935 من السيدة ارتميس أوغسطة التي كسبت حق اغتلالها بمقتضى عقد قسمة المهايأة الثابت تاريخه في 29 من سبتمبر سنة 1932 في مقابل اختصاص السيدة ارزينا المالكة البائعة باغتلال عين أخرى .
ومن حيث إنه جاء بالحكم: " أن حكم الشفعة وإن كان ينقل الملكية إلى الشفيع من وقت صدوره إلا أنه لا يخوله الاستيلاء على الريع إلا بعد الوفاء بالثمن وللمشفوع منه حق الانتفاع بما اشتراه واستغلاله لنفسه حتى يدفع له الشفيع الثمن والمصاريف . ومن ثم يكون الريع من تاريخ الشراء حتى عرض الثمن في 31 من أغسطس سنة 1942 للشيخ أحمد حسن الزهيري " - وجاء فيه أيضاً: " أنه يبين من محضر التسليم المقدم من الشيخ إبراهيم محمد زيدان أن الشيخ أحمد حسن الزهيري حاول استلام الأطيان المبيعة في 27 من يناير سنة 1937 فاعترضه الشيخ إبراهيم محمد زيدان ثم رفع دعوى الشفعة في يومي 11 و13 من فبراير سنة 1937 فهو عالم بملكية العين للشيخ أحمد حسن الزهيري من هذا التاريخ، فلا يصير حسن النية في تملك الثمر، ويجب عليه الوفاء بها للمشتري دون السيدة أرتميس التي يدعي استئجار هذا القدر منها " - ولما كان هذا الذي انتهى إليه الحكم صحيحاً قانوناً، إذ القاعدة هي أن بيع العين المؤجرة وإن كان يفسخ عقد الإجارة الثابت تاريخه رسمياً قبل البيع إلا أنه ينقل بحكم القانون الحقوق والالتزامات المتولدة من هذا العقد من ذمة المؤجر البائع إلى ذمة المشتري بحيث يقوم مقام المؤجر في هذه الحقوق والالتزامات معاً . ومن ثم فمتى علم المستأجر بانتقال ملكية العين إلى مشتر جديد فإن نيته لا تبرأ من أجرتها إلا بالوفاء بها إلى هذا المشتري ويستوي أن يكون مستأجر العين قد استأجرها من مالكها الذي باعها أو استأجرها من شخص آخر تلقى عن المالك البائع حق اغتلالها بمقتضى عقد قسمة مهايأة، ذلك أن هذا العقد لا يولد إلا حقوقاً شخصية ومن ثم فلا يسري بغير نص في حقوق المشتري الذي سجل عقده، ويترتب على ذلك أن ذمة المستأجر من المتقاسم مهايأة لا تبرأ من دين الأجرة إلا بالوفاء به إلى المشتري - ولما كان الحكم قد قضى بإلزام الطاعن بريع العين من تاريخ علمه بشراء المطعون عليه حتى تاريخ دفعه ثمنها تنفيذاً لحكم الشفعة فإنه يكون قد أصاب .
ومن حيث إن حاصل السبب السادس هو خطأ الحكم إذ خالف نص المخالصة المكتوبة على هامش محضر العرض المؤرخ في 31 من أغسطس سنة 1942 وقضى بإلزام الطاعن بأن يدفع إلى المطعون عليه مبلغ 350 مليماً و20 جنيهاً قيمة أتعاب تحرير عقد البيع والسمسرة .
ومن حيث إنه جاء بالحكم أن نص المخالصة هو " استلمت أنا الموقع على هذا .... من يد حضرة المحضر .... المبلغ المعروض وقدره .... وذلك حسب الموضح بالحساب المبين بمحضر العرض . هذا وإني أقرر بأن أعطيه بموجب هذا مخالصة نهائية بهذا المبلغ الذي تسلم إلينا من حضرته وذلك وفقاً للحساب الموضح بهذا العرض " - كما جاء به أيضاً: " أن هذه المخالصة وفقاً لنصها سالف الذكر ليست مبرئة لذمة الشيخ إبراهيم محمد زيدان وإنما هي مخالصة عن المبلغ المعروض . وفي 7 من سبتمبر سنة 1942 أنذره الشيخ أحمد حسن الزهيري بأنه ل يعرض مبالغ أخرى من ملحقات الثمن بينها بإنذاره، فرد عليه الشيخ إبراهيم محمد زيدان بإنذاره المؤرخ في 24 من سبتمبر سنة 1942 بأنه إذا كان للشيخ أحمد حسن الزهيري مبالغ أخرى خلاف المبلغ المعروض فإنه يدعوه للحضور في ظرف أربعة أيام لمقابلة محاميه ... ومعه بيان المفردات التي يطالب بها والمستندات الدالة عليها - ومن حيث إن المستفاد من نص المخالصة والإنذارين المتبادلين بين الطرفين أن محضر العرض ليس مبرئاً لذمة الشيخ إبراهيم محمد زيدان من الملحقات . " ولما كان هذا الذي حصله الحكم سائغاً كان نعي الطاعن عليه مردوداً .
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً .