أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة الأولى - من 27 أكتوبر سنة 1949 لغاية يونيه سنة 1950 - صـ 180

جلسة 12 من يناير سنة 1950

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وحضور حضرات أصحاب العزة: عبد المعطي خيال بك وعبد الحميد وشاحي بك وسليمان ثابت بك ومحمد نجيب أحمد بك المستشارين.

( 52 )
القضية رقم 87 سنة 18 القضائية

شرط جزائي. تعلقه بالتزام معين. وجوب التقيد به أياً كان الوصف الصحيح للعقد الذي تضمنه بيعاً أو تعهداً بالسعي لدى الغير لإقرار البيع.
الشرط الجزائي متى تعلق بالتزام معين وجب التقيد به وإعماله في حالة الإخلال بهذا الالتزام أياً كان الوصف الصحيح للعقد الذي تضمنه بيعاً كان أو تعهداً من جانب الملتزم بالسعي لدى الغير لإقرار البيع. وإذن فإذا كان الحكم مع إثباته إخلال الملتزم بما تعهد به بموجب العقد من السعي لدى من ادعى الوكالة عنهم لإتمام بيع منزل في حين أنه التزم بصفته ضامناً متضامناً معهم بتنفيذ جميع شروط العقد لم يعمل الشرط الجزائي المنصوص عليه في ذلك العقد قولاً بأن العقد في حقيقته لا يعدو أن يكون تعهداً شخصياً بعمل معين من جانب المتعهد فإنه يكون قد أخطأ.


الوقائع

في يوم 19 من مارس سنة 1948 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر يوم 7 من مارس سنة 1948 في الاستئناف رقم 773 س ق 64 وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع نقض الحكم المطعون فيه والحكم أصلياً بتأييد الحكم الصادر من محكمة القاهرة الابتدائية بتاريخ 13/ 4/ 1947 في القضية رقم 1683 سنة 1945 كلي مصر واحتياطياً إحالة الدعوى على محكمة استئناف القاهرة للحكم فيها مجدداً من دائرة أخرى مع إلزام المطعون عليه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجات التقاضي الثلاث - وفي 23 من مايو سنة 1948 أعلن المطعون عليه بتقرير الطعن - وفي 5 من يونيه سنة 1948 أودع الطاعن أصل ورقة إعلان الخصم بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته - وفي 22 منه أودع المطعون عليه مذكرة بدفاعه طلب فيها رفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 3 من يوليه سنة 1948 أودع الطاعن مذكرة بالرد - وفي 13 منه أودع المطعون عليه مذكرة بملاحظاته على الرد.
وفي 12 من أكتوبر سنة 1949 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة استئناف القاهرة للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى الخ الخ.


المحكمة

ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ لم يعمل الشرط الجزائي المتفق عليه في العقد المبرم بينه وبين المطعون عليه في 16 من أكتوبر سنة 1944 والذي ينص على أنه " في حالة توقف أحد الطرفين عن تنفيذ الاشتراطات المدونة بالعقد، فالمتوقف يكون ملزماً بأداء مبلغ 500 جنيه بصفة تعويض للطرف الآخر " مؤسساً قضاءه على أن " ما وصف به العقد يخالف الواقع وأنه في حقيقته لا يعدو أن يكون تعهداً شخصياً بعمل معين فإن إنزال حكم الشرط الجزائي على الإخلال بهذا التعاقد لا يستقيم مع واقع الحال وقصد المتعاقدين الذي كان متجهاً إلى الجمع بين البائعين والتوحيد بينهم في الالتزام بتنفيذ البيع بطريق التضامن بحسبانه بيعاً صحيحاً منتجاً لآثاره " - إذ قضى الحكم بذلك أخطأ في القانون. ذلك أن الشرط الجزائي يصح الاتفاق عليه في أي عقد أياً كان وصفه بيعاً كان أو تعهداً بعمل معين، وأن المتعهد عن الغير يلزم بالتعويض ولو كان سبب عدم تنفيذ تعهده فشله في حمل ذلك الغير على إقرار التعهد وقد أثبت الحكم " أن العقد المؤرخ 16 من أكتوبر سنة 1944 مؤداه أن المستأنف (المطعون عليه) يبذل كل ما في وسعه لإتمام الصفقة وهذا التعهد يستلزم من جانبه سعياً متواصلاً وجهداً مستمراً لكي يدلل على حسن نيته في تنفيذ تعهده وأنه كان جاداً فيما أخذه على عاتقه ولم يكن هازلاً فيه وأنه جد في سعيه أن يحصل على هذه الموافقة فإن هو عجز كان مقصراً ومن حق العاقد الآخر أن يطالبه بتعويض ما ناله من ضرر لقاء تقصيره " وانتهى من ذلك إلى تقدير التعويض المستحق للطاعن بمبلغ مائتي جنيه فقط في حين أن التعويض المتفق عليه في حالة إخلال المطعون عليه بأي شرط من شروط العقد هو مبلغ خمسمائة جنيه وبذلك يكون الحكم قد خالف نصوص العقد كما خالف المادة 123 من القانون المدني (القديم) التي تنص على أنه " إذا كان مقدار التضمين في حالة عدم الوفاء مصرحاً به في العقد أو في القانون فلا يجوز الحكم بأقل منه أو أكثر ".
ومن حيث إن واقعة الدعوى فيما يتعلق بالطعن تتحصل في أنه في 16 من أكتوبر سنة 1944 تعاقد الطاعن مع المطعون عليه الذي ذكر في العقد أنه يتعاقد عن نفسه وبصفته وكيلاً عن آخرين سماهم ورضى أن يكون ضامناً متضامناً معهم على بيع المنزل الموضح بالعقد نظير ثمن مقداره 2800 جنيه وأقر المطعون عليه في البند الثالث من العقد بأنه تسلم من الطاعن 195 جنيهاً من أصل الثمن بالنيابة عن جميع البائعين وتعهد في البند الخامس بأن يقدم إلى الطاعن هو وباقي البائعين (الذين قال إنه وكيل عنهم) جميع مستندات التمليك عقب التوقيع على العقد الابتدائي وقبل تحرير النهائي على أن لا يتعدى موعد تحريره ثلاثة شهور من تاريخ تحرير العقد الابتدائي ونص في البند التاسع على أنه " في حالة توقف أحد الطرفين عن تنفيذ الاشتراطات المدونة بهذا العقد فالمتوقف يكون ملزماً بأداء مبلغ 500 جنيه بصفة تعويض للطرف الآخر ". ونص في البند العاشر على أنه " إذا توقف الطرف الأول (المطعون عليه) عن التوقيع على عقد البيع النهائي في المدة المحددة بالبند الخامس فللطرف الثاني (الطاعن) الخيار في طلب تنفيذ هذا العقد بأخذ حكم بصحة ونفاذ البيع أو طلب إلزام الطرف الأول بأداء التعويض المنصوص عليه في البند التاسع " ولما تأخر المطعون عليه في تقديم مستندات التمليك إلى الطاعن في الموعد المتفق عليه أنذره في 14 من يناير سنة 1945 محدداً له أسبوعاً لتنفيذ شروط العقد فرد عليه المطعون عليه بإنذار في 4 من فبراير سنة 1945 قال فيه إن مهمته تنحصر في أن يتولى إقناع باقي البائعين بإتمام البيع وإنه ليس وكيلاً عنهم والطاعن وشأنه في السعي لديهم لإتمام البيع، فأقام عليه الطاعن الدعوى الحالية طالباً الحكم بإلزامه بمبلغ 500 جنيه التعويض المتفق عليه في العقد.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه مع إثباته إخلال المطعون عليه بما تعهد به بموجب العقد من السعي لدى الآخرين الذين ادعى الوكالة عنهم لإتمام البيع في حين أنه التزم بصفته ضامناً متضامناً معهم بتنفيذ جميع شروط العقد - مع إثباته ذلك لم يعمل الشرط الجزائي سالف الذكر بحجة أن ما وصف به العقد يخالف الواقع وأنه في حقيقته لا يعدو أن يكون تعهداً شخصياً من جانب المطعون عليه بعمل معين. ولما كانت هذه الحجة مردودة بأن الشرط الجزائي متى تعلق بالتزام معين وجب التقيد به وإعماله في حالة الإخلال بهذا الالتزام أياً كان الوصف الصحيح للعقد الذي تضمنه بيعاً كان أو تعهداً من جانب الملتزم بالسعي لدى الغير لإقرار البيع - لما كان ذلك فإن الحكم يكون قد خالف قانون العقد ويتعين نقضه.
ومن حيث إنه لما كان الفصل في موضوع الدعوى يقتضي البحث فيما إذا كان التعويض المتفق عليه يعتبر أو لا يعتبر مبالغاً فيه والتعرض لقيمة المستندات التي قدمها الطاعن تأييداً لدعواه تعين إعادة القضية إلى محكمة الاستئناف المفصل فيها مجدداً على الأساس السابق بيانه.